لماذا لا يريد «حسبالله» اتهام اسرائيل بتفجير المرفأ وماذا سيترتب عليه من نتائج لو كُشِفَت الحقيقة؟

حزب الله انفجار المرفأ

أول ما يتبادر الى الذهن هو: من صاحب هذه المواد التي وصلت وبطريقة ملتوية الى المرفأ في عز الصراع في سوريا؟
وسنكون بالتالي أمام خياران لا ثالث لهما: اما للممانعة واما للمعارضة.

فإذا كانت للمعارضة- مع استبعادي لهذه الفرضية- فكيف لحسبالله ان يقاتل في حلب وعلى حدود تركيا، “لحماية لبنان من داعش” بينما يترك بيروت مفخخة بهذه القنبلة التي شاءت الاقدار ان تتناقص حتى وصلت – حسب تقديرات الخبراء- الى ربع الكمية التي أدخلت الى المرفأ، وإلا لكانت ابادت بيروت بأكملها.
استطرادا، هناك من سيقول بأن أجهزة الدولة هي المسؤولة… وحسبالله لا يعلم…

ولكن نحن نعلم، أن عمل حسبالله بالدرجة الأولى هو عسكري_أمني. وجميع من فيه(من جراميز كشاف المهدي وصولا الى الأمين العام) جميعهم يعملون في الجسم العسكري- الأمني، ويكتبون التقارير للجهات الأرفع، واعتقد ان من يجعل من مهام المقاومة تسيير دوريات تحت الشبابيك للتنصت واحصاء أنفاس الناس، فهو بكل تأكيد عنده -اذا لم نقل له- في كل أجهزة الدولة عيون (تقاريرجيون)، فكيف اذا كان مرفق حيوي، وأحد البوابات الرئيسية للخروج والدخول من والى البلد، كمرفأ بيروت. لذلك قلت – أعلاه -بأن فرضية أن تكون المواد هي للمعارضة، وحسبالله لا يعلم بها او غافل عنها هي مستبعدة جدا، ولا تدخل في عقل الطفل الرضيع.

إقرأ أيضاً: عن السلطة الفارة من وجه عدالة.. المرفأ!

ثانيا: ماذا لو كانت تلك المواد قد استجلبها حسبالله، وخزنها في المرفأ، ثم حصل ما حصل. فسيكون هو المسؤول عن المأساة، وبغض النظر عن المطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، فالسؤال هنا: كيف لك أن تخزن قنبلة بهذا الحجم في العاصمة(بنص دين عرض المدنيين) في الوقت الذي كان الأمين العام يحذر نتنياهو من وجود نيترات حيفا، وحجم الدمار الذي سيلحق بالمدينة في حال تم أطلاق (كم صاروخ من عنا)؟ فإذا هو من الطبيعي أن ينفي نفيا قاطعا أي علاقة له بالنيترات.
ولنتخطى السؤال القائل: لمن هذه النيترات؟ الى سؤال آخر وهو: كيف حدث الانفجار؟

لا نستهجن الآن أن يكونا وفيق صفا ونهاد المشنوق في خندق واحد ضد العدالة

لا بد من مسبب للأنفجار، وحتى الذهاب بخيار الإهمال الوظيفي، (والشباب عم يلحمو الباب، وفلان بيعرف وفليتان مابيعرف….) حتى خيار الاهمال الوظيفي هو مكلف جدا بالنسبة للمنظومة وسيطال أركان ورؤوس، وسيؤدي الى مزيد من تخلخلها، وهي تعلم جيدا انها منظومة كاملة متكاملة تتكىء على بعضها، أشبه بالعقد الحجري، وسيؤدي سقوط حجر واحد الى فرط كامل العقد. وهذا المصلحة المشتركة هي التي أدت الى رفع أصبع “السيد “في وجه ثورة ١٧ تشرين، والى السلوك العنفي لكبح توهجها، ومن ثم التفاف السلطة وتوحدها للابقاء على نفسها، وهذا ما يجعلنا نتفهم ولا نستهجن الآن أن يكونا وفيق صفا ونهاد المشنوق، في خندق واحد ضد العدالة ومعرفة الحقيقة التي ستستوجب المحاسبة حتما.

هل فرضية اسرائيل هي التي قامت بتفجير المرفأ واردة؟
أنها الفرضية الأرجح لمئة سبب وسبب، ولكن هل ستعترف اسرائيل بأنها أقدمت على جريمة ضد الانسانية تلاحقها الى الأبد؟ بالتأكيد لا…

ولكن لماذا لا يشير ويسير ويؤكد حسبالله بأن العدو الاسرائيلي هو الفاعل؟ بكل بساطة لأن هذا الاتهام سيؤدي حتما الى ردة فعل بحجم الفعل، والا ماذا سيقول عن مبرر وجود السلاح لحماية لبنان، وسيصل الى حرب مفتوحة، يدرك نتائجها على حزبه، ويدرك ان لبنان المنكوب أساسا سيتحول الى كومة من رماد. وقد تعمل اسرائيل بذاتها وبالأدلة – بما تملكه من تقنيات- على اثبات ان النيترات في المرفأ هي لحسبالله، وبالتالي سيكون امام المجتمع اللبناني والعالمي هو المسؤول عن تدمير النصف الاول من بيروت بتخزين النيترات في هكذا مكان، وثانيا سيكون المسؤول عن تدمير ما تبقى من بلد كنتيجة للحرب، ولن يجد من يعيد الاعمار كما ال٢٠٠٦. ولن يجد له سندا داخليا، في ظل شعب جائع لا يجد تنكة بنزين او ثمنها للنزوح… او خارجيا، حيث لم يترك لنا حسبالله صاحب، سوى ايران هذا اذا كان لديها ما تقدمه في هذه المعركة سوى التسويات والمناورات على حساب دماء اللبنانيين.

امام كل ذلك، ماذا تريد المنظومة وبما فيهم حسبالله من التحقيق بقضية المرفأ؟ والجواب هو انهم لا يريدون الوصول الى أي حقيقة، لأنهم جميعهم يعرفونها، وتطالهم جميعا ولو بنسب مختلفة، ولكن بالتأكيد ان الحقيقة ستوصلهم جميعا الى السقوط. ولذلك حتى لو “انقبع ” القاضي بيطار وعيين وفيق صفا شخصيا قاض عدلي. فالنتيجة الحتمية التي سيصل اليها: ان التفجير كان قضاء وقدر، والله يلعن الشيطان. ثم سيطوى الملف وكأن شيئا لم يحصل، وستردد الجماهير “الغفورة”: الحمدلله أن نصف بيروت دمر وليس كلها فالله لطف، وقد أحدث عصف الانفجار القاتل “خدش بسيط في ذراع الحاضر العبثي” لا أكثر

ملاحظة: لقد استعملت مصطلح “حسبالله” ليس احتقارا (لا سمح الله) ولكن كي لا تعمل ادارة الفيسبوك الغاشمة على حذف المنشور.

السابق
نجل الشهيد محمد شطح يروي معاناته في تحقيق العدالة لوالده بوجود «حزب الله».. هكذا تموت التحقيقات مع الضحايا!
التالي
دولار السوق السوداء يُحلّق.. كيف أقفل مساءً؟