أخطار تمدد تنظيم «الدولة الإسلامية»

يقف الغرب وراء إنشاء «داعش»، كما قال نعوم تشومسكي: «ظهور الدولة الإسلامية في العراق والشام، وتمدد التطرف الجهادي هو نتيجة طبيعية لسياسة واشنطن القاضية باستخدام المطرقة الثقيلة ضد المجتمعات الإسلامية المنقسمة. ترى واشنطن اليوم أن الأمور آلت إلى مأساة. لكن الوضع هذا هو نتيجة طبيعية لغزوها العراق ومجتمعات إسلامية. وإحدى العواقب الوخيمة للغزو البريطاني – الأميركي هي إشعال لهيب الخلاف الطائفي السنّي – الشيعي الذي يحرق العراق وسورية وينتشر في المنطقة منذراً بعواقب قاسية».

ساهمت همجية الصدمة والرعب في أفغانستان والعراق ولبنان وغزة، في تنامي الكراهية واليأس والحقد والثأر، ونفخت في مقاومة «طالبان» و«داعش» و «حزب الله» و«حماس». التزمت المنظمات الدولية ومجلس الأمن موقف المراقب ولم تحرك ساكناً أمام الهمجية التي تعرضت لها الشعوب المسلمة. ولا يحق اليوم للغرب الوقوف موقف المتفرج. وتقع على عاتقه مسؤولية التوصل إلى «رد مناسب، وتحمّل مسؤولية أفعاله». فهو كان وراء القتل وإلحاق الدمار بالعالم الإسلامي.

يأتلف «داعش» من ثلاثة أجنحة بينها عراقيون وسوريون وسعوديون. وقوام الجناح العراقي هو فلول الجيش العراقي «الصدّامي» وسنّة عراقيون. والجناح هذا هو أقوى الأجنحة، ويتمتع بتدريب عالي المستوى، وفي جعبته معدات عسكرية كثيرة غنمها من الجيش العراقي الحالي. وقائد هذا الجناح هو عزة إبراهيم الدوري، نائب صدام حسين، وهدفه هو إطاحة النظام العراقي الحالي. من الناحية العقائدية، هذا الجناح أقرب إلى المدرسة الفكرية السلفية. وتقدر أعداد أعضائه بخمسين إلى ستين ألف مقاتل. أما «داعش» السوري فمؤتلف من الجماعات الجهادية ضد النظام السوري وبعض المعارضة غير المتطرفة التي دربتها أميركا ودول سنّية في المنطقة للقتال ضد نظام دمشق، وانضمت إلى «داعش». وهدفه الأبرز هو إطاحة النظام السوري. والجناح هذا كذلك أقرب إلى السلفية، وتقدر أعداد أعضائه بثلاثين إلى أربعين ألف مقاتل. (…) وهناك آلاف السعوديين مع آخرين في تحالف تحت إمرة أبو بكر البغدادي، الذي أعلن نفسه خليفة. وهدفه الأساسي هو تشكيل دولة إسلامية فوق كل الأراضي التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، لكنها قسمت في 1920، إلى عدد من الدول. وقوة «داعش» الضاربة قوامها متطوعون جهاديون من حول العالم.

ومرد خطورة «داعش» خارج حدود الدولة الإسلامية إلى خطر تكرار ما انتهى إليه الجهاد الأفغاني. فإثر اندحار الاتحاد السوفياتي، عاد حوالى ستين ألف جهادي إلى ديارهم، إلا أن ثمة عدداً قليلاً ممن وصفوا بأنهم خطرون مُنعَ من العودة إلى بلاده، وأصبح بلا وطن، على شاكلة أعضاء «القاعدة» وغيرهم، وهو يواصل الجهاد في أفغانستان، وباكستان وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. وقد يحدث شيء قريب من هذا في «داعش». فالجهاديون من بريطانيا والولايات المتحدة وأوروبا والدول الأخرى بدأوا رحلة العودة إلى ديارهم، ويجب ألا يمنعوا من العودة. ففي أوطانهم يمكن أن يوضعوا تحت المراقبة. وقد يكون الخطر العقائدي «الداعشي» على دول إسلامية مثل أفغانستان وباكستان، محدوداً إذ تنتشر مدارس فكرية تخالف فكر «داعش» وعقائدها.

والغارات الجوية وإرسال فرق مساندة كردية هي ردود ضعيفة على «داعش» وستنجم عنها ردود عكسية. لذا، من الأفضل النظر إلى المشكلة من غير انفعال. (…). وتسعى «طالبان» أفغانستان إلى تصحيح مسار ما جرى في 1979 و2001. والإقرار بحقها في إمارة إسلامية في أفغانستان قد يكون خياراً. فالواقع الميداني يشير إلى أن الأميركيين يغادرون، وأن عناصر «طالبان» سيظهرون. والجيش الأفغاني لا يمكنه الوقوف أمامهم.

وعلى الغرب أن يقوِّم أفعاله من طريق النظر العميق إلى أصل القضية ووقف الهجوم السياسي العقائدي الصليبي الذي يهدف إلى جعل الشعوب الإسلامية علمانية ومتحررة.(…) ولسوء الحظ، فإن الهجوم العقائدي والسياسي الصليبي غيَّر وجه باكستان المسلم المتحضر. وعلى الغرب أن يقبل بالحقيقة ويغير منهجه من أجل مصلحة البشرية كلها.

السابق
تكتيك إيراني في رفع العقوبات الاقتصادية
التالي
هيئة مناهضة العنف ضد المرأة تطلق حملة ال 16 يوما العالمية