الاخبار: أول مطالب عون على طاولة مجلس الوزراء الأربعاء

وضع أطراف الحكومة ملف تمويل المحكمة الدولية وراءهم، وعادوا إلى ما قبل إطلاق رئيس الحكومة معادلة: التمويل أو الاستقالة، وقبل اعتكاف وزراء تكتل التغيير والإصلاح، لكنها عودة ستكون محكومة بأولويتين: وضع ملف شهود الزور على سكة مجلس الوزراء، وبدء البحث الجدي في مطالب العماد ميشال عون
طويت صفحة التمويل ومعها التهديد بالاستقالة والاعتكاف والمقاطعة، وإلى قصر بعبدا يتوجه ممثلو كل أطراف الأكثرية، مكتملي النصاب، يوم الأربعاء المقبل، لعقد جلسة تسبق سفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى أرمينيا، حيث سيبقى حتى يوم السبت في 10 من الجاري، لكن ذلك لا يعني أن الجلسة المنتظرة ستكون جلسة تحقيق الوعود والمطالب، بدليل أن جدول أعمالها متواضع قياساً إلى المطلوب إنجازه من طرفين رئيسيين في الحكومة، هما حزب الله والتيار الوطني الحر.

فهذا الجدول المتخم بـ123 بنداً، لا يتضمن ملف شهود الزور، ولا يحوي من المطالب إلا البند الـ72 وهو تصحيح الأجور، إضافة إلى إدراج طلب وزارة السياحة ملء المراكز الشاغرة في ملاك قسم الشرطة السياحية، وما عدا مشاريع مراسيم للبيئة مؤجلة من جلسة يوم 12 الشهر الفائت، فإن باقي البنود عادية. مع الإشارة إلى أن الجدول نقص بنداً كان مدرجاً على جدول الجلسة التي أرجئت يوم الأربعاء الماضي، وهو دفع حصة لبنان لتمويل المحكمة الدولية.
ويبدو أن التحضيرات للجلسة المقبلة وما سيليها، شهدت زخماً على محور الرابية ـــــ فردان، فبعد لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الطاقة جبران باسيل أول من أمس، اجتمع ميقاتي أمس مع وزيري العمل شربل نحاس، والاتصالات نقولا صحناوي، وفيما غادر الأخيران السرايا دون الإدلاء بأي تصريح، أكدت مصادر تكتل التغيير والإصلاح أن اجتماع ميقاتي وباسيل كان إيجابياً « لكننا ننتظر الأفعال لنرى ترجمة هذه الإيجابية». وحذرت هذه المصادر من إمكان الربط بين قضيتي تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى وملف شهود الزور «مع ما يعني ذلك من تطيير للاثنتين عبر القول إن إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي بحاجة إلى رئيس مجلس قضاء أصيل، لكون نائب رئيس المجلس القاضي سعيد ميرزا، طرفاً في ملف شهود الزور». ورفضت المصادر «رمي» ملف تعيين رئيس مجلس القضاء بين رئيس الجمهورية والعماد ميشال عون «لأن التعيين من اختصاص مجلس الوزراء».

وفي المقابل، بقيت مصادر ميقاتي عند رأيها في أن قضية تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى تحل بين سليمان وعون. وأكدت في الوقت نفسه وجود إيجابية من رئيس الحكومة تجاه مطالب عون، معطية دليلاً على ذلك إدراج بندي تصحيح الأجور وملاك الشرطة السياحية على جدول الجلسة المقبلة. أما بالنسبة إلى قضية شهود الزور، فتضعها عند وزير العدل شكيب قرطباوي، الذي لم يُحل المشروع بعد على رئاسة مجلس الوزراء. في وقت أعلن فيه قرطباوي أمس أنه في صدد الإعداد لمشروع يحيل بموجبه هذا الملف قريباً.

وكان ميقاتي قد جدد خلال افتتاحه معرض الكتاب الخامس والخمسين أمس، القول «إن طيّ صفحة تمويل المحكمة يمثّل خطوة في مسار عمل الحكومة الحافل بالاستحقاقات الاقتصادية والإنمائية والإدارية والتربوية»، مشدداً على «المزيد من التضامن والتعاضد لإكمال ما بدأناه في حكومة اتخذت شعاراً لها: كلنا للوطن… كلنا للعمل». وقال «أمامنا الكثير لتحقيقه من مشاريع أُنجزت دراساتها، ووُضعت خطط العمل لها، ومن غير الجائز أن تعطلها التجاذبات السياسية والمماحكات اليومية»، مؤكداً «أن ورشة العمل في الحكومة ستنطلق من جديد وبزخم، وستجد المسائل التي لم تنجز بعد كل العناية التي تستحق، وفقاً للأولويات التي حددها مجلس الوزراء لتفعيل القطاعات كافة». ودعا جميع القادة إلى التلاقي والتكافل وإلى «ألّا ندع المصالح تضرب استقرارنا وتقدمنا».. وإذ لم يعلق ميقاتي في كلمته أمس على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لفت بعد دفاعه عن قرار التمويل، قوله إنه لا يرى أن ما حصل إنجاز، فـ«الإنجاز الحقيقي يتحقق عندما يفي المجتمع الدولي بكل التزاماته تجاه لبنان، وعندما نحفظ مصلحة بلدنا ونعزز مسيرتنا الأهلية». وأعلن أنه لن يتوقف «عند التحليلات والروايات التي صدرت تعليقاً على هذا القرار، ولن أدخل في المزايدات أو التبريرات»، فـ«التضحية والعطاء في سبيل الوطن مدعاة افتخار وواجب، لأن مصلحة الوطن تعلو ولا يعلى عليها. وعندما تتعرض لأي انتكاسة أو خطر، علينا أن نجهد في إيجاد المخارج التي تحميه، ولو كلفتنا تضحيات بمواقف ومراكز، فهناك دائماً المصلحة العليا التي تعلو علينا جميعاً».

على المقلب الأخر، انحسرت مواقف المعارضة في الرد على نصر الله، وخصوصاً من تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وجاءت أبرز الردود من المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري، لا من الحريري نفسه، عبر بيان تحدث عن الحريري لا بلسانه، وعدّ فيه خطاب نصر الله قد عبّر عن «انزعاج» الأمين العام لحزب الله من: المستقبل، ومن الحملات السياسية لنوابه، مهرجان طرابلس، من الرئيس سعد الحريري ومن حجمه السياسي، تمويل المحكمة الدولية، ومن المحكمة الدولية. ورأى المكتب أن الحديث عن «التحركات الشعبية والسياسية في كل من لبنان وسوريا، والربط بينهما في إطار مذهبي بحت، إنما هو كلام مردود إلى صاحبه، وبضاعة فاسدة لن تجد من يشتريها في الربيع العربي».

وبالنسبة إلى المبادرة السعودية ـــــ السورية، رد مكتب الحريري اتهام تعطيلها باتهام مماثل، مردفاً أن هذه المبادرة «في كل الأحوال انتهت قبل شهور قليلة من سقوط أحد ركنيها الرئيسيين»، وأن الحريري «في المكان الطبيعي الذي يعبر فيه عن إرادة معظم اللبنانيين، ويوفر الحماية المطلوبة لمسار المحكمة والعدالة»، وأن الأخير «لن ينحدر إلى سجال المزايدة في كشف أوراق تصونها أخلاقية رجال الدولة، في سعيهم مع ملوك ورؤساء ومسؤولين كبار للوصول إلى مصالحة ومسامحة حقيقية لحماية لبنان».
وفي ما خص «ورقة» المبادرة القطرية ـــــ التركية، لم ينف المكتب وجودها ولم يؤكده، مكتفياً بالقول إن الحديث عن أن «اقتراحات رئيس وزراء قطر ووزير خارجية تركيا كانت ستفضي إلى تسليم البلاد الى الرئيس سعد الحريري وفريقه السياسي»، هو «افتراض مغلوط جملة وتفصيلاً، ولا يمت الى الحقيقة بصلة». ورفض شرط نصر الله أن يكون التمويل من الهبات لا من جيوب اللبنانيين «لأن التمويل حصل وهو أسهم في حصوله، ولأن أيّ هبة تحصل عليها الدولة تتطلب موافقة مجلس الوزراء، وتصبح بالتالي جزءاً لا يتجزأ من المال العام». ورأى أن نصر الله طالب رئيس الحكومة «بمقايضة تمويل المحكمة بدفتر شروط سياسي وإداري له وللتيار الوطني الحر». وسأل «كيف تغطي قيادة الحزب وأمينه العام ومجلس الشورى فيه تمويل محكمة يقولون إنها إسرائيلية؟»، ليخلص إلى القول إن المحكمة «حصلت على التمويل وألف خطاب من مثل هذا الخطاب لن يلغي اعتراف الدولة اللبنانية بالمحكمة وبمسارها».
وبالمعنى نفسه، جاءت ردود عدد من نواب المستقبل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي ركز في رده بالهجوم على العماد عون.

في مجال آخر، أعلن حزب الله أمس، أن «المقاومة الإسلامية أحبطت عملية تجسس إسرائيلية، حيث اكتشفت جهازاً على الخط السلكي في الوادي الواقع بين بلدتي صريفا ودير كيفا، قبل أن يقوم العدو الصهيوني بتفجيره بواسطة طائرة استطلاع من الجو، ولم يصب أيّ من مجاهدي المقاومة بأذى» 

السابق
مفارقة تكرار الأخطاء بين الحكومتين
التالي
لأ مشي الحال