الشتاء يبدّل معادلات المعركة… الخوف من عرسال 2

ميدانياً لا تزال الارض تفرض طبيعة المعركة الجردية، عامل الطقس سيشكل اليها اضافة لن يكون لصالح العصابات المسلحة ولا لصالح الجيش اللبناني، ما يعيد الحديث عن ضرورة التنسيق مع الجيش السوري أقله لمحاصرة المجموعات المسلحة لوجستياً ومنعها من استخدام المنافذ المعروفة للداخل اللبناني بعد ان صححت اخطاءها منذ معارك الشتاء المنصرم وتحولت الى قتال مستشرس قد يكلف الجيش معركة عرسال جديدة.
معادلات الشتاء وعرسال غير المعزولة لغاية اليوم من ناحية جرودها، ستفرض عناوين لمرحلة مقبلة من المعارك الدائرة على الجرود. جهتان تنتظران الطقس وعوامل تبدلّه التي بدأت في الجرد، الجيشان اللبناني والسوري وحزب الله من جهة لاقفال الطرقات على المسلحين الذين لن يستطيعوا الصمود في الصقيع، والمجموعات المسلحة من جهة ثانية للاستفادة من تكتيكات حرب العصابات والسيطرة على مواقع جديدة ونقاط تستطيع من خلالها شن مزيد من الضربات على الحزب تحديداً سعياً لانسحابه لابقاء المنافذ مفتوحة امام مقاتليها.

عوامل القوة والضعف
عوامل قوة وضعف ستُحسب على الفريقين، لتُسجل اهدافاً في معركة الجرد الشتوية، الجميع يعلم مدى اهميتها في حين تستمر معارك الكر والفر من دون حسم وشيك، المؤكد معها انّ الجيش سيكون في مواجهة هي الاصعب في محاولة من المجموعات المسلحة لضربه من اجل الدخول الى عرسال تحديداً للحفاظ على تأمين مستلزماتها الخاصة من مأكل ومعدات ومنامة في كثير من الاحيان. لا تخفي المصادر الامنية ذلك، تعلم حتماً انّ ما ينتظرها سيكون اقسى من برد كانون، حيث يحتاج الجيش الى تحصين مواقعه اكثر خوفاً من ردات فعل ستعرضه الى مزيد من الخضات الامنية.
فكيف يتحسب الجيش ميدانياً بالعديد والعتاد الى تلك المرحلة، ومن يعول أكثر على معركة الشتاء في الجرود؟ يجيب مدير مركز الشرق الاوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد الركن المتقاعد هشام جابر في حديث خاص لـ”البلد” مشيراً الى انّه ومن حيث المبدأ فانّ معركة الجبال عادة ما تناسب تكتيكات حرب العصابات لكفاءتها في الميدان ولانّ طبيعة الارض تناسبها، ولكن في نهاية المطاف فالطقس سيكون “منتصراً على الطرفين مع اشتداد الشتاء”.
البداية مع “حزب الله” تتحدث مصادره عن استعداده المسبق لحرب الشتاء المرتقبة، “مضى على وجود الحزب في الجرود زمن هذه لعبته وتلك ارضه”، يستفيد الحزب على عكس الجيش اكثر من عاملي ثقة وقوة يمتلكهما وذلك نظراً لتاريخه البطولي خلال معاركه مع العدو الاسرائيلي ومؤخرا مع الجماعات الاصولية. اما الجيش ففي الخندق الاضعف، عليه الاستعداد بقوة “فمن الصعوبة أن يقاتل الجيش في ظل ظروف مناخية صعبة” حسب جابر الذي يتطرق الى الحديث عن ضرورة التنسيق اللبناني- السوري العسكري الذي سيفيد لبنان كثيراً في المرحلة المقبلة “لبنان في حاجة ماسة الى ذلك التعاون، على الاقل لمحاصرة المجموعات المسلحة من كل الجهات وبخاصة انّه في حال بدأت عملية عسكرية على لبنان، فالجيش لا يمتلك سلاح جو يمكن الاتكال عليه”. امّا بالنسبة الى “حزب الله” فيشير جابر الى انّه لن يدخل في معركة عرسال بشكل مباشر، “ما يقوم به اليوم حماية البقاع شمالاً لمنع المسلحين من الدخول لناحية البقاع، وفيما يختص بالمسلحين فهؤلاء اصبحوا بالآلاف منذ الربيع المنصرم، هؤلاء حتماً لن يخلوا الساحات الجردية، سيعاودون دخول عرسال لتكون معركة بعنوان عرسال اثنتين أو سيفتشون عن بلدة اخرى وذلك لاشتداد الحصار عليهم لوجستياً بعد أن عمل الجيش على فصل عرسال والتضييق عليهم”.

تحصين الجيش
على خط المقاتلين، يحاول هؤلاء الاشاعة دائماً بأنّهم سيستفيدون من عامل الطقس الشتوي، ولكن المعطيات الميدانية تفترض العكس حسب جابر، فسيشكل لهم عامل ضعف اضافة الى العسكريين “الذين سيصبحون عبئا عليهم مع اشتداد الشتاء وبخاصة عندما لا يؤمن وجودهم بحوزتهم تجاوبا مع الجهات اللبنانية المعنية اثر حرمانهم من الامدادات اللوجستية”. ويتحدث عن اوراق القوة التي تحولت الى اوراق ضعف لدى الدولة اللبنانية في قضية الجنود المخطوفين في ما يتعلق بالموقوفين الاسلاميين، مشيرا الى انه وبسبب فشل الحكومة في التعاطي مع الملف فعلى الجيش ان يتوقع هجوما كاسحا، فكيف يُفترض بالجيش أن يتحسب للمرحلة المقبلة؟. يكون ذلك عبر الاستعانة بالمراكز الدفاعية وتعزيزها، “على الجيش التنبه الا يتلقى الضربات من الخلف، والتأكد من خلو البلدة والمخيمات من العناصر المسلحة، وذلك الطريق الاول الى تنظيف المنطقة وتحصين قوة الجيش”. اما بالنسبة الى المنافذ التي قد يستخدمها المسلحون للدخول الى الجهة اللبنانية، فيقول جابر بأنها ليست اساسا منافذ بل “هؤلاء يتواجدون اصلا على مسافات معلومة وواضحة”، وغالبا ما يدخل المسلحون من جهة القلمون فجرود عرسال ومنها الى لبنان. لذلك يتطلب توفير تعزيز الحواجز التي ليس بامكانها ان توقف اجتياحا وانما تضع حدا لعمليات التسلل.

مواقع جردية ستصبح سيفاً ذا حدين مع قدوم الشتاء، وسيوف اخرى لا تزال مُصلتة على اعناق العسكريين المخطوفين، احد لا يمتلك الاجابة عن مصير معلوم، أقلّه فلتحصن المواقع كي لا تكون هناك عرسال ثانية ومأساة مشابهة لحوادث من نوع مماثل.

السابق
انتفضوا سنّة وشيعة ومسيحيين ودروزاً وعرباً وإيرانيين وأكراداً وأتراك
التالي
بو صعب بعد الجلسة: سنبقى الى جانب هيئة التنسيق