هكذا فضّل الدستور اللبناني المرأة الأجنبية عن المرأة اللبنانية!

ندوة شؤون جنوبية الشمال
نظمت مجلة "شؤون جنوبية" ندوة بعنوان "التمييز ضد المرأة في قانون الجنسيّة اللبناني"، في مركز جمعية "الرباط" في 25/7/2015 في طرابلس. قدّمت الندوة أمينة سر جمعية "الرباط" الاجتماعية رُلى غمراوي مرحبةً، وأدارتها المدرّبة لبنى بولاد. تخلّل الندوة نقاش بين النسوة اللواتي تعجبن من مضمون القانون اللبناني الذي يظهر التمييز ضدّ المرأة.

فوجئ النسوة اللواتي اجتمعن في مقرّ “جمعيّة الرباط” البداوي، حين عَلِمن أن نص القانون اللبناني يمنع الجنسية عن أبناء كل لبنانيّة تتزوّج من أجنبي وخصوصاً في مضمون المادة الأولى، ويتحفّظ على المادة التاسعة من اتفاقية “سيداو“. وطالبن بتعديل الأولى، ورفع التحفّظ عن الثانية.

اقرأ أيضاً: حقوق المرأة اللاجئة من فلسطين وسوريا حوارات وتوصيات وشهادات

فقد أكّدت المدرّبة لبنى بولاد في بداية الندوة أن الغرب اعترف منذ بداية القرن الماضي بحق المرأة في منح جنسيتها لزوجها الأجنبي ولأولادها. كما جاءت جميع المواثيق الدولية لتؤكد على حق المرأة في المساواة التامة مع الرجل. لأن حقوق المرأة هي عالمية وغير قابلة للتصرف، وغير قابلة للتجزئة، وهي حقوق مضمونة دوليا” ومحمية قانونيا” كما أنها ملزمة للدول.

نتائج التمييز في الجنسية خطيرة على اللبنانية ومستقبل أولادها

وأهم المواثيق والاعلانات التي حملت لواء المرأة هي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وبشأن الجنسية فقد أكدت المادة التاسعة منها على حق المرأة في الاحتفاظ بجنسيتها حين زواجها من أجنبي وبحقها إعطاء جنسيتها لزوجها ولأولادها.

الجنسية في التشريع اللبناني

وحول الجنسية في التشريع اللبناني قالت بولاد: “ينص الدستور اللبناني في مادته السابعة على أن كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض العامة والواجبات دون فرق بينهم”.

أما بالنسبة للجنسية فتم تنظيمها في قانون يؤكد على ما يأتي:

– حصر رابطة الدم بالأب ما يؤدي الى عدم إمكانية المرأة منح جنسيتها لأولادها…

– عدم إمكانية المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي منح جنسيتها لزوجها الأجنبي.

– التمييز بين الأم اللبنانية الأصل والأم الأجنبية التي اكتسبت الجنسية اللبنانية لأن الزوجة الأجنبية التي تقترن بلبناني تصبح لبنانية بعد مرور سنة على تسجيل الزواج في قلم النفوس كما ويمكنها منح الجنسية اللبنانية المكتسبة لأولادها من زواج سابق. بل أكثر من ذلك ان المرأة التي فقدت بزواجها من أجنبي لجنسيتها اللبنانية لا تستطيع مجدداً اكتساب هذه الجنسية إلا بشرطَي، موافقة الزوج الأجنبي والإقامة خمس سنوات متتالية في لبنان.

لماذا ينتقص قانون الجنسية من مواطنية وكرامة المرأة اللبنانية؟

ليس للزوج الأجنبي المتزوج من امرأة لبنانية حقوقاً متساوية في الحصول على الإقامة بينما تتمتع المتزوجة من لبناني بحقوق أوسع…

ولبنان تحفّظ على المادة التاسعة من “سيداو” والتبرير مرده الى أن اللبنانيين لا يخضعون لقانون الأحوال الشخصية نفسه بل يخضع كل منهم لقوانين الأحوال الشخصية والمحاكم التابعة لإحدى طوائف لبنان (18 طائفة) المعترف بها التي تنظم قضايا الزواج والوضع العائلي والإرث.

نتائج التمييز ضد المرأة

وأضافت: من نتائج التمييز ضدها:

– تضييق وحرمان من التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لجهة العمل والتعليم والطبابة.

– التكلفة المادية المرهقة نتيجة التشدّد في ضرورة تجديد الإقامة والأوراق الرسمية كل عام.

– حرمان من التمتع بالحقوق المدنية والسياسية: المُلكية، الإرث، الانتخاب..

– إنتقاص من الشعور بالمواطنية والانتماء الى البلد الذي يعيش فيه الأولاد والزّوج.

– انتقاص من مواطنية المرأة لاقتصار رابطة الدم معياراً لإكتساب الجنسية على الأب.

– الحرمان من الحماية القانونية…

– المشاكل النفسية التي تلحق بالأسرة لناحية القلق على مستقبل العائلة…

ما هو المطلوب؟

التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكاً لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان وهي مبادئ أساسية أكدت عليها المواثيق الدولية كما ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية… لذلك طالبت بولاد الدولة اللبنانية:

– رفع تحفظها عن المادة التاسعة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – تعديل قانون الجنسية اللبناني بحيث تصبح المادة الأولى منه: “يعد لبنانياً من ولد لأب أو أم لبنانية”.

المساواة المطلوبة

تابعت لبنى بولاد: “للأسف، إن القانون اللبناني، هو يميِّز ضدّ المرأة، في أنه لم يعطها إمكانيّة، أنها، في حال تزوجّت من رجلٍ أجنبي (غير لبناني)، أن تقدر أن تمنح جنسيّتها اللبنانية، لزوجها، أو لأولادها”.

ألغوا التحفظ عن المادة التاسعة من اتفاقية “سيداو”

ووضحت: “وأودّ هنا أن أقدّم نبذة تاريخية، عن المسيرة الحقوقيّة، حول موضوع المساواة، بين الرجل والمرأة، في القوانين: في أوروبا، في بداية القرن الماضي، نالت المرأة حق منح جنسيّتها لزوجها ولأولادها، في حال تزوّجت من أجنبي؛ بينما نجد أنه في الدول العربية، حتى لو تزوّجت المرأة من رجل عربيّ، لا يحقّ لها أن تعطي جنسيّتها، لا لزوجها ولا لأولادها. هذا، علماً، أنّ كل المواثيق الدوليّة، والإعلانات التي تخصّ حقوق الإنسان، دائماً ركّزت في اشتغالها على نقطة، شدّدت فيها على المحافظة على كرامة المرأة – الإنسان.

ولماذا نحن، نعمل على هذا الموضوع، ذلك لأن المرأة هي إنسان، بالدرجة الأولى. وفي مجال حديثنا عن موضوع “الجنسية”، فكما أنه يحقّ للرجل منح جنسيّته لزوجته ولأولاده، كذلك فإن المرأة بصفتها إنساناً، كما الرجل، لها نفس الحقوق في هذا المجال، أي يحقّ لها أن تمنح جنسيّتها لزوجها وأولادها.

ندوة شؤون جنوبية الشمال

ولبنان هو عضو مؤسس في هيئة الأمم المتحدة، وهو صَادَقَ على كل ما يصدر عن هذه الهيئة من إعلانات ومواثيق واتفاقيات، ما عدا اتفاقية واحدة، وهي التي نعتبرها، في مجال عملنا، كجمعيات نسائية، أنها “دستورنا”/ دستور المرأة، لأنها هي خاصة بالمرأة، وهذه الاتفاقية إسمها: “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة”، وهي تعرف بـ”اتفاقية سيداو”.

لبنانُ يميّز بين الرجل والمرأة!!

ميَّز لبنان، بين الرجل والمرأة في قانون الجنسية، “في حصر رابطة الدّم بالأب”، فما هي نتائج التمييز ضد المرأة، في ما خصّ قانون الجنسية، الذي يحرم المرأة من أن تمنح جنسيّتها لزوجها وأولادها؟ حول هذا الموضوع تعاقبت الآراء والنقاشات وهنا سألت المدرّبة لبنى بولاد: ما هو المطلوب، لتحسين وضع المرأة، بالاقتراب من المساواة، بينها وبين الرجل على صعيد قانون الجنسية؟

وجواباً على هذا السؤال أجمع الحضور على الآتي:

– المطلوب من الدولة اللبنانية: أن ترفع تحفُّظها عن المادة التّاسعة من “اتفاقية سيداو”، أو “القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”، وأن تُعدِّل قانون الجنسية اللبنانيّ، بشكل تُصبح معه المادّة الأولى معدّلة كالآتي: “إنّه يُعدُّ لبنانيّاً كل من وُلِد لأب لبنانيّ، أو أم لبنانيّة”. أي إلغاء حصر رابطة الدّم بالأب، فقط، فمثلما الأب يحق له منح جنسيته لزوجته وأولاده، كذلك من المفروض أن تتساوى به المرأة، ويصبح لها حق منح جنسيتها اللبنانية لزوجها وأولادها. وأعتقد الحضور أن من شأن هذا التعديل أن يعوّض الإجحاف الذي لحق بالمرأة اللبنانية التي تتزوّج من غير لبناني لمنح الجنسيّة لأبنائها.

اقرأ أيضاً: نساء لبنانيات: «ظلمونا في البيوت والمحاكم المذهبية أيضاً»

شهادات من الندوة

عبّر عدد من المشاركين والمشاركات عن آرائهم بالندوة المنعقدة حول حق المرأة بإعطاء الجنسية لعائلتها وكانت الآراء كالآتي:

· أسامة عتال: أعتقد أن طريقة طرح الموضوع كانت جيدة. خصوصاً المعلومات المقدمة. وأنا مع إعطاء المراة الجنسية لأبنائها، لكني لست مع إعطاء الجنسية لزوجها، لأبنائها فحسب.

· عبد الكريم غمراوي: كانت ندوة جيدة، لم أكن أعلم أن لبنان قد تحفظ على المادتين 9 و16 من اتفاقية سيداو، أي أنه أبقى على التمييز ضد النساء.

· ذكاء غمراوي: حصلت على معلومات لم أكن أعرفها سابقاً، ولكن لم أستطع أن أستوعب أمراً، القانون يمنع المرأة من إعطاء الجنسية لعائلتها لكن القانون يمنح الجنسية لأبناء المرأة الأجنبية المتزوجة من لبناني، وأبوهم أجنبي، كيف ذلك؟

· محاسن عثمان: أرى أنه من الضروري أن يكون لنا موقفاً موحداً من القوانين التمييزية تجاه المرأة. وإذا كان الدستور يقول أننا متساوون لماذا التمييز في الجنسية؟

· جومانا غمراوي: إنها ندوة مهمة إذا كانت تأتي في سياق التحرّك لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في لبنان.

· حلا سمسم: استفدنا جداً من هذه المعلومات وخصوصاً حول البنود التي تحفّظ عليها لبنان من اتفاقية “سيداو”. وأرى أن الهدف الأساسي هو: كيف تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة.

· رولا غمراوي: أعتقد أن أهمية هذه الندوة تكمن في وجهات النظر المتنوعة التي طرحت خلالها، كما أن مشاركة عدد من الشباب فيها أغناها وأعطاها أهمية خاصة.

السابق
العلامة محمد حسين الحاج: لتحقيق مطالب المواطنين من الإستقرار ورفع الحرمان
التالي
بالفيديو.. رجل يتجوّل في رواق أحد الفنادق عارياً