الحكومة المعطلة «تُطير» صندوق النقد!

صندوق النقد الدولي
مع تقدم المفاوضات غير الرسمية بين لبنان وصندوق النقد الدولي, لتوقيع إتفاق يساهم في إخراج بلاد الارز من الازمة غير المسبوقة التي تعيشها، يبرز السؤال عن مخرج قانوني لتوقيع الاتفاق، حتى ولو تعاود الحكومة إجتماعاتها قريبا بسبب التعارك الدائر بين مكوناتها، لكن بحسب الخبراء القانونيين هذا الامر غير موجود إطلاقا.

أقفل العام 2021 على جولة مفاوضات مهمة بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد، حول السياسة المالية للبنان والقطاع المصرفي، كما صرح بذلك نائب رئيس مجلس الوزراء الوزير سعادة الشامي اليوم من القصر الجمهوري لافتا إلى أن هذه “المفاوضات ستتعمق أكثر في بداية العام المقبل حيث سيزور لبنان وفد صندوق النقد الدولي”. علما أن المجتمع الدولي يريد توقيع الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد قبيل الانتخابات النيابية المقبلة، أي قبل أن تدخل البلاد في مهب الانتخابات الرئاسية وتعقيداتها، والتي قد تسفر عن فراغ رئاسي على غرار ما حصل في المرات السابقة.

حتى لو حصل مفاوضات جانبية مع مجلس النواب فإنها لا تأخذ الطابع الرسمي الا بتوقيع الحكومة

لكن المعضلة التي تحول دون إتمام هذا السيناريو، الذي يحبذه المجتمع الدولي، وتعمل اللجنة الحكومية المخولة التحضير للمفاوضات جاهدة على تحقيقه، تتمثل في عدم إلتئام مجلس الوزراء لمواكبة هذه المفاوضات، والتوقيع عليها كي تصبح نافذة. وهذا الامر يبدو أنه سيطول في ظل التعارك الحاصل، بين الاطراف السياسية المسؤولة عن تعطيل جلسات الحكومة، فهل من مخرج قانوني يسمح بإتمام هذا الاتفاق، من دون أن يموت “ذئب” السياسيين اللبنانيين ولا يفنى الشعب اللبناني جوعا وعوزا؟

ثمة إجماع لدى الخبراء القانونيين، أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يحتاج إلى ممر إلزامي ليصبح قانونيا و نافذا، إسمه مجلس الوزراء، و يشرحون سبب ذلك من أكثر من زاوية، إذ يجزم الخبير الدستوري سعيد مالك لـ”جنوبية” أن “من يبت في هذا الموضوع أو يفصل به، ومن يحق مفاوضة صندوق النقد الدولي هي الحكومة لأنها المسؤولة عن كافة شؤون الدولة، وعلى كافة الميادين والاختصاصات سندا لأحكام المادة 65 من الدستور”، مشددا على “ضرورة تفعيل الحكومة، من أجل الذهاب إلى مفاوضات مع صندوق النقد، ويمكن أن تثمر عن إتفاق بشكل أو بآخر ولا بديل عن الحكومة في هذا الخصوص”.

مالك لـ”جنوبية”: لابديل عن  الحكومة لتوقيع إتفاق مع صندوق النقد الدولي

ويختم:”حتى لو حصل مفاوضات جانبية مع مجلس النواب، فإنها لا تأخذ الطابع الرسمي الا بتوقيع الحكومة”.

سعيد مالك خبير دستوري
سعيد مالك

ويعتبر فارس أبي خليل من مؤسسة JUSTICIA الحقوقية أن مجلس الوزراء هو نقطة إرتكاز في هذه المفاوضات، لكنه يوضح لـ”جنوبية” ” قد لا يكفي موافقة مجلس الوزراء وعلينا التوقف أيضا عند صلاحية رئيس الجمهورية في المفاوضات، وبعدها صلاحية مجلس النواب أيضا تبعا لطبيعة هذا الاتفاق”، لافتا إلى أن “الاتفاقيات الدولية يجب أن تمر عبر مجلس النواب، ولذلك من غير الدستوري تصوّر مخرج لتوقيع إتفاق مع صندوق النقد بعيدا عن المؤسسات الدستورية، وقبل التوقيع النهائي يكون هناك مسودة إتفاق، مطروحة على الدولة اللبنانية وبناء عليها يتم تحديد الجهة الصالحة للمفاوضة والتوقيع”.

أبي خليل  ل”جنوبية”: طبيعة الاتفاق مع صندوق النقد تحدد الجهة المخولة متابعته

ويشير إلى أن “الاتفاقيات الدولية بحسب المادة 52 من الدستور، من المفروض أن يتولاها رئيس الجمهورية، ولذلك علينا أن ننتظر لمعرفة طبيعة الاتفاق الذي سيوقع مع الصندوق، ومن السابق لأوانه الحديث عن صلاحية رئيس الجمهورية أو مجلس النواب في هذه الاتفاقية إلى جانب مجلس الوزراء”.

من المستبعد جدا خلق أي مخرج لتوقيع إتفاق مع صندوق النقد بعيدا عن المؤسسات الدستورية

ويختم: “لكن الاكيد أنه لا يمكن أن يحصل أي إتفاق خارج هذه الاطر الدستورية، ولذلك الخطوة الاولى هو دراسة طبيعة الاتفاق من الناحية القانونية لتحديد الجهة المخولة بمتابعته أو التوقيع عليه” .

السابق
بعدسة «جنوبية»: عشية2022.. الـ«كوتيون» حاضر والسهرة بالبيت!
التالي
مولر وفلسفة اللّاعنف