السعودية تعاقب لبنان أم قوى 14 آذار؟

يبدو أن التصعيد السعودي تجاه لبنان في المرحلة القادمة سيد الموقف،وها هي دول الخليج العربي بدأت تحذو حذوها نحو اتخاذ إجراءات تصعيدية وتصاعدية تمثلت بالأمس، بالقرار السعودي والإماراتي والبحريني بتقييد سَفر رعاياها إلى لبنان. ضاربة عرض الحائط كل محاولات لبنان الرسمي بتطويق الأزمة وتداركها.

لم يعد مستبعدا استتباع هذه الخطوة بخطوات أكثر قساوة كترحيل المغتربين اللبنانيين أو سحب السفراء إضافة إلى سحب الودائع المصرفية السعودية من المصارف اللبنانية.

هكذا حمّلت المملكة لبنان أجمعه وزر سياسات وتجاوزات فئة معينة معروفة الإتجاه والإنتماء السياسي ونعني حزب الله، فعمدت الى تجميد هبة الجيش اللبناني، ومنعت مواطنيها من زيارة لبنان، منهية بذلك عقود من علاقات أخوية حميمة لعبت فيها المملكة دور الشقيقة الكبرى الحريصة كل الحرص على وحدة لبنان وأمنه واستقراره.

إقرأ أيضاً: إلى السعودية: أضيئوا شمعة الدعم بدل أن تلعنوا ظلام الخذلان

والسؤال هو: هل جاءت خطوة السعودية بوجه قوى الرابع عشر من أذار بسبب عدم تأييدها في صراعها في المنطقة مع ايران؟

ففي وقت نفذ صبر المملكة من تدخلات ايران في المنطقة إلى درجة إنتهجت سياسة الحزم العسكري والسياسي في التعاطي مع المشروع الايراني، يقارن المراقبون بين سياسة طهران والرياض في التعامل مع الملفات.

ففي حين نرى إيران وعلى الرغم من الاختلاف والتباين بينها وبين حركة حماس في الملف السوري إلا أنها لم توقف مدها بالدعم المالي يوما. فما زالت مؤسسة شهيد فلسطين تدعم عوائل شهداء ليس فقط حماس بل أيضا شهداء حركة فتح، إضافة إلى التعويضات للجرحى ومن هدم منزله من المناضلين ضد الاحتلال الاسرائيلي.

السعودية ايران

فعلى الرغم من الاختلاف في الملف السوري فان ايران تساعد حلفاءها في مكان ما، كي لا تخسره، شرط التعامل معه في ملفات أخرى، كذلك لا تتوانى عن مساعدة خصومها كي لا يتحولوا يوما ما الى أعداء دائمين.

هذا هو التكتيك البعيد النظر الذي تنتهجه إيران مع الخصوم قبل الحلفاء. أما الموقف الاعتباطي الذي اتخذته السعودية من لبنان عندما علا صوت واحد وهو صوت حزب الله صنيعة ايران المفترض ان يكون موقفه الطبيعي معاد للسعودية في ظل هذا الإنقسام الإقليمي، فان الرياض تعاملت مع لبنان عموما بقسوة واتخذت قرارات تعسفية ظالمة لم تتخذها يوما من قبل خصوصا في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي كان يتفهم حال اللبنانيين، والواقع الاقليمي المعرّض باستمرارلتبدلات سياسية وتحالفية.

كذلك، دوليا، لم نشهد يوما للولايات المتحدة الأميركية اتخاذ أي إجراء بحق لبنان عموما والمغتربين اللبنانيين لديها رغم الإساءات التي تتعرض لها يوميا من قبل حزب الله فتكتفي بالإجراءات والعقوبات بحق الحزب وبحق من هو على علاقة وثيقة به.

إذ لم يعد مفهوما النهج الجديد للسعودية في لبنان ولم يعد مفهوما ان كانت بهذا الأسلوب تعاقب الحلفاء أو الخصوم. وفي هذا السياق، رأى مصدر متابع لـ “جنوبية” أن السعودية ضاقت ذرعا من سياسة 14 أذار التي لم تسجل حتى اليوم موقفا حازما وصارما تجاه المملكة خاصة وانها تبرهن يوما بعد يوم عجزها واستسلامها للهيمنة الإيرانية. خصوصا، بعد موقف باسيل المتحفظ من إدانة التعديات الإيرانية على السفارة السعودية والقنصلية السعودية وخروجه عن الإجماع العربي.

الكاتب والصحافي راشد الفايد
الكاتب والصحافي راشد الفايد

ومن جهة أخرى، رأى الكاتب السياسي راشد الفايد أن “اتجاه السعودية الأخير فيما يتعلق بمنع رعاياها من السفر الى لبنان مبني على تجارب سابقة وذك بناء على التصريحات المبطنة والوقائع على الأرض كالعمليات الفردية والاختطاف التي حصلت سابقا ويمكن ان تتكرر، نظرا لتفلت السلاح في الداخل وخاصة الذي يحمله انصار حزب الله”. وأكّد لـ “جنوبية” أن “من حق هذه الدول تحذير رعاياها “. مضيفا ” المملكة محقة ويجب تفهمها”.

ولفت الفايد إلى أنه “من دعاة رفع استراتيجية عمل في 14 أذار لمواجهة نهج حزب الله وذلك من خلال رفع الصوت عاليا والصمود في وجه هذه التصرفات وعدم الخضوع لها وذلك ليس بالسلاح. لكن، برفع الصوت عاليا”. مشيرا إلى أنه ” المطلوب من 14 أذار العمل أكثر من اطلاق البيانات والتصريحات بل العمل شعبيا. فكما لدى حزب الله أهال، فانه لدى قوى 14 أذار شعب بأكمله لم يتردد في السابق في الوقوف بوجه الوصاية السورية”.

إقرأ أيضاً: هل سيتحرّك الرئيس برّي لإنقاذ المغتربين في الخليج؟

كذلك استبعد فايد ” لجوء السعودية إلى ترحيل اللبنانيين وهذا كان واضحا في بيانها الوزاري الذي شددت فيه على علاقتها بلبنان “. مشيرا إلى أنه “في موضوع الهبة للجيش اللبناني نحن نتفهم موقفها”. متسائلا “هل نستطيع الجزم أن أصابع حزب الله لا تتدخل بمؤسسة الجيش؟ وهل نستطيع أن نجزم بعدم هيمنة حزب الله على قرارات الدولة”. لافتا إلى أن “الهبة جمدت وهي قابلة للنقاش وذلك عندما تستعيد الدولة قرارها”.

السابق
هل تدفع الازمة السعودية – اللبنانية الى حرب اهلية وانهيار اقتصادي؟
التالي
دولة قطر تدعو مواطنيها إلى عدم السفر إلى لبنان ومغادرته