منذ العام 2005 إعتاد اللبنانيون على مشهدية الساحة المنقسمة بين 8 و14 آذار. وبعد عشر سنوات وفي حمأة الإنقسام تحرك الشارع خارج إطار هذا الانقسام الطائفي والمصلحي الرتيب، وشاهدنا لأول مرة تظاهرات حاشدة لا يقودها “السيد والشيخ والبيك والحكيم والجنرال”.
وكما كل حراك شبيه، لا حركة منظمة له ولا قائد يدير دفّة الشارع، فمن الطبيعي أن تتشعب المطالب ليصير كل فرد قائد نفسه، ويطرح المشاكل ويعطي الحلول طالما ان الهواء الديموقراطي إن صح التعبير يتيح له البوح عن أوجاعه وهمومه المطلبية. هنا يأتي الدور في تحديد الأولويات ذات الطابع المطلبي.
إن الصراع مع السلطة يكون وفق معادلة خذ وطالب، وعليه تكون الأولويّة لملف النفايات كواجهة مطلبية بوجه الحكومة العاجزة، لأنّ الناس تعبت وأثقل كاهلها الفساد، فباتت توّاقة لتحقيق ولو مطلب واحد تبني عليه آمالا، لذلك ستكون تظاهرة 9 أيلول متماهيّة مع مطالب الناس والتشديد على المطلب الأساس ألا وهو حل أزمة النفايات.
أحد مؤسّسي حملة “حلو عنّا” علي طي أكدّ في حديث لـ”جنوبية” أنّ “السلطة في لبنان حاولت الإلتفاف على الحراك المدني عبر إعادة طاولة الحوار، لذلك قرّرنا أن تكون التظاهرة في مكان إنعقاد الحوار، للتشديد على المطالب الأربعة الأساسية: إستقالة وزير البيئة، محاسبة مطلقي النار على المعتصمين، تأمين أموال البلديات، واجراء الإنتخابات النيابية”.
وتابع طي “هناك تنسيق بين كل الحركات والأطراف المشاركة في الحراك، مع الأخذ بعين الإعتبار أن كل جمعية لها خلفيتها الفكرية والسياسية. والأهم في كل هذه التحركات أنّ الناس تخطّت احزابها”.
كذلك رأى أيمن مهنا وهو من منظمين حراك المجتمع المدني أنّ “الأطراف السياسية حاولت تعويم نفسها عبر طاولة الحوار، ضاربة بعرض الحائط المؤسّسات المعطلة أصلا بفعل الخلافات والمماحكات السياسية بين الأطراف السياسية”.
على الصعيد اللوجستي أكدّ مهنّا أنّ “التنسيف كامل بين كل الحملات والأطراف المشاركة في التحرك، بعد أن أنهوا التجهيزات من المسرح للصوت للإضاءة”.
وختم مهنا أنّ “هناك تحالف قيد الإنشاء، ستكون عناوينه الأساسية، حقوق الناس ببيئة نظيفة، ورفض أي شكل من أشكال الفساد، وتحقيق اللامركزية الأدارية، والإلتفاف حول المؤسسات الدستورية”.
