خبير قانوني :قتل العسكريين يستوجب الإعدام وأحكام «العسكرية» قابلة للطعن

عد مرور أربعة أعوام على "أحداث عبرا"، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة أمس أحكاما تراوحت عقوبتها بين الحبس لمدة عام والاعدام. وقد أنزلت المحكمة التي عقدت برئاسة العميد الركن حسين عبد الله حكم الإعدام بحق أحمد الأسير والسجن 15 عاماً للفنان التائب فضل شاكر بالإضافة إلى آخرين، شاركوا في الأحداث التي وقعت في منطقة عبرا العام 2013، وسقط خلالها 18 جنديا لبنانيا ونحو مئة جريح.

بعد صدور حكم المحكمة العسكرية بالإعدام بحق الشيخ أحمد الأسير  شهدت الساحة اللبنانية بلبلة واسعة حيث إنقسم الرأي العام بين مؤيد ومعارض. وبعيدا عن ردود الفعل الشعبية .ومن الناحية القانونية،  فهل حُكم العسكرية قابل للنقض؟ وهل سينفذ حكم الإعدام  بحق الأسير أو سيوضع بالدرج كغيره من الأحكام  التي تنتظر التطبيق؟

كبداية لا بد من اطلالة على عقوبة الإعدام في قانون العقوبات اللبناني الصادر في العام 1943 ينصّ على إنزال عقوبة الإعدام على بعض الجرائم الخطيرة جدًا. وفي العام 1994 صدر القانون رقم 302/1994 الذي أنزل عقوبة الإعدام في القتل العمد والدافع السياسي وبمن يقتل إنسانًا قصدًا ومنع منح فاعل الجريمة الأسباب المخففة. لكن هذا القانون ألغي بالقانون الرقم 338/2001، وأعيد العمل بالمادتين 547 و548 عقوبات وهما تعاقبان على القتل القصدي بالأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة، وليس بالإعدام. وكأصول تنفيذ حكم الإعدام نصت المادة 420 أ.م.ج. وما يليها على أنه لا ينفّذ الحكم بالإعدام إلا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وموافقة رئيس الجمهورية، وينفّذ الحكم بموجب مرسوم يحدد مكان التنفيذ ووسيلته، ويحظر إنفاذ حكم الإعدام أيام الآحاد والجمع والأعياد الوطنية والدينية.

إقرأ ايضًا: الحكم بإعدام الأسير يطوي صفحة أحداث عبرا ويثير أهالي المحكومين

وفي الواقع سجل لبنان تنفيذ 51 حكما للإعدام التي بدأت منذ عام 1947 إلا أنه كان عهد الرئيس الياس الهراوي بعد إتفاق الطائف  الاكثر “دموية”، إذ نفذ أكثر من 14 حكم اعدام جميعها أيام حكومة الرئيس رفيق الحريري، وكان اولها في 23 نيسان 1994 وكانت بحق بسام المصلح، بينما نفذت آخر عقوبة في عهد الهراوي في 9 ايار 1998 بحق حسن حبال. وآخر تطبيق لحكم بالاعدام كان  في 17 كانون الثاني 2004،  في عهد الرئيس اميل لحود بحق كل من أحمد منصور وبديع حمادة وريمي أنطوان زعتر.  ولا يزال هناك أكثر من 100 حكم بالإعدام في لبنان تنتظر التطبيق، في قضايا مختلفة بدءاً من الأرهاب وصولاً الى جرائم الشرف والقتل المتعمد وغيرها من الجرائم التي اصدرت المحاكم اللبنانية قراراتها بإعدام الفاعلين فيها.

وفي هذا السياق، تحدث موقع “جنوبية” مع الخبير الدستوري والقانون المحامي أنطوان سعد الذي أكّد إمكانية الطعن بحكم المحكمة العسكرية مشيرا إلى أن “الجهة  المتضررة أو المحكوم عليها وكلم تناوله الحكم يمكنه أن يقدم طعن لعدّة أسباب”.

وعن إمكانية تطبيق حكم الإعدام أشار إلى انه”في لبنان مؤخرا قلّ ما نفذت عقوبة الإعدام، حيث ينقسم القانونيين حول هذه العقوبة بين مؤيّد ومعارض”.

وبرأيه الشخصي قال إنه “شخصيا ضد هذا الحكم نظريا لكنه اليوم مع تطور فعل الجريمة وعدم خوّف الجاني من العقاب الذي يمكن أن ينالوه على خلفية جرائهم مثل جرائم التي حصلت في الجميزة ومؤخراجريمة قتل الطالب روي حاموش، وغيرها من الجرائم التي تتناوله المحكمة العسكرية”. وأشار إلى أن “الأخيرة تكون أحيانا رؤوفة في بعض عقوباتها  وأحياناً أخرى تكون متشددة”. وأضاف “فيما يتعلّق بقتل العسكريين فهي جريمة تستحق حكم الإعدام ، وهو ما كان ينطبق على فعل ميشال سماحة الذي تآمر مع دولة أجنبية للإعتداء على المواطنين  وفيما تخطيطه لم ينفذ بعد كشف أمره فكان فعله يقتضي إنزال فيه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة”.

وبالنسبة للأسير “ربما لا تتوفر لمقدمي التمييز الشروط التي تؤدي إلى قبول التمييز في الشكل وقد تتوافر وهذا أمر يعود إلى الدفاع الذي يعنى بالتوكيل عن المتهم في المحكمة العسكرية”.

إقرأ ايضًا: الحكم بالإعدام على الشيخ أحمد الأسير وبالسجن 15 عاماً لفضل شاكر

وعن إمكانية خفض حكم الإعدام في حال قبل التمييز “هذا الأمر سيكون من قبيل المبررات القانونية التي قد يثيرها الدفاع أملا بالحصول على تخفيض للحكم،  عدا عن أن السطة القضائية تنظر لقرار الإعدام بقدر ما يمكن أن ينتج عنه أضرار أو ردود فعل من الوسط المؤيد للمحكوم عليه  لذا هذا الأمر يعود للمحكمة”.

وحول تنفيذ الحكم قال سعد “علينا نرى من سيسعى وراء تنفيذ الحكم والتوقيع عليه، لكن المشكلة في هذا الموضوع أن نؤيّد عقوبة الإعدام في هذا الملف فيما بغير ملفات كانت تستأهل عقوبة الإعدام ولم يتم إنزال هذه العقوبة . وتابع سيحمل هذا الموضوع إختلاف في الرأي بين مؤيد للتشدد بالحكم وعد التشدد وبالتالي هذا السبب الذي يؤدّي إلى عدم إستقرار مسار الأحكم في المحاكم العسكرية”.

وخلص سعد “كون المحكمة عسكرية إستثنائية  وكون هناك أسباب كثيرة للإعتراض عليها  وهي من طبيعة المحاكم التي إنقرضت في البلدان التي تحترم أصول التقاضي وإتفاقيات التقاضي الدولية. ولكن هذا الواقع  في لبنان وبالتالي هذا الحكم سيؤدي إلى نشوء فريق مؤيد وآخر معارض بحسب غرائزه وأرائه السياسية مستبعدا تطبيقه في هذه الأجواء”.

السابق
صَرْخَةُ جواد الأسدي… في «حُبٍّ حارّ»
التالي
استعراض مليشيوي للحزب القومي السوري في بيروت يضرب هيبة الدولة