«حنفيات» تمويل لبنان مقفلة.. «حتى إشعار آخر»!

لبنان

يعيش اللبنانيون رهينة سعر صرف الدولار. ولكن، هل يمكن مالياً واقتصادياً السيطرة عليه، حتى لو تمت السيطرة على كل المنصات غير الشرعية، وذلك، بعد سرقة احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة، وفي ظل إقفال شبه كامل لحنفيات التمويل الخارجية في الوقت نفسه، واستحالة أي شكل من أشكال تمويل الداخل في الظروف الحالية!
تؤكد كل المؤشرات المالية، أن لبنان في جهنم “مفقود” وأنه لن يخرج منها “مولود” عما قريب. فما نيل الخروج من جهنم بالتمني والحال “انقلابا”، مع سلطة نفذت أكبر عملية سرقة في التاريخ. حيث خسر كل الشعب اللبناني أكثر من 85% من أمواله وودائعه بالمصارف، بالإضافة الى أرزاقه والى ثروات الوطن بأكمله!

اقرأ أيضاً: وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: المبادرة الكويتية للبنانيين.. ليكن لكم دولة


علمياً، تشمل خارطة التمويل الممكن 9 “حنفيات” لتمويل لبنان واقتصاده. 7 منها ما تزال مقفلة بالكامل، وما الوعود بفتح منها في ظل الأداء السياسي والمالي الفاسد، إلا وعود كاذبة. فالحسابات تجعل من امكانية تدخل مصرف لبنان، لوقف ارتفاع سعر صرف الدولار ممكنة، فقط من أموال المودعين المتبقية، وحتى انتهائها بالكامل، ما يعني أنه يستحيل حسابياً، وقف ارتفاع سعر صرف الدولار، ما لم يتم إجراء تعديلات جذرية في الأداء السياسي، يقضي بإلغاء الطبقة السياسية لنفسها، ومن ثم المالي. وهي أمور غير واردة، والخطأ الجسيم في حسابات بعض الاقتصاديين، هي اعتبار المشكلة اقتصادية تقنية، في حين أنها كارثة سياسية بنتائج اقتصادية ومالية. وبالتالي ليس هناك أي إمكانية لحل مالي واقتصادي من دون تغيير سياسي، في ظل استحالة الاصلاح السياسي. والتغيير السياسي يحتاج الى سيادة كاملة للدولة على قرارها، ووقف سياسة المحاور وحصرية السلاح في يد الجيش والقوى الأمنية اللبنانية. وهذه أمور تحتاج الى وعي كامل للشعب اللبناني غير متوفر لدى عدد منه. ويبقى أن أي خلل أمني جدي، كحروب كبرى، سيعيد كل مرة العدادات الاصلاحية الى ما تحت الصفر! 

5 “حنفيات” تمويل دولية ممكنة

1_ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الدولية:
يمكن التحرك باتجاه المؤسسات الدولية بشروط إصلاحية، وبشروط سياسية أميركية.وهذا المصدر أكثر  ما تعول عليه الحكومات اللبنانية، ليست فقط للحصول على تمويل، ولكن كعنصر لاستعادة ثقة المؤسسات المالية الدولية بلبنان، وذلك، على الرغم من محدودية سقف التمويل “الكاش” المقدر بين 3 و 5 مليار دولار كحد أقصى. (10 مليار بحسب شديدي التفاؤل). وهي لن تكون على سنة واحدة، بل على عدة سنوات، وستخصص بشكل أساسي للبنية التحتية. ولكن المشكلة لن تحل من دون توزيع الخسائر على السارقين، من سياسيين ومصرفيين وحاكمية مصرف لبنان… وبشرط عدم تحميل المواطنين أي خسارة إضافية. ويستطيع الأداء الكارثي لهذه الطبقة السياسية، تذويب مساعدات صندوق النقد الدولي في محمياتها المالية في أقل من سنة، “متعودة، دايماً”! فاللجوء الى صندوق النقد الدولي، هو، في حال نجاحه، جرعة تخديرية ليس أكثر! وبشروط سياسية أميركية يرفضها مسبقاً حزب الله وحلفاؤه، وقد يرفضها آخرون أيضاً! 


2 – الدول الصديقة وخاصة الأوروبية وبينها مؤتمر “سيدر” أو ما شابه
لا تبدو الدول الصديقة للبنان متحمسة لمساعدته. فهي فقدت الثقة بالكامل بطبقة سياسية، لم تنفع معها محاولة إنعاش المبادرة الفرنسية لها. ما أفقد الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان تحفظهما، في نعت طبقة سياسية لبنانية بأشنع النعوت. فهل يكون الإنعاش السياسي الخارجي المفروض بالقوة سياسياً هو مدخل لتمويل مالي بعد الانهيار الكامل؟ وهل يجب على اللبنانيين أن ينتظروا الوصول الى حبل المشنقة فعلياً ليتمّ إنقاذهم؟أما تمويل مؤتمر “سيدر”، اذا ما بقي حياً، بشقه الغربي، وعلى أهميته، فهو هام على المدى المتوسط والطويل، كونه يساهم في تعزيز البنية التحتية، خارج محارق النفايات المرفوضة. ولكنه على أي حال، لا يستطيع المساهمة، لا في تمويل لبنان على المدى المنظور ولا في إعادة أموال اللبنانيين، الواجبة والضرورية.


3 – إيران بشق تمويل “حزب الله”
لا تبدو إيران قادرة على تمويل الوضع اللبناني، وهي التي طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي العام الماضي. وقد أشار الأمين العام لحزب الله صراحة، عدم قدرة إيران على مساعدة لبنان بعد تفجير بيروت والمرفأ، وإذا كان الاتفاق الإيراني – الصيني الأخير قد يسهم بإنعاش الاقتصاد الايراني، ففي هذه الاثناء تستمر إيران بتمويل واحتضان حزب الله وقسم من بيئته مالياً، ويبقى القسم الكبير من بيئة الحزب، متروكاً لقدره مع باقي اللبنانيين. ومن الممكن لهذه الحنفية أن تصبح أكثر غزارة، على جمهور الحزب، اذا ما نجحت مفاوضات فيينا، وجرى فك الحصار الأميركي عن الأموال الإيرانية، ويبقى أن الدول “شرقاً” ليست شديدة الكرم على لبنان!


4 – الدول العربية والخليجية تحديداً
ما بعد الورقة الكويتية، قد لا يكون كما قبل مؤتمرات باريس 1، 2، و 3.  وبالتالي فإن التمويل العربي المتوقف، لن يعود للضخ قريباً، قبل موقف إيجابي واضح، مستحيل، وغير ممكن على المدى المنظور (ولا حتى غير المنظور)، لحزب الله تجاه دول الخليج. وأي مساعدة عربية ستكون مشروطة هذه المرة، في ظل استحالة لبنان الرسمي على تلبية هذه الشروط.


5 – مساهمة الاغتراب اللبناني
إنه “الدواء المسكّن” الذي يسهم في عدم خنق اللبنانيين في كل لحظة. (وفي الحد من غضبهم في الوقت عينه للأسف!) ولكن تمويل الاغتراب المحدود والمعيشي للأهل في لبنان، لم يعد مواكباً بتحويلات ثروات وأموال، ومعاشات اللبنانيين في الاغتراب وفي الخليج، بعدما سرقت السلطة السياسية والمصرفية ودائع القسم الأكبر للمغتربين، وسرقت جنى عمرهم. ولن يعود هذا التمويل الاغترابي للبنان الى سابق عهده، قبل سنوات طويلة من استعادة الثقة بالدولة!


6_ حنفيات تمويل لبنانية محلية
– حسن الجباية والاصلاحات الاقتصادية والمالية وتفعيل الرقابية الداخلية
في غياب كبير للجباية ولمداخيل الدولة من الضرائب المختلفة، وفي ظل إدارات فاسدة وغياب حوكمة رشيدة، وغياب إصلاحات تخفف الأعباء عن الموازنة بترشيد الانفاق. فإن آفاق التمويل الداخلي مقفلة. إذ إنها تفترض إلغاء الطبقة السياسية لنفسها بإلغاء محمياتها المالية. أما زيادة الضرائب، وهي المخرج الوحيد حالياً للحكومات فهي غير مجدية، لا اقتصادياً ولا مالياً، إذ أنها تزيد من الخناق على أعناق اللبنانيين. وكل الأوراق الاصلاحية المالية والاقتصادية ستذهب الى مصير “بلوها وشربو مايتها”!
– استعادة الأموال المنهوبة 
وهي تفترض استعادة أموال منهوبة تحولت بقسمها الأكبر الى خارج لبنان. وهي مسار طويل، وفائق الصعوبة! ولكن يجب ألا يستسلم اللبنانيون، حتى لو احتاجوا الى واقعة “ريتز”، “عاللبناني”!- تكبير الاقتصاد اللبناني
وهو يحتاج الى تضافر عدة عوامل غير متوفرة حالياًأ – وجود طبقة سياسية صالحةب – عدم “توريط” لبنان بحروب المنطقة يمكنها إغراقه في العتمة كل 10 سنوات ج – ضرورة عودة حزب الله الى الوطن من غربته في المحور الايراني، وضرورة عودة سلاحه الى الجيش اللبناني


-7 النفط والغاز في البحر
لا يمكن إدخال هذا العنصر في التمويل الحالي  إلا إذا بدأ لبنان بالإقتراض على “سمك بالبحر”!

كل عناصر التمويل تحتاج الى ثقة داخلية وعربية ودولية. والثقة مفقودة. ونية استعادة الثقة مفقودة. والتطرف ضد العرب يزيد في مواقف حزب الله، وفي رسائله الحوثية. ما يجعل علمياً وحسابياً الواقع مخيفاً جداً ويؤشر الى مزيد من تفكك الدولة!

السابق
بالفيديو: «فرحة» سرقة محول.. لم تكتمل!
التالي
«دور ايراني مشبوه».. اتهام مؤسسة تتلطى خلف «17 تشرين» بسرقة المساعدات!