لبنان أمام تآكُل مُهل «ترجمة النيات» الإصلاحية والسياسية!

جلسة الحكومة نجيب ميقاتي

يضيق الخناقُ على اللبنانيين الذين يواجهونَ انهياراً عاتياً لا خلاصَ منه إلا بمساريْن متوازييْن من ورشةٍ إصلاحيةٍ شائكةٍ واستنهاضٍ للوضعيةِ السياسيةِ بما يعاود «شَبْكَ» البلادِ مع «شبكة الأمانِ» الخارجية والخليجية خصوصاً، في حين يضيق الوقتُ أمام السلطات المعنية لملاقاةِ «إعلان النيات» المزدوج الذي شكّله الاتفاقُ المبدئي مع صندوق النقد الدولي وعودة السفيريْن السعودي والكويتي بإجراءاتٍ تنفيذيةٍ تكمل نصابَ تعهداتٍ صريحة تقنية وسياسية باتت رهنَ مرحلةِ ما بعد انتخابات 15 مايو النيابية في «أصْل» حصولها بموعدها كما في نتائجها.

ولمْ يكن عابراً مع دخول البلاد في آخِر 30 يوماً فاصلة عن استحقاق 15 مايو، أن تقفز إلى الواجهة مجدداً الاختناقات المعيشية التي يُخشى أن تشكّل مع «مكوّناتِ» خطة التعافي التي يرتكز عليها الاتفاق النهائي مع صندوق النقد ومع مشروعيْ قانون «الكابيتال كونترول» وموازنة 2022 «كرة نار» قد تتدحرج في اتجاهاتٍ عدة يمكن أن «تفخخ» صناديقَ الاقتراع التي ما زالت تحوم فوق رأسها شبهة عدم فتْحها استناداً إلى مجموعة «فتائل» مالية (في ما خص اقتراع المغتربين) ولوجستية وإدارية، كما إلى تَبادُل اتهاماتٍ بات على ضفتيْ «حزب الله» وخصومه بالسعي للإطاحة بانتخاباتٍ يترقّبها الخارج لتحديد «الخطوة التالية» في ما خص الوضع اللبناني الذي بدا وكأنه صار «معلَّقاً» في منتصف الحفرة السحيقة.

تَبادُل اتهاماتٍ بات على ضفتيْ «حزب الله» وخصومه بالسعي للإطاحة بانتخاباتٍ يترقّبها الخارج لتحديد «الخطوة التالية» في ما خص الوضع اللبناني

وفي حين اعتُبر «جدار الكتمان» الذي يلفّ حتى الساعة مضمون خطة التعافي (وخصوصاً لجهة كيفية توزيع الخسائر المالية) في سياق الرغبة بـ «تأجيل» استدراجِ غضبةٍ شعبيةٍ مبكرة من شأنها جعل الخطة عرضة لمزايدات سياسية شعبوية عشية الانتخابات وتالياً القضاء على أي أملٍ بأن يحصل الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد على «تأشيرة» عبورٍ حكومية، «تتمّتُها» نيابياً في مشاريع قوانين لا تقلّ إثارة للجدل، فإنّ مداولات مجلس الوزراء في جلسته أمس عزّزت الاقتناع بأن المهلة الفاصلة عن الانتخابات، والتي يتخللها عطلتا عيد الفصح للطوائف المسيحية التي تتبع التقويميْن الشرقي والغربي ثم عطلة عيد الفطر المبارك، يُراد أن تكون لـ «رمي» عبء إنجاز مشاريع القوانين المطلوبة من الـ IMF عن كاهل الحكومة لتنتقل إلى ملعب البرلمان الذي يصعب أن يُنجز أياً منها في «آخِر أيامه».

إقرأ ايضاً: الحكومة «المُبنّجة» بلا بنج تُبدد الودائع..وأوروبا «تَزرك» الأكثرية لإجراء الانتخابات!

وإذ تم على طاولة مجلس الوزراء عرض الاتّفاق المبدئي مع صندوق النقد وطُلب من الوزراء تقديم اقتراحاتهم ليُعاد النّظر بها في جلسة لاحقة، على أن يعاد أيضاً عرض مشروع تعديل قانون السرية المصرفية، فإن نقطتيْن إحداهما نوقشت والثانية أقرت يُنتظر أن تكون لهما تداعيات شعبية:

  • الأولى واكبت الموافقة على اللجوء الى حقوق السحب الخاصة بلبنان لدى صندوق النقد لتسديد ثمن القمح وأدوية وإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لاجراء الصيانة العامة، وتتمثل في اتجاه لحصر القمح المدعوم بالخبز العربي ورفْعه عن الاستخدامات في منتجات أخرى مثل الكعك والمعجنات وهو ما سيكون محور بحث.
  • والثانية تكليف مجلس الإنماء والإعمار الإشراف على هدم إهراءات القمح في مرفأ بيروت، وتكليف وزارة الثقافة إقامة نصب تذكاري في المكان، وهو الأمر الذي سبق أن أثار غضبة أهالي ضحايا «بيروتشيما» الذين اعتبروا الهدم بمثابة «محو لمسرح الجريمة».

وكان رئيس الجمهورية ميشال عون استهل الجلسة بإعلان «اننا على بعد شهر من الانتخابات وما زال البعض يشكك بإجرائها، وأجدد تأكيدي أنها قائمة في موعدها وقد أقرت الاعتمادات الاضافية لها»، معتبراً «أن زيارة البابا فرنسيس (12 و13 يونيو) تتخذ أهمية كبرى وطنياً وروحياً وإنسانياً».

بدوره، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «أن الانتخابات ستحصل في موعدها ونحن ملتزمون بذلك، والاعتمادات المطلوبة يجري تأمينها»، معلناً «نحن مطمئنون الى عودة الصفاء الى علاقات لبنان العربية لا سيما مع دول مجلس التعاون الخليجي وبإذن الله سنواصل خطوات تعزيز هذه العلاقات وتطويرها»، ولافتاً إلى أنه «رغم كل الأجواء السلبية التي تتم إشاعتها، فنحن على قناعة أننا نقوم بكل العمل المطلوب».

حمل تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن «حقوق الإنسان» صورة بالغة القتامة عن الواقع اللبناني بكلامه عن «التدخل السياسي الخطير في الجهاز القضائي

في موازاة ذلك، حمل تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن «حقوق الإنسان» صورة بالغة القتامة عن الواقع اللبناني بكلامه عن «التدخل السياسي الخطير في الجهاز القضائي، وفرض قيود خطيرة على حرية التعبير والإعلام»، مشيراً إلى «وجود فساد رسمي خطير رفيع المستوى وواسع النطاق»، ولافتاً إلى «أن المسؤولين الحكوميين تمتعوا بقدر من الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان»، وكاشفاً عن «وجود تقارير من جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن الحكومة أو وكلاءها ارتكبوا جريمة قتل تعسفية أو غير قانونية».

كما أورد أن «كيانات غير حكومية مثل حزب الله وميليشيات فلسطينية غير حكومية تدير مرافق احتجاز غير رسمية»، متحدثاً عن «حالات قتل لمنتقدين بارزين لحزب الله».

السابق
مع تكرار التفجيرات «الغامضة» في الجنوب..فرضية البصمات الإسرائيلية تتعزز!
التالي
هدم الإهراءات..صدى إنفجار المرفأ ما يزال مدوياً!