اسد الجبل وسيد الجزيرة… في ذمة الله

فقدت طائفة الموحدين الدروز، أحد أبرز أركانها، رئيس الهيئة الروحية الشيخ الجليل أبو محمد جواد ولي الدين (96 سنة)، الذي اتسم برجاحة العقل والتقوى والزهد إلى سمة طبعت مسيرته الدينية، وهي الشجاعة. وجاء في النعي إن الطائفة فقدت برحيل "الشيخ، المرجع الروحي للطائفة، وعلَم التقوى والحكمة والتوحيد".
وتقام الصلاة على روحه الطاهرة اليوم (السبت)، الثالثة بعد الظهر في بعقلين الشوف، وتقبل التعازي في بيت بعقلين ابتداءً من غد (الأحد) وحتى الأحد 6 أيار من الساعة 11 صباحاً وحتى السابعة مساء

نأى ابن بلدة بعقلين في قضاء الشوف، بنفسه عن أمور الدنيا، وظل بعيداً عن الناس، مؤثراً البقاء بين منزله وخلوته مكرساً وقته للصلاة والتعبد والزهد بكل مباهج الحياة، إلا في أمور كانت تفرض عليه تقريب وجهات النظر بين ابناء الطائفة، بعيداً من السياسة ومسالكها الضيقة، فكان المرجع والملاذ في الأزمات وحظي كمرجعية روحية بإجماع المؤمنين من جبل السماق في بلاد حلب إلى جبل الكرمل في فلسطين المحتلة وصولاً الى لبنان وجبل العرب في سوريا.
لقب ولي الدين ب"أسد الشوف" لشدة وقاره وشجاعته، يوم سار في مقدمة المقاتلين في العام 1983 لرد العدوان عن بلدته ابان "حرب الجبل"، عملاً بمقولة الشيخ الراحل ابو حسن عارف حلاوي "من يعتدي ليس منا… ومن لا يردّ المعتدي ايضاً ليس منا".

احتل أبو محمد جواد موقعاً لم يسع إليه، بعد وفاة الشيخ حلاوي، وكان الوحيد من المشايخ الذين وصلوا إلى مراتب روحية جعلت الشيخ أبو حسن عارف يصطفيه مع شيخين جليلين هما الشيخ أبو محمد صالح العنداري والشيخ أبو ريدان يوسف شهيب ليشكلوا جميعاً أركان القيادة الروحية، وهم ممن يعتمرون "العمامةالمدورة" التي تمثل قيمة معنوية وروحية لدى الموحدين الدروز، واللفة المدورة تقليد تعود جذوره إلى حقبة الأمير السيّد جمال الدين عبد الله التنوخي (820 ــ 884 هـ)، إمام الموحدين الدروز في بلاد الشام، وهي أمانة لا يتلقّاها "الشيخ الثقة" بذاته، لذلك فإنه يؤديها إلى
مستحقيها بسعي مستمَدّ من ثقة "الجماعة".

وترمز اللفة، عند الدروز "الى التقوى والورع ومخافة الله في مسلك التوحيد"، ويقول أحد المشايخ إن قلة من المشايخ يصلون إلى هذه المرتبة، "ولذلك فإن القيادة الروحية تجدّد نفسها ولا تخضع لشروط وآليات تنظيمية معينة لذلك فان اختيار البديل "مسألة معقدة وتخضع لظروف خاصة، فمن يبلغ مراتب أعلى في الزهد والابتعاد عن أمور الدنيا ومظاهرها يكون الشخص الذي يجمع عليه رجال الدين ليكون في موقع لا يسعى هو إليه" وفقا لأحد كبار مشايخ الدروز


السابق
عن السودان والعراق وسواهما
التالي
سلوك سليمان