موارنة في جبل عامل من زمن فخر الدين حتى لبنان الكبير .. في كتاب للعقيد فرحات

يضيء العقيد الركن ريمون جوزيف فرحات، في كتابه على وجود ونشأة الموارنة في جبل عامل، من زمن فخر الدين الثاني حتى لبنان الكبير ، الصادر عن دار سائر المشرق، يركز فيه على البلدات المارونية في منطقة بنت جبيل كنموذج، إلى جانب سائر مناطق جبل عامل، ومتناولا بعض الأحداث الكبيرة لتي وقعت في المنطقة لا سيما بلدة عين ابل في العام ١٩٢٠، مستندا إلى وثائق عن البطريريكية المارونية ورعية البلدة من جهة، وروايات عدد من المؤرخين بينهم السيد محسن الأمين والشيخ احمد رضا وآخرين.
يتناول العقيد فرحات في متن الكتاب، على وجه الخصوص الموارنة في كل من بلدات ( رميش ، عين ابل ، دبل والقوزح ) وجميعها في قضاء بنت جبيل ، وتقع على الحدود اللبنانية الفلسطينية، التي يسكنونها إلى جانب السكان الشيعة ، وايضا مواقف الموارنة، كموقفهم من الانتداب الفرنسي وعلاقتهم بالفرنسيين او حيال دولة لبنان الكبير وعلاقته بمحيطه العربي والإسلامي.

ويقول الكاتب في مقدمة الكتاب “:لقد شكل جبل عامل قبلة لنزوح ماروني استمر عبر الأجيال، متخذا أشكالا متعددة جماعيا كان ام فرديا، قسريا ام اختياريا ، فمنه ما فرضته أسباب أمنية وبعضه الاخر ارتبط بأسباب سياسية واقتصادية، لكن نتائجه تشابهت من حيث قيام مجموعات مارونية توزعت على قرى جبل عامل ، عاش الموارنة إلى مع سكانها الشيعة جنبا إلى جنب.
وأضاف”: أن الموارنة الوافدين الى جبل عامل قد شكلوا رافعة اقتصادية، عملت على تحسين المستوى الاقتصادي للجبل بشكل عام، فالمزارعون مثلا ، عملوا على إدخال زراعات جديدة واستثمار الأراضي البور ، باستخدام الخبرات التي اكتسبوها سابقا في جبل لبنان إلى جانب حرفة صناعة المراكب.
وأورد الكتاب في فصله الأول، أن القرى المستهدفة في هذا البحث ، هي من أهم القرى العاملية ، التي سكنها الموارنة منذ قدومهم إلى الجبل ، وان كانت هذه القرى ليست وحيدة ، فقد ضمت كونين عددا من الموارنة خاصة من ال ابو عون وشيدت فيها كنيسة
على اسم القديس جرجس ، كما سكن الموارنة أيضا في قرية عيتا الشعب ، حيث ذكر ميشال الخوري ، انه في العام ١٨١٥ ، نزح عدد كبير من الموارنة من عيتا الشعب على اثر أحداث عائلية انقلبت إلى طائفية ، وذلك يرجع بحسب بعض المعمرين إلى رغبة شاب ماروني بالزواج من فتاة شيعية ، فاعتبر ذلك انتهاكا للكرامة وتعديا على الدين أدى إلى خلاف وهجرة المسيحيين من القرية ، فتوجه قسم كبير منهم إلى صور برئاسة الشيخ بولس سعيد الذي دخل المدينة حاملا صورة السيدة العذراء ، وقد تحول بيته بعد موته وبحسب وصيته إلى كنيسة سيدة المعونة التي عرفت لاحقا كنيسة سيدة البحار ، اما المعمرون في عيتا الشعب فيذكرون من جانبهم أن شابا شيعيا من البلدة أراد الزواج من شابة مارونية ، فاوفده أهلها إلى صور لمقابلة المطران محملين اياه رسالة تدعو لقتله ، وغادر بعدها الموارنة القرية .
ويرجع الشيخ سليمان ظاهر تاريخ الوجود المسيحي في جبل عامل إلى العام ١٧٥٩ ، عندما انتقل بعض مشايخ بني الشدياق اللبنانيين المارونيين إلى عين ابل في بلاد بشارة . وكثر النازحون عام ١٨٤٥ وعام ١٨٦٠ على اثر الخلاف الحاصل بين المسيحيين والدروز ، فمنهم من ساكن الشيعيين في قراهم ، ومنهم من استوطن قرى خاصة في بلاد بشارة كعين ابل ورميش ودبل ودردغيا والنفاخية في قضائي صور وبنت جبيل ، اما في مرجعيون فمساكنهم الجديدة ، القليعة ، الخربة ، دير ميماس ومزرعه البويضة وكل هذه القرى سكانها منهم ، وفي بلدة الخيام نحو الثلث من السكان من المسيحيين وكذلك في بلاط ، وفي ابل القمح نحو النصف. وفي ابل السقي الأكثرية من المسيحيين والاقلية من الدروز .
وفي اول إحصاء سكاني رسمي حصل في عهد الانتداب الفرنسي العام ١٩٢١ ، فقد بلغ عدد نفوس لبنان الجنوبي بحسب (العرفان ) ١٣٠٣٦١ نسمة ، منهم ١٧٣٥٥ موارتة ، منهم ٦٠٠٠ نسمة في مدينة صور ، ستماية منهم موارنة
وفي إحصاء اخر في العام ١٩٢٢ تبين من خلاله أن عدد سكان مدينة صور وقضائها الحاضرين بلغ ٤٠٠٧٢ نسمة ، والمهاجرين ٤٨٤٣ نسمة ، منهم ٢٣٧٥ موارنة حاضرين و٦٢٠ مهاجرين ، اي بتراجع ٥٧ نسمة في عام واحد.
وبالنسبة إلى عدد الموارنة في قضاء صور،في إحصاء ١٩٣٢ فبلغ ٣٢٤١ ، اي بزيادة بلغت ٨٦٦ نسمة ، وبحسب إحصاء البطريركية المارونية من العام نفسه فإن عدد الموارنة في بلاد بشارة ( صور، عين ابل، دبل ، رميش، القوزح ، تبنين وعلما الشعب بلغ ٣٢٦٠ نسمة ، وارتفع عدد الموارنة من العام ١٩٣٢ وحتى العام ١٩٤٥ إلى ٤٢١٣ توزعوا على كامل قضاء صور بزيادة ٩٢٧ نسمة.

السابق
ائتلاف الديمقراطيين اللبنانيين لمطلقي الصواريخ العبثية: لبنان دولة ذات سيادة!
التالي
«وقفة» ل«جنوبية» مع الشاعر طلال حيدر ب«قصيدته العابرة كالطيور»