الصهيونية الحقيقة والخرافة في تمثيل اليهود

اسرائيل

فلسطين، الأرض العربية المقدسة والمباركة، يسير في إرادتها وسلوكها مقامُ التاريخ، تنتصر للحق والإنسان. وقضيتها، قضية الإنسان، تثير الشعور بضرورة النضال لتحرير هذه القداسة ورفع الظلم عن البشر والحجر، ارتقاءً ثريًّا إلى رحاب الإنسانية.

والصهيونية، حركة استعمارية، تهدف إلى تحويل فلسطين العربية إلى دولة يهودية، ووطن قومي للشعب اليهودي، هذا ما اتضح منذ المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في سويسرا العام 1897، وما تلاه من قوانين كثيرة أقرتها “إسرائيل” تعكس روح العنصرية، وتسعى إلى فرض مفهوم “الشعب اليهودي”.

“حركة استعمارية”: ليست بالشكل الذي نعرفه، ولا بالطريقة التي اعتادت عليها الشعوب، بل هي نسخة لا تشبه شيئًا ولا يشبهها شيء، فهي تسعى، ليس فقط إلى استغلال الموارد الطبيعية والتاريخية في فلسطين فحسب، بل تريد الأرض من دون أصحابها، خالية من أي حضور بشري لغير اليهود، وهذه استعمارية عنصرية لم يذكر التاريخ مثيلًا لها.

ونضيف: “وطن قومي للشعب اليهودي”، يعني أنه يلغي كل ما هو غير يهودي، ويقتلع أي عنصر آخر، انطلاقًا من قناعاته بأنه صفوة الصفوة من البشر، الذين لا يقبلون الآخر الأقل شأنًا منهم.

أمام هذا الزيف الكبير، كان لا بد من حراك يكشفه ويعرّيه، وهو ما برز له الكثيرون، تنظيرًا وحوارات ومؤتمرات ولجان توعية في العديد من دول العالم.
عربيًّا، كان هناك نشاط لافت على غير صعيد، يسعى إلى كشف نوايا هذه الحركة بين الجماهير العربية، وأمام المؤسسات الدولية، والتحذير من خطورتها، ليس على الأرض الفلسطينية، بل على الأمة العربية بأسرها.

وفي هذا المجال برز يهود العراق لهذه المهمة، من خلال “عصبة مكافحة الصهيونية”، إذ تقدموا بطلب رسميٍّ إلى وزارة الداخلية العراقية في 12 أيلول 1945، وحصلوا على ترخيص بالتأسيس بعد بضعة أشهر.

تهدف هذه العصبة إلى فضح الصهيونية أمام اليهود بالدرجة الأولى، وأمام العالم بشكل عام، وهذا هو الهدف الذي سعى إليه كل حراك إنساني توعوي آنذاك.
إن مهمّة كشف الزيف الصهيوني هي مهمّة ترقى إلى المستوى الوطني، لما لها من أهمية في إظهار الحقائق ورفع الظلم الحاصل عن البشر والحجر على حدٍّ سواء.
ولذلك كان لا بد من هذا الكتاب “عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية الإسرائيلية” التي تدّعي أحقيتها التاريخية في أرض فلسطين، والوعود “الإلهية” بذلك، والتمهيد لدولة “إسرائيل” بحسبانها الرابط الضروري والوحيد بين يهود العالم.

وهذا الكتاب هو استمرارٌ لمنهجيّة المفكر الدكتور عبد الحسين شعبان العلميّة التي اتّبعها في نقض المزاعم الإسرائيليّة ودحض سرديّاتها وكشف زيفها، وهو ما عمل عليه تحليلًا وتفكيكًا ومعطياتٍ موثّقة، منذ عقودٍ من الزمن، خصوصًا مع صدور كتابه: “مذكّرات صهيوني” أواسط الثمانينيّات.

وهذا الدور التنويريّ الذي انتهجه المؤلّف في كشف الدّعاوى الصهيونيّة الزائفة بتمثيل يهود العالم بمن فيهم يهود البلاد العربية، هو امتدادٌ لمنهجه البحثيّ في كتابه القانونيّ الرصين: “الصهيونيّة المعاصرة والقانون الدوليّ”.

كتاب “عصبة مكافحة الصهيونيّة ونقض الرواية “الإسرائيلية”، يشكّل إضافةً معرفيّةً هادفةً للمكتبتين العربية والعالميّة، علاوةً على أنه إسهامٌ حقيقيٌّ في بلورة صورةٍ واضحةٍ لإحدى أهم قضايانا المعاصرة، ورفدٌ للرأي العامّ العالميّ برؤيةٍ تميّز بين الصهيونيّة واليهوديّة…

السابق
في يومها العالمي.. القراءة «العدوّة اللدودة» لأنظمة استبدادية تمعن بإنتهاك الحريات
التالي
معرض لـ«منتدى المنظمات غير الحكومية للحوار ونشر ثقافة السلام».. في هذا التاريخ