ما بعد بعد شعار.. «كلن يعني كلن»!

كلن يعني كلن لبنان ينتفض

من سار بشعار “كلن يعني كلن” أراد المحاسبة والمساءلة بهدف التغيير، وبشكل أساسي بواسطة القضاء، وليس عبر محاكم عرفية في الشارع. وبالتالي، لم يقصد معظم الناشطين أن كل من تعاطى السياسة هو فاسد. بل كانت إرادتهم هي في “تنظيف” السياسة والإدارة وعالم الأعمال والمصارف والمتعهدين.. من الفاسدين.
أرادت الثورة تطبيق القانون على الجميع، فلا يكون في الدولة أحد فوق القانون. ومن يدينه القانون يكون مداناً، ومن لا يدينه يكون بريئاً! لذا ناضل ويناضل الكثيرون من أجل قضاء مستقل. فما الضير إذن من الاستمرار بشعار “كلن يعني كلن”، حتى ولو خلق مشكلة، غير مبررة، للبعض؟!

أرادت الثورة تطبيق القانون على الجميع فلا يكون في الدولة أحد فوق القانون

“المنظومة” هي منظومة الفساد، وليس كل من تعاطى في السياسة في زمن ما، ففي لبنان، هناك أطراف يتمّ التسليم في الرأي العام أنها فاسدة. وهي، بشكل خاص، تلك التي استلمت وزارات فاحت من ملفاتها ومن ممارساتها رائحة الهدر والفساد وسوء الإدارة والإهمال.
وهذه الوزارات هي على سبيل المثال لا الحصر: وزارة المال، وزارة الاقتصاد، وزارة الطاقة، وزارة الأشغال، وزارة المهجرين، وزارة التربية، وحتى وزارة البيئة.. أو تلك التي سيطرت على “الصناديق” ووزعت المشاريع على “المتعهدين” المحسوبين عليها، من مجلس الإنماء والإعمار الى مجلس الجنوب الى صندوق “المهجرين”… بالإضافة الى مشاركتها في المحاصصة المذهبية والطائفية في مواقع الإدارة المختلفة. وكذلك، فإن من يسهم في انتهاك السيادة وسوء الإدارة وفرض سياسات كارثية ووضع لبنان في محاور معادية لمحيطه يجعل من أي طرف سياسي جزءاً من المنظومة. ولا شك أن الشريك، أو الساكت عن الحق، والذي يتحول الى “شيطان أخرس” يمكن إلحاقه بهذه “المنظومة”.

في لبنان هناك أطراف يتمّ التسليم في الرأي العام أنها فاسدة

ولكن من واجه الفساد ورفضه في الحياة السياسية لا يمكن اعتباره من “المنظومة”. وبالتالي، من غير المقبول أن يمارس البعض عملية “زت” اتهامات، غير مبنية على أي أساس أو على أي ملف فساد، فقط بسبب الخلافات العقائدية، أو بهدف تحقيق المساواة اللبنانية على أساس مذهبي أو طائفي على قاعدة 6 و 6 مكرر.. مع العلم أن كل من يعمل يخطىء. فالعمل السياسي ليس تهمة، بل الفساد هو التهمة!

ولا يعني بالتالي، أن كل من دخل الى الحكومة أو الى المجلس النيابي أو كان 8 أو 14 أنه من “المنظومة”، حتى لو شارك أو تحالف سياسياً في ظرف معين مع أفرقاء آخرين في الطبقة السياسية. بعض الشخصيات أو الأحزاب، كانت جزءاً من “الطبقة السياسية” التي يمكن الاختلاف معها في السياسة، لكونها شاركت في الحكومات، ولكنها لم تكن جزءاً من “منظومة الفساد”.

لكن من واجه الفساد ورفضه في الحياة السياسية لا يمكن اعتباره من “المنظومة”

فإذا كانت المشاركة لطرف سياسي في الحكومات هو مشاركة في “المنظومة”، فهل يجب اعتبار الوزير زياد بارود، أنه من المنظومة لأنه سبق وترشح للنيابة على لوائح التيار البرتقالي، أو لأنه طُرح وزيراً من قبل الرئيس ميشال سليمان..بالتأكيد لا، وهل يجب اعتبار أيضاً الوزير شربل نحاس الذي شارك مع التيار البرتقالي وزارياً أكثر من مرة أنه من “المنظومة”، وهل من تعاون معه انتخابياً أو ترشح معه من مجموعات الثورة هو من “المنظومة”؟! بالتأكيد لا.. وهل يجب اعتبار السيدة بولا يعقوبيان أنها من المنظومة، لكونها كانت إعلامية في تلفزيون تيار المستقبل وكانت قريبة من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، أو دافعت عن سياستهما لفترة ما؟ بالتأكيد لا! وهل الوزير ناصيف حتي الذي كان وزيراً محسوباً على الرئيس ميشال عون هو من المنظومة؟ بالتأكيد لا! وهل ترشح النائب صلاح حنين على لائحة الوزير جنبلاط في العام 2000 يعني أنه من المنظومة؟ بالتأكيد لا! الأمثلة كثيرة…

يجب التمييز بين من هو متورط بملف فساد أو أكثر وبين من لعب دوراً سياسياً في حقبة معينة

يجب التمييز بين من هو متورط بملف فساد أو أكثر، وبين من لعب دوراً سياسياً في حقبة معينة. ما يعني أن هناك أفرقاءاً سياسيين لعبوا أدواراً سياسية هامة ولكن لم يكونوا جزءاً من الفساد الوزاري والإداري. وهؤلاء، وعلى الرغم من أدوارهم يمكن التعاون معهم بأشكال مختلفة! أما التحاور، فضروري، حتى مع الخصوم. ففي لبنان لا يمكن إلغاء أحد. والانفتاح ضروري. وإذا كان التعاون مع الشيطان مرفوضاً، ولكن لا يمكن حصر التعاون مع الملائكة!

السابق
مصدر رقابي لـ«جنوبية»: التمديد الاداري مرفوض ويكرس منظومة الفساد!
التالي
بعدسة «جنوبية».. سفير النمسا يحتفل بمناسبة العيد الوطني لبلاده: ندق ناقوس الخطر بشأن ضرورة الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد