الهام كلاب.. و كتاب على «اغصان وجذور»!

الكتاب والكتابة المتنفس الأصح للكاتب، ولأنها لا تعرف أن تتنفس وتنظر للحياة الا من خلال الكلمة، أصدرت الدكتورة إلهام كلاب كتابها الجديد، بعنوان: “أغصان وجذور”، عن دار نلسن، صورة الغلاف، شرفة في جبيل، بريشة الرسامة التشكيلية رنا بساط (ابنة كلاب)، أرادته قبسا من نور في ظلام الحاضر المعجون بالبؤس، من خلال إعادة رسم صورة لبنان الجميل، لبنان الأصيل، لبنان القيم، لبنان العز والازدهار في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، من خلال أحداث حياتها، عندما كانت العائلات ترفل بحياة هانئة، والبلاد تسطع بشعاع العلم والثقافة.

تشرح كلاب “أغصان وجذور” وتقول، هو حكاية فتاة ولدت في عمشيت وترعرعت في جبيل، وسط عائلة تنعم بالثقافة وتعشق العلم، فكبرت على حب الكتب وحماسة الأب (رفيق) لتعليم أولاده، لا سيما بناته، واعتادت عيناها أن ترمقا صبحا ومساء المكتبة العامرة بآلاف الكتب، فنمت بينها وبين الكتاب علاقة وثيقة وتغذت روحها وعقلها من فيض ما تزخر به هذه المكتبة من كنوز أدبية وفكرية…

إقرأ أيضاً: «مصابيح الذاكرة وجوه الرحلة ومطارحها».. كتاب للزميل حسين سعد

وتتابع”: كبرت الفتاة وكبر حلمها بتحصيل أعلى درجات العلم، متحدية المقولة السائدة في أواخر خمسينيات القرن الماضي، بأن الحدود القصوى لأغلب فتيات جيلها المنزل الزوجي، وبتشجيع ومباركة الوالد المؤمن بضرورة أن تنطلق الفتاة إلى أبعد حدود المعرفة، سافرت الصبية إلى باريس في ستينيات القرن الماضي وتخصصت في جامعة السوربون، ونالت دكتوراه في تاريخ الفنون والآثار، وهناك عاشت أجواء ثورة الطلاب بما تحمل من شعارات تدعو إلى التغيير، وهناك أيضا تعرفت إلى الشاب هشام بساط، الذي كان يحمل من فرنسا دكتوراه في علم الاقتصاد، وقررا الزواج رغم الاختلاف في الدين، فكانا مثالا في سبعينيات القرن الماضي في الدعوة إلى المجتمع المدني وإلى الحداثة، وأسسا عائلة مؤلفة من ولدين: جاد ورنا. وعاشا مرحلة الحرب اللبنانية متمسكين بقيم العيش المشترك ومناضلين ضد كل ما شوه رسالة لبنان وطن الانفتاح وتقبل الآخر”.

هذه التجارب وغيرها من محطات في مسيرة الدكتورة إلهام كلاب، تحفل بها دفتا الكتاب، فضلا عن نضالها في سبيل قضايا المرأة، وعملها في مجال الجمعيات الثقافية والتراثية وترؤسها كثيرا منها، ومسيرتها في التعليم الجامعي، واغتنائها الفكري والإنساني من كل حدث عاشته ونجاح حققته، إضافة إلى رسم صورة لبيتها الوالدي بشخصياته، التي طبعت حياتها بكثير من الاستقرار والأمان والقوة في المواجهة، وإذا برفيق (الوالد) وجوزفين (الأم) والإخوة والأخوات ينبضون حياة، فنسمع خطوات الوالد عائدا إلى المنزل، محملا بزاد من الكتب الجديدة التي اشتراها، وحركة الوالدة التي لا تهدأ تحضيرا لكل ما يجعل الحياة في هذا المنزل سعيدة وهانئة، وانهماك الإخوة والأخوات في التحضير، لعدد جديد من المجلة التي كانوا يصدرونها بإمكاناتهم المحدودة بعمرهم الطفولي، ويشتريها الوالد تشجيعا لهم بست ليرات…

في الكتاب ايضا مجموعة من الصور هي شذرات من أوقات محفورة في قلب كلاب ووجدانها للأهل والإخوة والأخوات ولزوجها الدكتور هشام بساط وولديها وحفيديها، فضلا عن بعض الصور من المؤتمرات والمحاضرات التي شاركت فيها في مسيرتها الفكرية والنضالية في مجال قضايا المرأة.

في القسم الثاني من الكتاب “حكايات لا تنتهي” أربعة مقالات للدكتورة إلهام: رفيق.. الأب الطليعي والقدوة، من نافذة مكتبي، سيدة البوابة، حائكة الدانتيل (الكلمة التي ألقتها خلال حفل تكريمها في الحركة الثقافية أنطلياس عام 2006).

السابق
«عزل الشيعة».. هذا ما طلبه جنبلاط!
التالي
نصر الله يحوّل لبنان الى ساحة عسكرية.. ويُطلق «سباق التسلّح»!