الصايغ: مبدأ الحياد يضمن السلم الأهلي في المجتمعات التعددية

أكد الوزير السابق للشؤون الاجتماعية البروفسور سليم الصايغ، خلال محاضرة ألقاها في مؤتمر "مستقبل الأقليات الدينية والعرقية في الشرق في مرحلة ما بعد الربيع العربي" الذي يعقد في مدينة كيبيك الكندية، أنه يمكن تلخيص "المسألة الشرقية الجديدة في عدة عوامل رئيسية أهمها كيفية تحول الأنظمة السياسية في العالم العربي الى أنظمة تضمن استمرار الديموقراطية وإدارة التعددية الثقافية والدينية المركبة مع الحفاظ على التوازن بين استقرار هذه المجتمعات وضمان الحرية فيها".

وقدم تشخيصا للصعوبات التي تواجه إدارةالتنوع المركب (الذي عرفه بأنه تنوع داخل المجموعات، وفي نفس الوقت تنوع بين المجموعات والإثنيات المختلفة في الشرق الأوسط) والمشكلات البنيوية الأخرى التي تواجهها مسألة التحول الديموقراطي.

ورفض "جملة وتفصيلا الإدعاءات التي تعتبر أن الشعوب العربية لم تبلغ بعد مرحلة النضج السياسي وأنها غير مستعدة للتجربة الديموقراطية، رافضا القول أن التقليد يقطع الطريق أمام الحداثة وأن الإسلام لن يتمكن أبدا من الجمع بين مبدأي المساواة والحرية وأن مؤشرات التنمية البشرية المنخفضة جدا في العالم العربي لن تعطي فرصة لنجاح الثورات".

ودعا الصايغ "للعمل على إطلاق خطة مارشال عربية التي كان الرئيس الجميل قد طالب بها عام 2012 من أجل دعم التحول الديمقراطي في العالم العربي"، معتبرا أنه "في حال عدم إطلاق خطة كهذه فإن تثبيت التحول سوف يحتاج لوقت أطول وستكون الديمقراطية أكثر ضعفا في وجه التطرف".

وأكد أن "لبنان سيلعب دورا أساسيا في هذا المجال من خلال نموذج التعايش القائم فيه إذا توفر له الدعم الاقتصادي كون الميثاق الوطني اللبناني يستند على المبادىء التي من الممكن اعتمادها كأفضل طريقة لإدارة التنوع المركب"، موضحا أن "روحية هذا العقد الاجتماعي يمكن أن تطبق في الممارسات اليومية وأن تساعد الأنظمة الأكثر انفتاحا على تحقيق التوافق والتأسيس لتوازن أفضل في تقاسم السلطة".

وقال ان "اعتماد الميثاق الوطنى سيؤدي إلى فصل مبدأ العدد عن النفوذ السياسي في السلطة، وبالتالي فإن تعزيز عملية التحول الديمقراطي ينبغي أن تتم عن طريق قبول عام لمبدأ حياد الأمة المنصوص عليه في الميثاق الوطنى والذي يستحق أن يتجدد اليوم، وسيؤمن هذا التجدد إذا ما طبق فى بلاد الربيع العربي حماية حدود تلك الدول ويحفظ مبدأ عدم التدخل بشوونها والمحافظة على وحدة وسلامة أراضيها وهو مبدأ من مبادىء القانون الدولي"، مشيرا الى ان هذه "الحدود مهددة اليوم بحالة الفلتان الناتجة عن الحرية المباحة لتنقل الأشخاص والأسلحة عبر الحدود باسم التضامن العرقي أو الديني أو السياسي".

واعتبر ان "مبدأ الحياد يضمن أيضا السلم الأهلي بين مكونات الأمة في المجتمعات التعددية"، معززا ذلك ب"إضافة البعد الاجتماعي".

واعتبر أن "تقاسم السلطة لا يمكن أن يكون فقط من فعل المجموعات العرقية والدينية وحسب لأن خط الشراكة الاجتماعية والسياسية يعبر من خلالها ويتجاوزها، وجوهر الأمر هو المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي تخرج النقاش من الإطار الكلاسيكي للحقوق المدنية والسياسية، فالمطلوب أن يأخذ تقاسم السلطة هذا بعين الاعتبار الفضاء المدني المشترك".

وأشار الى أن "لبنان قد استكمل الميثاق الوطني من خلال الميثاق الاجتماعي الذي من شأنه أن يعزز الميثاق الوطني عبر فتح مجال المشاركة في الحياة السياسية على أسس جديدة".

وأمل الدكتور الصايغ من خلال ذلك "جعل الفضاء السياسي أكثر مجتمعيا وأكثر انفتاحا على أبعاد جديدة"، معتبرا أن "إدارة التنوع المركب بهذا الشكل تتيح الخروج من التضامن العرقي والطائفي لبلوغ المواطنية المتضامنة ويؤدي الى الابتعاد عن التطرف المدمر للدخول في الاعتدال المسالم".
  

السابق
هل سيعود رفسنجاني لرئاسة إيران?
التالي
فتفت: تأجيل إعلان التشكيلة الحكومية يعني مرحلة إنقلاب جديدة