أزمة «أمن الدولة» تخفي المذهبية…وتعيد زمن الطائفية‏

لم تكن جلسة مجلس الوزراء بالأمس كما سابقاتها، ولا حتى الخلاف الذي أدّى بالرئيس تمام سلام إلى رفع الجلسة كان كالخلافات السابقة، بل كانت مشادة كلامية غلب عليها الطابع الطائفي الاسلامي المسيحي بين الوزراء، على خلفية «جهاز أمن الدولة».

تحوّلت جلسة مجلس الوزراء بالأمس إلى جبهة تراشق كلامي بين تكتل مسيحي لاسقاط «التهميش» عن «جهاز أمن الدولة المسيحي»، بوجه من يعرقل تحويل الاعتمادات المالية إلى جهاز أمن الدولة.
إلاّ أن وزير المال علي حسن خليل ردّ أقوال بعض الوزراء التي تتحدث عن حجب الأموال عن أمن الدولة وتقدَّمَ بجردة حساب عن العام الماضي والأشهر الأولى من الحالي، وقال إن «المشكلة تكمن في تجميد الأموال المخصصة للمصاريف السرية وبدل السفر إلى الخارج، لأنها تحتاج إلى توقيعَي قائد الجهاز ونائبه، وهذا لم يحصل، وبالتالي اسألوا ديوان المحاسبة عن هذا الأمر».
انفجر الخلاف بالأمس بحسب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج الذي بقي صامتًا طوال الجلسة «عندما بدأ البحث بالبند رقم 34 المتعلق بطلب وزارة الداخلية تحويل اعتمادات مالية لمصلحة مديريتي قوى الأمن الداخلي والأمن العام، فقام بعض الوزراء المسيحيين بإثارة موضوع جهاز أمن الدولة، ولم ينتظروا البند 65 المتعلق بهذا الموضوع والذي يطرح الخلاف بين رئيس الجهاز اللواء جورج قرعة ونائبه العماد محمد الطفيلي، فوقع الخلاف بين الوزراء والذي أخذ منحى طائفيا، خصوصًا أنّ رئيس الحكومة تمام سلام كان قد أدرج ملف جهاز أمن الدولة على جدول الأعمال ووضع تصورًا لحلً هذه الأزمة، وكان مقررًا أن يعطى هذا الملف حيزًا واسعًا من النقاش، خصوصًا أنّ الخلاف في ملف أمن الدولة ليس ماليًا فقط بل هو إداريا وفي التوظيف أيضًا».

دو فريج
وأكّد دو فريج في حديث لـ«جنوبية» انه «لو لم يكن الرئيس سلام قد أدرج هذا الملف على جدول أعمال الجلسة لكنت أيدت موقف باقي الوزراء، ولو وصلنا إلى بند 65 لكنت أعلنت موافقة تيار المستقبل على طرح الرئيس سلام ».

ووصف دو فريج الجلسة «بالأسوأ منذ بداية عهد الرئيس سلام، ورأى أنّ هذه المرحلة من الشقاق التي وصل اليها البلد هي بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية».

 

أمّا وزير الإعلام رمزي جريج فرفض في حديث لـ«جنوبية» القول بأنّ الجلسة أخذت منحى طائفيا وقال «هناك بعض الوزراء لم يدخلوا في السجال الذي حصل بالأمس، على الرغم من تحويل السجال إلى طائفي، ولكن هناك محاولة لتبريد الأجواء والعودة إلى مجلس الوزراء الثلثاء المقبل».

إقرأ أيضًا: «أمن الدولة» يعطل عمل الحكومة.. وهذه تفاصيل الجلسة

ومن جهة أخرى رأى المحلل السياسي نوفل ضوّ في حديث لـ«جنوبية» أنّ «الخلاف في ملف أمن الدولة طائفي وليس قانونيا، فلماذا عندما كان المدير العام لأمن الدولة شيعيا ونائبه مسيحيا لم نشهد مثل هذه الخلافات؟» وتساءل ضوّ أيضًا «لماذا في كلّ الأجهزة الأمنية للدولة يتخذ القرار المدير العام من دون أن يشاركه نائب المدير العام في الإمضاء؟ ولمذا هذه القاعدة لا يريدون تنفيذها على جهاز أمن الدولة لتصبح موافقة نائبه واجبة؟! فهل يقبل نواب ووزارء الطائفة الشيعية بأن يشارك المدير العام للأمن العام نائبه في التوقيع على القرارات؟».

نوفل ضووتابع ضوّ «المشكلة الحقيقية هي بوجود حزبين يصادران الطائفة الشيعية ويحاولان قضم كل قرارات الدولة؟ وهذا يعود إلى وجود أطراف في لبنان لا تريد تطبيق الدستور والقانون، لذلك نحن في مرحلة معركة على السلطة لإعادة رسم موازين القوى الجديدة في البلد، خصوصًا أنّ كل التحالفات السابقة لم تستطع رسم تصوّر وطني شامل بدل الإنقسامات الطائفية والمذهبية التي كانت سائدة في الحرب الأهلية سابقًا، والتي نعيشها حاليًا بصمت ولو كان السلاح بين يد جميع اللبنانيين لكنا اليوم في معركة مذهبية طائفية طاحنة».

إقرأ ايضًا: المشنوق لباسيل في مجلس الوزراء: الطائفية ليست عقدة بل مرض خطير
إذًا، كان بارزا بالأمس تحويل قضية «أمن الدولة» إلى ازمة مسيحية اسلامية، اجتمع حولها الخصوم بالسياسة من المسبحيين، بوجه حلفائهم المسلمين، ليظهر أنّ المسار السياسي لمستقبل لبنان يتجاوز الانقسام السني – الشيعي الى انقسام مسيحي –اسلامي.

وبحسب مراقبين، ما حصل في مجلس الوزراء بالأمس هو نتيجة لتفكك عقد 8و14 آذار وهي تحالفات على أساس سياسي لصالح تحالفات جديدة ذات طابع طائفي، وذلك نتيجة الترشيحات الرئاسية المستجدة التي خلطت الأوراق.

السابق
ميشال سماحة سيخرج من السجن عمره 73 عاماً.. وهذا شكله المتوقّع
التالي
إعادة الحكم على سماحة: شكرًا أشرف ريفي… ومبروك للبنانيين