بلوط لـ«جنوبية»: المواقف الذكورية «تُبرّر» الإغتصاب.. وهذه آثار ما بعد الصدمة وعلاجها

تتوالى حوادث العنف في لبنان، من اغتصاب الى اعتداءات جسدية ولفظية، بالتوازي مع انتشار عمليات السرقة، التي ينتج عنها في بعض الأحيان سقوط قتلى، في مؤشر خطير عن انحدار الوضع المعيشي من جهة، والتفلّت الأخلاقي من جهة أخرى، الاستهتار بمفهوم الدولة والقانون واستسهال استخدام السلاح المنتشر من دون حسيب أو رقيب .

تعود ظاهرة انتشار عمليات الاغتصاب لتتصدر المشهد في لبنان، بعد حادثة “عصابة التيكتوكرز” التي تتوالى فيها التحقيقات مع مزيد من التوقيفات في اغتصاب الأطفال، وللإضاءة على تلك الظاهرة القديمة الجديدة التي تتنامى خلال الآونة الأخيرة، قدمت استاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة سيلفا بلوط عبر “جنوبية” تعريفاً علمياً لأسباب انتشارها وتداعياتها على المجتمع وسبل حماية الضحية وعلاجها.

أكدت بلوط على أن “الاغتصاب هو سلوك عدواني واعتداء خطير، يتصف بإيلاج جنسي يحصل بالإكراه ، حيث يكون في المهبل، أو الشرج، أو الفم بالاكراه. يعدّ الاغتصاب انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، وجريمة يعاقب عليها القانون، وتجدر الإشارة إلى أن الرجال هم أكثر ميلاً إلى الاغتصاب من النساء، لكن هذا لا يمنع أن يكون المغتصبين و الضحايا من الجنسين.

يعدّ الاغتصاب انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان وجريمة يعاقب عليها القانون

وشدّدت على أنه “توجد اسباب سيكولوجية للإغتصاب متنوعة ومعقدة، أبرزها المشكلات النفسية كاضطراب الشخصية، كالشخصية المنحرفة النرجسية، و الحدية، أو اختبار صدمات نفسية لم يتم علاجها أو تجاوزها”. وأشارت الى أنه “يعدّ الضعف أو عدم القدرة على ضبط الاندفاع أوالرغبة، سبباً لحصول الاغتصاب، وهو يشير بالطبع إلى خلل نفسي، وتأتي المواقف الثقافية الذكورية و العدوانية تجاه المرأة، لتعطي تبريراً أكثر لانتشار ظاهرة الاغتصاب”.

الاغتصاب يترك انعكاسات جسدية واجتماعية و نفسية على الضحية

وأردفت”: هناك أيضا الادراك الخاطئ للعلاقات الجنسية، ويحصل نتيجة تربية خاطئة، أو نتيجة غياب تربية جنسية سليمة، أونتيجة ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي من معلومات خاطئة”.

وأوضحت بلوط أنه “من المعروف أن الاغتصاب يترك انعكاسات جسدية واجتماعية و نفسية على الضحية، فبالنسبة إلى الجسدية، هنال الكدمات والجروح، والأمراض المنقولة جنسياً، و الحمل غير المرغوب به بالطبع، و أحياناً قد يصل الأذى الجسدي إلى موت الضحية”. ولفتت الى انه “فيما يتعلق بالنظرة الاجتماعية، هناك نظرة المجتمع التي قد تحمل معها الاحتقار للضحية و أيضاً لأسرتها بفضل الأحكام المسبقة الخاطئة، مما يؤدي إلى عزل أسرة الضحية”.

وتوقفت عند “الآثار النفسية للاغتصاب، التي تعد خطرة جداً، و قد تكون طويلة الأمد، هناك اضطراب مابعد الصدمة، والاكتئاب، و القلق، والشعور الدونية، و مشاكل في النوم، وهناك أيضاً مشاكل في الحياة المهنية و تولد عدم الثقة في الآخرين”.

تتنوّع العلاجات التي تساعد الضحية على تخطي الصدمة الناجمة عن الاغتصاب

“تتنوّع العلاجات، التي تساعد الضحية على تخطي الصدمة الناجمة عن الاغتصاب”، وفق بلوط التي تشير الى أنه “من الطبيعي ان يتطلب العلاح بعدين، طبي و نفسي، بالنسبة إلى الأول، أي الطبي، يتم علاج آثار الصدمات الجسدية، والجروح، و الأمراض المنقولة جنسياً في حال وجودها، والحمل في حال حصوله. واما في يتعلق بالعلاج النفسي، نذكر العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج الفردي، والعلاج الجماعي”.

ولفتت الى “أنه يوجد أيضاً العلاج الاسري، الذي يهدف إلى تمكين أفراد أسرة الضحية على مساعدتها في استعادة حياتها، و تجاوز تأثيرات الاغتصاب الصعبة، و بلوغ الشعور بالامان و الاستقرار النفسي الذي فقدته بسبب الاعتداء”.

وحول الضحية نفسها في حال حصول الاغتصاب، أكدت بلوط على أنه “يجب أن تلجأ إلى البحث عن المساعدة عند أشخاص يمكنها الوثوق بهم، او إلى المراكز المختصة”، مشددة على أنه “تعد استشارة أخصائيين، طبيب و معالج نفسي ضرورة لاستعادة صحتها الجسدية و النفسية، كما يمكن أن تلجأ إلى تغيير السكن إذا وجدته ضرورياً، ويعد اللجوء إلى القانون ضرورة و حاجة”.

السابق
يختلفون على الزمان والمكان ويتفقون على إستغباء الانسان
التالي
بعد المجزرة في ميس الجبل.. «الحزب» يردّ