لماذا أخافت جريمة برج البراجنة حزب الله؟

تفجير برج البراجنة
كان لافتاً جداً ردة فعل حزب الله على الجريمة الإرهابية التي ضربت منطقة برج البراجنة ، والتي راح ضحيتها عشرات الأبرياء بين شهيد وجريح وما تبعها من مواقف جاءت على لسان الأمين العام لحزب الله بالكلمة المتلفزة التي ألقاها وتناول فيها الحدث بشكل مركز .

كان لافتا كلمة السيد حسن نصرالله عقب عملية التفجير التي اتسمت بأعلى درجات الهدوء والدعوة إلى التلاقي، مع مبادرة صريحة بالسعي نحو تسوية سياسية تضع حداً لكلّ ما يعانيه البلد من تعثر لمؤسساته الرسمية، كما وكان لافتاً أيضا الغياب التام لنبرة التحدي والإصرار على المواقف والإستفادة من الحدث الفاجعة لشحذ الهمم وتعبئة الجماهير كما كان يحصل بالعادة بعد كل استهداف طال الضاحية الجنوبية، تلك التفجيرات “السخيفة” رغم إجرامها، ويقوم بها هواة رغم إجرامها .لدرجة أنّه كان يشكك بأصل التفجيرات السابقة وخلفياتها ، وأنّ الهدف الحقيقي وراءها إنّما هو تبرير التدخل بالحرب السورية، وممّا كان يساعد هؤلاء المشككين حينها هو حجم الأضرار البشرية المعدومة التي كانت تخلفها ، ونستذكر أنّ بعضها لم تقتل إلاّ الإنتحاري نفسه فقط لا غير.

اقرأ أيضاً: كيف ضرب الإرهاب برج البراجنة؟

وبالعودة إلى جريمة البرج ، فلا شكّ أنّنا أمام نمط انتحاري مختلف تماماً، وأمام عملية مدبرة بإتقان هذه المرة مع طبيعة مختلفة وتخطيط جديد كلياً، وهذا ما يمكن أن يفسر حجم الضحايا الكبير
إلاّ أنّ عدد الشهداء وحده لا يعتبر سبباً كافياً يجعل من حزب الله يغيّر من نسق تعاطيه مع الحدث، فحزب الله تاريخياً لا يتوقف كثيراً عند الضريبة البشرية التي يمكن أن تكلفه طالما أنّها تصب في خدمة الوصول إلى الهدف المرسوم، ممّا يعني أن متغيراً كبيراً قد طرأ على الأجندة التي يعمل وفقها الحزب ، وجاءت هذه الجريمة كمؤشر على مرحلة جديدة يخشى حزب الله الدخول فيها.
أعتقد جازماً بأنّ للدخول الروسي المباشر وإمساكه لخيوط اللعبة على الساحة السورية ، ووضع اليد على كل عدة الشغل المستعملة من قبل النظام وفي مقدمتها رأس الهرم بشار الأسد، واستعمالها وفق خريطة الطريق التي تخدم مشروعه هو والتي من ضمن العدة المعتمدة هي المجموعات الإرهابية التي كان النظام يشرف عليها ويربيها ويستعملها لمآربه، هذه المجموعات التي كان قد أخبرنا عنها رئيس الحكومة العراقي المخلوع نور المالكي، هي طبعاً غير بعيدة عن أنظار المخابرات الايرانية وبالتالي أجهزة الأمن التابعة للحزب، والتي كانت لوقت ليس ببعيد ( قبل الدخول الروسي ) تعتبر إلى حد بعيد تحت السيطرة إن لم نقل بأنّها ضمن الأدوات المستعملة في وجه أعداء النظام .

اقرأ أيضاً: التفجير الانتحاري المزدوج ….تكملة رسالة دموية

ومع انتقال النظام السوري وإرتمائه في الحضن الروسي وخروجه عن الطاعة الإيرانية، في ظل تنسيق اسرائيلي روسي يعلن عنه كل يوم ، فإنّ هذه المجموعات وفي مقدمتها المجموعات الإرهابية العاملة تحت اسم داعش، هي الآن في صندوق العدة الروسي حصراً، ممّا يعني إمكانية تحوّلها بين ليلة وضحاها إلى عدو حقيقي لحزب الله وبيئته، مترافقاً هذا كله مع حاجة بشار الأسد وخلفه حليفه الجديد لتقديم أوراق اعتماد كبيرة عشية لقاءات فيينا وما يدور في أروقتها من مباحثات تحدد من خلالها مستقبل النظام .

تفجير برج البراجنة

وحزب الله الذي يعرف حقّ المعرفة بأنّ بشار الأسد كما أيّ مستبد حاضر أن يبيع أمّه في سوق التسويات من أجل ضمان بقائه في الحكم، هو يعرف تماماً أنّه حاضر لبيع ورقة داعش (فرع النظام) لأعداء حزب الله من أجل نفس الغاية، ويؤكد على هذا الكلام ما قيل عن اكتشاف بطاقة تابعة للأمن السوري في منزل المجرم عدنان سرور الذي تولّى نقل الإنتحاريين إلى مكان الجريمة، وعلاقته الوطيدة مع النظام ودخوله إلى سوريا وخروجه منها عبر الطريق العسكري؟

اقرأ أيضاً: برج البراجنة: منطقة سنية شيعية فلسطينية.. والقاتل قتل منهم جميعاً

هذا ما يمكن أن يفسر شعور حزب الله “بالسّخن” وبالتالي هرولته نحو الداخل اللبناني ونحو أحضان الافرقاء اللبنانيين الذين نسيهم طويلاً، علّه يجد الآن ما قد لا يجده بعد تكرار الضربات لا سمح الله….

السابق
دولة المواطنة
التالي
أوباما: الاستراتيجية الأميركية في سوريا تهدف إلى تغيير المعطيات