بين الهجوم على «اليونيفيل» والتهجم على الإعلام.. «حزب الله» يستثمر في «الفراغ القاتل»!

قناة الجديد
الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي المتسارع، حوّل لبنان من ورقة اقليمية رابحة الى مستنقع، يهدّد حزب الله وسائر الطبقة السياسية الحاكمة بالغرق، وما حادثة الهجوم على قافلة القوات الدولية في بلدة العاقبية، من قبل مناصري الحزب وردود الافعال التي نتجت عنها، ونالت من سمعة الحزب ومصداقية الدولة، سوى دليل واضح على صحة هذا الاستنتاج.

قبل شهرين، دخل لبنان في الفراغ الرئاسي، بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، واصبح البلد دستوريا، في عهدة حكومة مستقيلة تقوم بتصريف الاعمال، يحتج رئيسها نجيب ميقاتي ووزرائه بصلاحياتهم المحدودة، وبوجوب انتخاب رئيس جديد قبلا للبلاد، كي يتفادوا اتخاذ قرارات جوهرية داخلية، واهمها الاصلاح المالي والاداري، الذي يطالب به صندوق النقد الدولي، من اجل المباشرة بمد الخزينة المفلسة بالعملة الصعبة.

الاعتداء على اليونيفل يعكس أزمة حزب الله الداخلية في لبنان يتحدث به مسؤولوه دائما عن محاصرته وحلفائه بعقوبات وبمطالب أمنية واقتصادية لا يستطيع تنفيذها

الاعتداءات على اليونيفيل

بعد سلسلة من التحرشات، ضد دوريات قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل”، من قبل “الاهالي” المناصرين لحزب الله، وسط تحذيرات من قبل قيادة الحزب بعدم وجوب تكثيف تلك القوات لدورياتها، دون مرافقة من قوات الجيش اللبناني، واشاعة اتهامات في اوساط “الاهالي” تبثها مواقع تواصل محسوبة على الممانعة، ان القوات الدولية تتجسس لصالح اسرائيل، وقع الاعتداء الدموي في بلدة العاقبية الجنوبية على قافلة دولية عسكرية، وأدت لسقوط قتيل دولي وجرح ثلاثة جنود اخرين من قوات حفظ السلام، برصاص انصار حزب الله.

وبغض النظر عن الاسباب، وما ان كان الحادث مقصودا أم وقع بالصدفة بعد أن ضلّت القافلة طريقها وسلكت الطريق الساحلي القديم خطأ، فإن ربط هذا الاعتداء بأزمة لبنان العامة والانسداد السياسي الحاصل نتيجتها، هو تحليل صائب دون شك، اذ ان الطبقة السياسية التي يتزعمها حزب الله ويحمي مصالحها، وتشكل المظلة الشرعية التي يستظل بها وتضفي الشرعية على سلاحه، هذه الطبقة اصبحت بدورها مأزومة ومهددة بالسقوط، بفعل المطالب الدولية التي تشترط تفعيل بنود القرار 1701 المتعلق بمراقبة الحدود والتهريب، وكذلك البدء بإصلاحات اقتصادية تحدّ من نفوذ وفساد احزاب السلطة في الدولة، من اجل اعطاء الامر لصندوق النقد للمباشرة بالمساعدة المالية، لذلك فان الحكومات المتعاقبة في عهد الرئيس عون وحتى عهد الحكومة الميقاتية الحالية، كانت قد رفضت مجاهرة سابقا ومواربة حاليا، تنفيذ هذه الاصلاحات والبنود الدولية للحفاظ على المكتسبات والنفوذ.

رفض حزب الله للقرارات الدولية وللاصلاحات بوصفها مطلبا حيويا، وضع الحزب في الواجهة بوصفه مسؤولا أوحدا عن كل التطورات السلبية الحاصلة

ونتيجة لما سبق، يخلص مراقبون الى ان “الاعتداء على اليونيفيل يعكس أزمة حزب الله الداخلية في لبنان، وما يتحدث به مسؤولوه دائما عن محاصرته وحلفائه بعقوبات وبمطالب أمنية واقتصادية لا يستطيع تنفيذها”، لانها وبحسب هؤلاء المراقبين “تشكل خطرا حقيقيا على وجوده كتنظيم قوي مسلّح داخل دولة لبنان الضعيفة”!

“الجديد” واللجوء للعصب الطائفي

ولا يخرج الهجوم الاعلامي لحزب الله أمس، والتهديدات الصريحة التي صدرت عن نجل امين عام الحزب جواد نصرالله بحق تلفزيون الجديد، بسبب برنامج تلفزيوني ساخر اعتبره الحزب انه مسيء لكرامة أهل الجنوب، عن سياق ما حصل في العاقبية، وهو ما لفت تلفزيون الجديد في مقدمة نشرته المسائية عندما وضع هذا الهجوم الاعلامي من قبل حزب الله في خانة التضليل بوصفه “معركةٍ رابحة تَصرِفُ الأنظارَ عن حادثِ اليونيفيل الأساسي، والواقع تحتَ التحقيقِ” مضيفة المحطة أن ” الجديد تؤكّدُ لحزبِ الله وناشطيه وعلمائِه ونجلِ الأمين العام الذي أَرسلَ تهديداً واضحاً للمحطة، أنها لن تتسامحَ هذه المرة كما قبلَها في استخدامِ أهل الجنوب ونساءِ الجنوب ونضالاتِهم هدفاً لمعاركَ واستهدافات فنحنُ أهلُ الجنوب، حُفاةُ المدنِ، ونَروي سيرةَ كُلِ البِرَكِ والأودية”..

وبالنهاية فان الهجوم العسكري في العاقبية على اليونيفيل وما تبعه من هجوم لفظي على محطة تلفزيونية، و التعاطف المحلي والدولي الذي صدر دعما للقوات الدولية، وضع حزب الله في موقف لا يحسد عليه، لانه يدفع ثمن رفضه للشراكة الحقيقية بين جميع المكونات، ومحاولاته الاستفراد بالسلطة، وكذلك رفضه للقرارات الدولية وللاصلاحات بوصفها مطلبا حيويا انقاذيا في ظل الازمات الخانقة التي يعانيها لبنان.

هذا كله وضع الحزب في الواجهة بوصفه مسؤولا أوحدا عن كل التطورات السلبية الحاصلة، وبالتالي تحميله دوليا مسؤولية الانسداد السياسي القائم والفراغ الدستوري القاتل، الذي يبدو انه سوف يطول ليؤدي لاحقا، الى انحلال الدولة وتدمير مؤسساتها بشكل نهائي، مفسحا المجال بذلك للمجتمع الدولي ان يتدخّل بشكل أوسع لا يعرف مداه الا الدول الكبرى الاقليمية المعنية، وذلك من اجل الضغط لتحقيق اجماع دولي يهدف الى انقاذ لبنان وعودته الى حضن الشرعية الدولية.

السابق
تحذير من الصحة العالمية بشأن الجرعات الاضافية للقاح كورونا!
التالي
في تخاذل اهل السلطة و«التمثيل» في جثة الشعب.. ماذا بعد؟!