اندفاعة للإطاحة بالمحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت

الباخرة الاميركية

تتعدّد التوقعات حيال النتائج «الممكنة» لزيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي اليوم لباريس تمهيداً للقائه الرئيس إيمانويل ماكرون غداً، إلا أن الخلاصة التي «لا نقاش فيها» تتمثل في أن الإطلالة الخارجية الأولى للحكومة الجديدة من قصر الإليزيه تكرّس «الرعاية» الفرنسية لتشكيلةٍ كان أرسي لها «بروفايل» (قبل 12 شهراً) لم يَبْقَ منه إلا «اليافطة» بفعل «تراجعاتٍ» «تحوّرتْ» معها المبادرة الماكرونية من «حكومة الاختصاصيين المستقلين» إلى «حكومة الأحزاب بوزراء غير حزبيين» وفّرت لها طهران «جواز المرور» ولم تقابلها واشنطن بـ «block».

ويكتسب غداء ماكرون وميقاتي غداً أهمية كبرى في ضوء الانطباع بأن تدشين الأخير لقاءاته الخارجية من «الاليزيه» وتحديداً مع «عرّاب» حكومته التي وُلدت بالحدّ الأدنى من التقاطعات الاقليمية – الدولية يعكس أولاً رغبة فرنسية بتأكيد استمرار الاحتضان المباشر للواقع في «بلاد الأرز» رغم انشغالها بـ «أزمة الغواصات» مع واشنطن، وثانياً محاولة من رئيس الوزراء اللبناني لجعْل باريس بمثابة «كاسحة ألغام» تفتح أمامه خصوصاً أبواب الخليج العربي الذي لم يفلح الرئيس الفرنسي منذ سبتمبر 2020 في تغيير المقاربة الـ «ماكرو» لغالبية دوله للوضع اللبناني من زاوية النفوذ الإيراني فيه وهل تكون الحكومة الجديدة انعكاساً له بامتداداته الاقليمية، أم تؤشر لبدء التحوّل في ما خص تمكين «حزب الله».

الكويت هنّأتْ رئيس الحكومة… وأكدت حرصها على «رفاه لبنان الشقيق وأمنه واستقراره

ولا تتوانى أوساط مطلعة في سياق قراءة استقبال ماكرون لميقاتي عن طرْح علاماتِ استفهامٍ حول تأثيرات «زلزال المحيطين الهندي والهادئ» على خط باريس – واشنطن على الملف اللبناني بعدما كانت العاصمتان بلغتا «تَطابُقاً» في مقاربته بـ «لغة واحدة» تُرجمت بـ «ديبلوماسية اليد والرِجل الواحدة» لسفيرتيْهما في بيروت في تحرّكهما تجاه الرياض كما في العاصمة اللبنانية، وسط أسئلة عن إمكان أن تجترّ الأزمة الفرنسية – الأميركية تنافُساً سلبياً في «بلاد الأرز».

وتعتبرالأوساط أن دون مثل هذا التنافس غياب «أدوات النفوذ» لفرنسا في الواقع اللبناني وحاجتها إلى «متمّم إقليمي» لتحقيق أي اختراق «بالدور» في «بلاد الأرز» وفّره لها في الملف الحكومي عنصران: الأول «عدم ممانعة» إيرانية بدت مرتبطة بالرغبة في استمالة الاتحاد الأوروبي على جبهة النووي ومن دون أن تقدّم طهران أي تنازُل «من كيسها» أو يمسّ بنفوذ «حزب الله» لبنانياً.

«زيارة تاريخية» لسفينة USNS Choctaw County الأميركية للَنقل السريع إلى لبنان

والثاني «قبة باط» أميركية جاءت في «وقت مستقطع» بين «تبديل الأولويات» في اهتماماتها الدولية والذي كانت تعدّ له منذ فترة، إلى أن انكشف مع ولادة تحالف «اوكوس» الأمني الاستراتيجي من خلْف ظهر باريس التي لم تهنأ بصفقة «توتال» في العراق والتي بدا أنها تُركتْ تلعب في الأبيض المتوسط والشرق الأوسط بساحاته اللاهبة في ما يبدو «سباحة مع القروش» من دون أن تملك «أنياباً» في ذاتها.

وفي انتظار ما ستحمله زيارة ميقاتي وسط تقارير عن أن ماكرون سيكرر الوقوف بجانب لبنان واشتراط بدء الإصلاحات الهيكلية لإطلاق مسار الدعم المالي، وعلى وقع إعلان السفارة الأميركية في بيروت عن وصول سفينة USNS Choctaw County للَنقل السريع إلى لبنان «في زيارة تاريخية كانت مقررة سابقاً وهي الأولى لسفينة بحرية أميركية إلى قاعدة بحرية لبنانية وتسلط الضوء على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني»، ارتفع منسوب الاهتمام الدولي بالواقع اللبناني على أن يُتوّج بعقد مجلس الأمن في 9 نوفمبر المقبل جلسة «للاستماع الى احاطة عن الوضع في لبنان لا سيما بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة في ضوء برنامج العمل الذي تقدمت به».

وهذا الأمر أبلغته المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان السفيرة يوانا فرونتسكا إلى رئيس الجمهورية ميشال عون أمس مؤكدة أن «منظمات الأمم المتحدة ستعمل مع الحكومة الجديدة في سبيل تحقيق ما ورد في بيانها الوزاري، لا سيما في ما خص الإصلاحات واجراء الانتخابات النيابية ضمن المهلة المحددة، إضافة الى الاستمرار في دعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية».

ولفت عون أمام فرونتسكا إلى «أن لبنان سيبدأ بعد نيل الحكومة الجديدة الثقة، التفاوض مع صندوق النقد الدولي بهدف إيجاد حلول عملية للأوضاع الاقتصادية الراهنة وفق خطة النهوض الاقتصادي التي أشار اليها البيان الوزاري»، مؤكداً ان «الانتخابات النيابية ستجري في موعدها المقرر في 8 مايو المقبل»، ومرحباً بشراكة الأمم المتحدة في البرامج الإصلاحية «التي ستدرسها الحكومة الجديدة»، ومشيراً الى ان «عملية التدقيق المالي الجنائي بدأت بعد توقيع العقد وهي ستشمل في مرحلة أولى الحسابات المالية لمصرف لبنان، على أن تشمل لاحقاً الإدارات والوزارات والمؤسسات والمجالس والصناديق وسائر الهيئات».

إقرأ ايضاً: حكومة ميقاتي..وصهريج ضومط!

وإذ جدد رئيس الجمهورية الذي يلقي كلمة لبنان غداً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الأقمار الاصطناعية «لأن الظروف فرضت ذلك» التزام لبنان «تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته والتمسك بحقوقه في مياهه وثرواته الطبيعية والرغبة باستئناف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، قال: «من هنا أبدينا اعتراضنا لدى مجلس الامن والأمم المتحدة على ما قامت به اسرائيل من توقيع عقود تقويم تنقيب الغاز والنفط مع احدى الشركات الأميركية، لأن هذه الخطوة تتناقض مع مسار التفاوض غير المباشر باستضافة الأمم المتحدة والوساطة الأميركية، والذي يتطلب تجميد كل الأعمال المتعلقة بالتنقيب في المناطق المتنازع عليها بانتظار حسم مسار التفاوض غير المشروط».

وفيما كانت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان ترحّب «بتشكيل الحكومة الجديدة ومنح البرلمان اللبناني الثقة لها»، وتحض «القادة اللبنانيين على التحرك بسرعة لتخفيف عبء المشقة الاقتصادية والاجتماعية عن الشعب اللبناني والشروع بالإصلاحات اللازمة واستكمال التحقيق في انفجارات مرفأ بيروت على وجه السرعة»، هنأت الكويت الرئيس ميقاتي بتأليف حكومته ونيْلها ثقة مجلس النواب.

وقال السفير الكويتي في لبنان بعد زيارة ميقاتي أمس: «قدمت للرئيس ميقاتي تهنئة دولة الكويت، وأعربت له عن أملنا أن تتكلل جهود هذه الحكومة بالتوفيق والنجاح لما فيه مصلحة الشعب اللبناني الشقيق، كما سلّمته رسالة تهنئة من سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح وأعربت له أن الكويت ستبقى دائماً الى جانب لبنان وهي حريصة على رفاه لبنان الشقيق وأمنه واستقراره».

وسئل القناعي: هل يمكن اعتبار هذه الزيارة فاتحة خير لإعادة الكويت الى لبنان؟ فأجاب: «الكويت لم تدخر وسعاً، لا في الماضي ولا في المستقبل، في تقديم ما هو ممكن للبنان الشقيق بهدف استقراره ورفاهية شعبه».

وهل سيزور الرئيس ميقاتي الكويت قريباً؟ ردّ: «أهلاً وسهلاً به إن شاء ذلك، وهو سيكون بين أهله وفي بلده».

وفي موازاة هذا الحِراك الديبلوماسي في اتجاه لبنان، مضت «الأرض» المعيشية بالتحرك تحت أقدام الحكومة التي أكملت أمس مسار رفْع الدعم عن المحروقات الذي بات يُسعّر وفق المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة sayrafa التي يديرها «المركزي» ويتم تداول الدولار عليها بما هو أقلّ من سعر السوق الموازية بما بين الف والف و500 ليرة.

ومع إعلان تسعيرة جديدة للبنزين والمازوت على دولار 14 ألف ليرة (أصبحت صفيحة البنزين بما بين 202 ألف ليرة و209 آلاف والديزل اويل للمركبات الآليات بـ 162 ألف و700 ليرة) بعدما كان السعر الأسبوع الماضي تم على دولار 12 ألفاً، يكون سعر المحروقات ارتفع بنحو 610 في المئة في سنة (وفق «الدولية للمعلومات»).

وإذ جاءت القفزة الجديدة في أسعار المحروقات غداة إعلان «وكالة بلومبيرغ» أنّ معدّل التضخم السنوي في لبنان أصبح الأعلى بين البلدان التي تتابعها الشبكة، متجاوزاً زيمبابوي وفنزويلا، لافتة إلى أنّ العملة (الليرة اللبنانية) فقدت نحو 90 في المئة من قيمتها وأغرقت ثلاثة أرباع السكان في الفقر، فإن زيادة الأصفار على سعر ليتر المحروقات تسببت بإرباكات لماكينات التعبئة الديجيتال في المحطات التي واجهتْها مشكلة تقنية كون هذه الماكينات (بحسب تقارير إعلامية) «تستوعب 4 أحرف فقط، ومع غلاء سعر صفيحة البنزين أصبح سعر الليتر ما يقارب 10000 ليرة اي 5 أحرف وهو ما لا تتمكن الماكينات من استيعابه» واستدعى لقاءات لمعالجته.

ولم يهدئ رفْع الدعم شبه الكامل عن المحروقات الأسواق حيث بقيت الطوابير في ظل تقديراتٍ بأن تحرير السعر فقط وليس الاستيراد سيُبقي على الأزمة ولو تراجعت حدّتها، إذ ان المشكلة في أصلها تكمن في توفير الدولارات الكافية لديمومة الاستيراد وإغراق السوق بالمحروقات لـ «إطفاء» السوق السوداء التي تجاوز فيها سعر 20 ليتر بنزين ضعف سعرها المحرَّر، وسط أسئلة عن مدى قدرة مصرف لبنان على تأمين الدولارات ومن أين، واقتناعٍ بأن إبقاء الاستيراد يمر عبره ولو من خلال منصة «صيرفة» سيُبْقي على التقنين بفتح الاعتمادات.

وفي موازاة ذلك، بدا أن «حريق» التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت يتّسع على جبهتين: الأولى ما يشبه «الهجوم المضاد» الذي بدأ يشنه رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقون بينهم 3 نواب حاليون بوجه المحقق العدلي القاضي طارق بيطار الذي يصرّ على صلاحية المجلس العدلي في ملاحقتهم وليس «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، وفق رؤية غالبية الطبقة السياسية ورئاسة البرلمان.

وإذ بدأت «طلائع» محاولة الإطاحة بالمحقق العدلي عبر تقديم وكيليْ الوزير السابق يوسف فنيانوس دعوى امام النيابة العامة التمييزية طلبا بموجبها «نقل دعوى تحقيقات المرفأ من امام القاضي طارق بيطار للارتياب المشروع»، والمعلومات عن اتجاه النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق لاعتماد المسار نفسه وكذلك دياب الذي يرجح أن يتقدّم بدعوى عدم صلاحية في ملاقاة جلسة استجوابه في 4 اكتوبر والتي تم إبلاغه بها لصقاً، لم يكن عابراً إعلان المشنوق من دار الفتوى أمس بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان «إذا (جهاز) امن الدولة “مضيعين عنوانه للرئيس دياب فعنوانه دار الافتاء ـ الزيدانية بيروت.

المحروقات في لبنان: رفْع الدعم وتسعير وفق منصة sayrafa وارتفاع 610 في المئة في سنة

خليهم يجوا يشوفوا اذا فيهم يلزّقوا لصقاً على الباب تبليغ حدا أو إحضار حدا»، متهماً المحقق العدلي بأنه يأتمر بمستشار الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي.

  • والثانية المعلومات عن تلقي بيطار تهديداً شفوياً «بالواسطة» من رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.

وإذ استوضح وزير العدل القاضي هنري خوري من المحقق العدلي «ما تداولته وسائل الإعلام منذ يوم الثلاثاء، والمتعلقة بأمنه الشخصي»، مع تأكيده أنه «سيقوم بمتابعة هذا الأمر مع المراجع القضائية المختصة كي يُبنى على الشيء مقتضاه»، نقلت قناة الـLBCI (كان الإعلامي فيها ادمون ساسين كشف أمر «التهديد») أن «بيطار رد خطياً على طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في شأن إعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة شفوية وصلته عبر الواسطة من صفا وذلك بالتأكيد على فحوى الرسالة التي تم التداول بها والتي وصلتْه».

السابق
الفكرة أصلية.. رامز جلال بريء من تهمة السرقة
التالي
البيطار لعويدات: نعم وفيق صفا هدَّدني!