أخطار تهدّد إجراء الانتخابات في موعدها

تبدي أوساط سياسية مراقبة تخوّفها من احتمال أن تواجه الانتخابات النيابيّة سنة 2013 أخطاراً تحول دون إجرائها في موعدها الدستوري، الأمر الذي يحتّم التمديد لمجلس النواب الحالي بموجب قانون. وهذه الأخطار المحتملة هي:
أولاً: عدم التوصل الى اتفاق على قانون جديد للانتخابات يكون عادلاً ومتوازناً ويرضي الجميع ويؤمّن تالياً التمثيل السياسي الصحيح لشتى فئات الشعب، وتعذّر اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتأمين الاقتراع للبنانيين الموجودين في الخارج وحيث هم، كي يتم خفض سن الاقتراع باعتبار أن هذين الموضوعين متلازمان.
ثانياً: أن تعود سياسة الاغتيالات الى الساحة اللبنانية علّها تتحكم بنتائج الانتخابات إذا تبيّن أن مرشحي قوى 14 آذار سيفوزون بأكثرية المقاعد النيابية ويكون لها الحكم في كل المراكز العليا في الدولة. وهذه السياسة كان اللجوء اليها عندما تقرر اغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي لم تكن من أسبابه صدور القرار 1559 فحسب، بل حسابات تتعلّق بنتائج انتخابات 2005 وبعد التأكد من أنها قد تكون في مصلحة الرئيس الحريري وحلفائه خصوصاً عندما أعلن أنه سيخوض المعركة في الدائرة الأصعب في بيروت وهي الدائرة التي رسم خصومه حدودها على نحو يجعل النتائج فيها لمصلحتهم بحيث لا يفوز الحريري وحلفاؤه بأكثرية المقاعد النيابية التي تسميه لتشكيل الحكومة… ومحاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع تدخل في الأسباب نفسها ولها علاقة بنتائج انتخابات 2013، إذ إن الوضع الشعبي لجعجع في الوسط المسيحي وتحديداً الماروني بات قريباً من حجم ما كان للرئيس الحريري في الوسط الاسلامي وتحديداً السنّي. وكان الكلام من قبل محاولة اغتيال القيادي الكتائبي البارز سامي الجميل لأسباب انتخابية أيضاً، إذ إن اغتيال أحدهما يغير ولا شك نتائج الانتخابات ويجعل مرشحي قوى 8 آذار يفوزون بالأكثرية ويكون لهم الحكم كاملاً، وتصبح الديموقراطية العدديّة هي التي تطبق وليست الديموقراطية التوافقية وهو ما حصل في تشكيل الحكومة الحالية.
ثالثاً: أن تتطور الأحداث في سوريا في غير مصلحة النظام بل لمصلحة خصومه في سوريا ولبنان، ما قد يفرض العودة الى سياسة الاغتيالات لمنع قيام حكم في لبنان مناوئ للحكم في سوريا إذا ما استمرت هذه الأحداث ولم تحسم لمصلحة أي طرف.
رابعاً: أن تمتد شرارة الأحداث في سوريا الى لبنان ولو إلى بعض مناطقه، بحيث لا يعود الوضع الأمني يسمح بإجراء انتخابات نيابية في موعدها الدستوري.
لذلك يمكن القول إن انتخابات 2013، كونها مصيريّة للبنان ولكل من قوى 8 و14 آذار، فإن الاهتمام بنتائجها محلياً وعربياً ودولياً يزداد بقدر الاهتمام بتطورات الأحداث في سوريا. فإذا انتهت هذه الأحداث لمصلحة النظام وحلفائه في لبنان، فإن ذلك قد يعزّز حظوظ مرشحي قوى 8 آذار بالفوز بمقاعد الأكثرية في مجلس النواب ويكون لها الحكم الذي يقرّر عندئذ تحالفه رسمياً وعلناً مع المحور الأيراني ومن معه عربياً وإقليمياً ودولياً، وتفقد قوى 14 آذار التي تفوز بأقلية المقاعد القدرة على مواجهة هذا المحور أو عرقلة مساره. غير أنه يبقى للمحور الأميركي ومن معه ولا سيما إسرائيل أن يكون له موقف يجعل المنطقة تسير نحو تحقيق سلام شامل أو حرب شاملة.
أما إذا انتهت الأحداث في سوريا لمصلحة خصوم النظام فيها وفي لبنان، فإن نتائج انتخابات 2013 تكون محسومة لمصلحتهم. وقد تكون العودة الى سياسة الاغتيالات من قبيل التحسّب لمواجهة هذه النتائج وذلك بالعمل على تعطيل إجرائها في موعدها. يُضاف الى ذلك عامل آخر للتعطيل هو وجود سلاح "حزب الله" الذي قد تجعل منه قوى 14 آذار سبباً لمقاطعة الانتخابات أو تعطيل إجرائها خصوصاً إذا انتهت الأحداث في سوريا لمصلحة النظام وحلفائه في لبنان أو إذا استمرت هذه الأحداث ولم تحسم، وكان هذا السلاح عاملاً مؤثّراً في مجرى الانتخابات. أما إذا انتهت هذه الأحداث لمصلحة خصوم النظام، فإن هذا السلاح قد يستخدم لتعطيل إجراء الانتخابات في موعدها وذلك تعكيره الأمن إذا تعذّر تعكيره بالاغتيالات…  

السابق
«الجديد» مدافعاً عن دمه
التالي
فشل مبادرة أنان واستمرار المحرقة