عسكرة الدراما.. نجدت أنزور يشوه الثورة السورية في مسلسله الجديد

نجدت أنزور بشار الأسد

كما اتخذت الدراما المصرية من الجيش شعاراً عريضاً لأعمالها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، فإنّ النظام السوري قرر استنساخ التجربة بإمكانيات إنتاجية رديئة وصورة مزيفة للواقع المعاش عبر مجموعة أعمال كان آخرها “لأنها بلادي” للمخرج نجدت أنزور.

وأنزور المعروف بموالاته العمياء للنظام، انتقى تقديم عدة حكايات مجمعة في مسلسل واحد اختارت وزارة الإعلام السورية التابعة للنظام بتصنيفه كـ “ملحمة وطنية” وإطلاق حملة إعلامية ضخمة له عبر تنظيم مؤتمر صحفي تزامناً مع بداية العرض وبث المسلسل في موعدين مختلفين على ما يسمى بـ “الشاشات الوطنية” فضلاً عن عشرات اللوحات الطرقية والفواصل الدعائية التلفزيونية.

ويقع المسلسل في فخ التنظير الزائف فيعمد إلى تجزئة البيئة السورية إلى بيئات محلية واختيار معركة أو حدث هام في كل بيئة وبناء قصة درامية عليه ناسجاً الكاتب السوري محمود عبد الكريم أحداثها من خيال خصب في الموالاة وتوجيه مباشر من أعلى مستويات النظام.

إقرأ أيضاً: مسلسل سوري يتورط بنشر صورة لمعتقلة في سجون النظام!

هنا وفي المسلسل الموجه يبدو الجيش السوري كأنه السلطة الأقوى على الأرض، تغيب العناصر الأمنية بوحشيتها وساديتها، لا يبدو أي وجود للميليشيات والعناصر الأجنبية المقاتلة إلى جانب النظام والتي تحولت بعد التدخل الروسي إلى متحكمة ومسيطرة وموجِهة لجنود النظام.

كما يبدو في العمل الجندي السوري بأبهى صورة من ناحية الاستعداد النفسي للقتال والقدرة على المواجهة دون أي معوقات معيشية أو حياتية، وهذا يناقض الواقع تماماً حيث يرغم الآلاف من الشباب السوريين على التجنيد الإجباري ويرسلون إلى مناطق التماس مباشرة في أسوء ظروف معيشية مع رواتب لا تكاد تكفي ليومين.

التشويه بلغ مستويات عالية في قصة معركة الثعلة التي قدمها المسلسل في حكايته الرابعة، وتروي الحكاية اقتحام المعارضين لمطار الثعلة العسكري غرب السويداء في خطوة متقدمة لإحكام السيطرة على الجنوب السوري، حيث شكّل مطار الثعلة نقطة تهديد مباشرة للمعارضة السورية في حوران من ناحية انطلاق الحوامات والطائرات العسكرية من مدرجه، واستخدامه كمنصة لقصف الأحياء السكنية في درعا.

ما جرى في مطار الثعلة كان درساً في الوطنية، حين قرر المعارضون حينها الانسحاب بعدما تدخل شبان من الطائفة الدزرية لحماية المطار ووضعهم النظام في المقدمة أمام جنوده، فانسحب المقاتلون من جهة درعا حقناً لحدوث اقتتال طائفي قد يشعل الجنوب بأسره ويحول الصراع من مواجهة بين شعب ونظام إلى صدامات طائفية قد لا تنتهي بسنوات.

لكن وعي أهالي الجنوب وحكماء المنطقة وكبارها من فعاليات اجتماعية ودينية حال دون تمكن النظام من استغلال اقتحام مطار الثعلة لإذكاء نيران الطائفية في الجنوب السوري.

ليأتي المسلسل اليوم ويزيف القصة في زاوية طرحها ويظهر النظام على أنه الحامي للجنوب من مخطط احتلال تقف وراء إسرائيل، عبر عرض اتصالات افتراضية بين مقاتلين معارضين يصنفهم المسلسل بـ “إرهابيين” وضباط إسرائيلين للقضاء على “جيش الوطن” في الجنوب السوري والتوغل للسيطرة على طريق الشام.

ما يزيد الألم في كل ما سبق، هو محاولة الدراما السورية المؤدلجة زج شبان واعدين في التمثيل داخل أتون الصراع عبر إلباسهم شخصيات مزيفة واستغلال طاقتهم للعمل وحلمهم بالنجومية لإيقاعهم في تزييف الواقع وتشويه صورة أحدث لم يمض عليها سنوات وما زال الشاهدون عليها أحياء.

السابق
بعد قنبلة بيطار القضائية.. القاضي الخوري أحال طلبات رفع الحصانات الى المراجع المختصة
التالي
لبنان على مفترق طرق: تأملات شخصية