هل يتعظ «حزب الله» من السلاح الفلسطيني؟!

حزب الله فلسطين

في لحظة تاريخية هامة كان رعيل الثورة الفلسطينية الأول في بيروت يتساءل بصمت، ما الذي يجعلنا نمسك بالسلاح ونجعل الشعب اللبناني رهينة قضيتنا السياسية المعقدة، التي هي أكبر منّا وأكبر من لبنان، وأكبر من كل الشرق الأوسط، وما فائدة السلاح الفلسطيني في لبنان إذا كان يقسم البيت الواحد، ويجعل أبناء البلد يتقاتلون، بسببنا، أو لغيره؟.

ولما جاءت لحظة الرحيل عن بيروت، لم يقل الفلسطينيون كلمة( لا ) رغم انهم كانوا يغادرون بيروت (الحلم) ويرحلون إلى شتات مرير، لسبب وحيد، أنهم أٌدخلوا ذات يوم إلى لبنان قسراً، على يد نظام الأسد الذي ساهم كغيره في إشعال فتيل حرب أيلول في الأردن، ثم أخرجهم من الأردن، وأدخلهم إلى لبنان، ثم تسلل خلفهم من خلال منظمة الجبهة الشعبية القيادة العامة، ذراع المخابرات السورية في الملف الفلسطيني، والتي كما بدأ مقاتلوها بإشعال الحرب الأهلية في بيروت، فهم أيضاً لم يتوانوا عن ذبح أبناء جلدتهم في مخيم تل الزعتر، عندما قاتلوا إلى جانب نظام الأسد، ضد حالة اليأس الفلسطينية التي كانت تبحث عن خلاص في لبنان، وكانت لا تعرف إلى اين تتوجه.

اقرأ أيضا: نصر الله «رهين المحبسين».. إستهداف في لبنان والحوزوية في إيران!

خطأ الثورة الفلسطينية التاريخي أنها كان يجب أن تتوجه للعمل السياسي منذ وقت مبكر، قبل الدخول في متاهات الموت والخراب، في زمن كانت فيه الثورات التحررية وغيرها مجرد صدى للأزمات الكبرى التي تعصف بالدول العظمى أو الإقليمية، وحتى الصغيرة منها. فالبندقية آنذاك لم تقتلنا فقط، ولم تقتل لبنان معنا، ولكنها أوقفت الحلم العربي بانتظار حصول متغيرات قادمة من الوهم.

 تلك الأيام كان لبنان جسر الثقافة والتواصل بين الغرب والشرق، ونحن كنا يا سادة نقف ببنادقنا لنقطع هذا الجسر، وسواء كنا نعرف أو لا نعرف، فالأنظمة الدكتاتورية آنذاك كانت تريد لنا أن نستمر واقفين على ذلك الجسر، لأن وجود الفلسطينيين عليه يسهّل عليهم القبض على شعوبهم، تحت شعارات التحرير والمقاومة وفلسطين وغير ذلك.

خطأ الثورة الفلسطينية التاريخي أنها كان يجب أن تتوجه للعمل السياسي مبكرا، قبل الدخول في متاهات الموت والخراب

لقد تأخرنا في إدراك معادلة مهمة في أن يكون لبنان جسراً للحضارة بمعزل عن صراعات المنطقة، وأطماع السياسيين الصاعدين من نبض البساطير العسكرية. لذلك نحن خسرنا بدخولنا إلى لبنان، وربحنا بخروجنا منه، فقد أعطينا لبيروت البندقية، لكنها منحتنا الكلمة والثقافة، لقد علمتنا بيروت مفردات السياسة في وقت كانت فيه القضية الفلسطينية مجرد مهرجان خطابي في مهرجانات النظام السوري بدمشق وغيرها، على شاكلة مهرجانات حزب الله اليوم، ولكن مع فارق كبير بينا وبين حزب الله، الذي لم يعد يقف على ذلك الجسر فقط، بل عمد إلى هدم كامل الجسور مع لبنان، من الشرق والغرب وحتى بين اللبنانيين أنفسهم.

كل ما يحلم به لبنان اليوم هو تشكيل حكومة تعيد التواصل بين الشرق والغرب وبين اللبنانيين بعضهم ببعض، وكل ما يريده حزب الله الآن هو أن ينزع عن لبنان صفة صمام أمان المنطقة بذريعة المقاومة، وكلنا يعرف أن المقاومة التي يمثلها حزب الله هي بيئة معدة لتفجير كامل المنطقة، وكلنا يعلم أن القضية الفلسطينية الغطاء لذلك كله، فحزب الله كان يقاتل في حلب من أجل فلسطين، وهو موجود الآن في العراق واليمن، كما هو موجود في أسواق المخدرات وتبييض الأموال العالمية، وأيضاً هو هناك من أجل فلسطين.

المعادلة القادمة في لبنان تبدأ مما أعلنته إيران منذ أيام عن صواريخ حزب الله وقطاع غزة، فالرسالة الإيرانية كان مضمونها هو، أن إيران تريد (التفاوض) مستخدمة ورقتها الوحيدة المتبقية المتمثلة في وكلائها في لبنان وغزة. وهذا هو الخطر القادم الذي ينتظر لبنان، فإيران ليس عندها أي مشكلة في إرسال حزب الله وغزة للحرب، بمقابل جولة مفاوضات.

السابق
«لا عدالة دون سلطة قضائية مستقلة».. دعوة لمسيرة نحو قصر العدل
التالي
هذا ما جاء في مقدمات النشرات المسائية ليوم الثلاثاء 05/01/2021