النفط الايراني.. ما «تحللّه» السياسية تحرمه العقوبات!

النفط
هل طريق إستيراد النفط الايراني إلى لبنان سالكة لوجستيا وعمليا، أم أنها لا تقل تعقيدا عن التبعات السياسية والعقوبات الدولية التي قد تقع عليه إذا قام بهذه الخطوة؟ من وجهة نظر الخبراء الاقتصاديين آلية الاستيراد ممكنة عمليا، لكنها لا تقل وعورة وقسوة عن التداعيات السياسية، والقرار سيكون بيد الحكومة اللبنانية لجهة القدرة على التحمل أم لا.

لم يمر إقتراح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إستيراد النفط من إيران بالعملة اللبنانية مرور الكرام، فسيل الاراء  والتعليقات التي دفقت على وسائل التواصل الاجتماعي، تشي أن هذا الطرح أشبه بعود الكبريت، الذي سيشعل نار السجالات الداخلية حول مدى صوابية هذا الطرح، في ظل العقوبات الاميركية على إيران، التي تمنع أي دولة من إستيراد النفط منها، ناهيك عن التداعيات السياسية لتحوّل لبنان نحو التبادل الاقتصادي والنفطي مع دول الشرق،  وتحديدا إيران ومدى قدرته على تحملها.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يُودّع الدولة ويستقبل «الدويلة»!

كيف ستتم عملية النقل؟

بغض النظر عن المعنى السياسي لإستيراد لبنان النفط من إيران، فإن البحث يبدو مشروعا عن مدى إمكانية تحقق ذلك عمليا، وجدواه الاقتصادية على البلدين، وفي هذا الاطار يشرح الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي لـ”جنوبية” أنه في  المبدأ، الفكرة ممتازة لأن شراء الفيول من إيران بالعملة اللبنانية، يعني عمليا أننا نأخذ هبة منها في ظل الوضع المتردي لعملتنا الوطنية”، لكن المهم برأيه “كيف ستتم عملية النقل في ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وتحديدا الحصار النفطي عليها”، مشيرا إلى أن “أي باخرة يمكن أن تشحن النفط سواء من بندر عباس أو بوشهر أو أي مرفأ نفطي إيراني، ستتعرض للتفتيش أو المنع من قبل القوات الاميركية الموجودة في الخليج”، ويلفت إلى أن هناك “طريقة أخرى ولكن مضنية جدا، وغير مربحة لإيران وهي نقل النفط برا أي من إيران عبر العراق فسوريا ثم لبنان، وهذا الامر يحتاج إلى أسطول كي يفي بحاجات لبنان من النفط ( يحتاج إلى مليوني طن من البنزين في العام ومليوني طن من المازوت والديزل والغاز أويل) “.

ياغي لـ”جنوبية”: لبنان لا يمكنه إستيراد موادا نفطية من إيران بسبب العقوبات 

يضيف:”الطريقة العملية هي بواسطة البواخر شرط أن يتم شحنها ببواخر تابعة لشركات نقل، ترتبط بمصالح مع الولايات المتحدة الاميركية أي الشركات الصينية، وهذه  الطريقة تستعملها إيران لبيع نحو مليون برميل نفط يوميا، إلى الصين وفنزويلا وكوريا الشمالية و تتم بسلالة ودون مشاكل”.

 والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل ستطال العقوبات لبنان إذا تم الاستيراد من دولة إلى دولة؟

يجيب ياغي:”بالمبدأ ممنوع أن يستورد لبنان موادا نفطية من دولة عليها عقوبات دولية كإيران، لكن يفترض أن تسبق خطوة الاستيراد حملة دبلوماسية من لبنان بإتجاه الدول المعنية بالعقوبات، أي الولايات المتحدة ودول الغربية لشرح مدى حاجة لبنان إلى هذا الاستيراد، وأن الوضع المستعصي يستلزم  غض طرف غربي عن هذا الاستيراد لدواعي إنسانية”.

يختم:”يمكن للبنان أن يحقق نتائج في هذا الموضوع شرط أن تكون الدبلوماسية اللبنانية ناشطة، خصوصا أن الوضع الاقليمي يساعد على هذا الامر في ظل المفاوضات الاميركية – الايرانية الحاصلة حاليا والكلام أن الحصار البترولي عليها سيرفع عن إيران قريبا”.

الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي
الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي

الاستيراد من إيران يعرض لبنان لنفس العقوبات

في المقابل يشرح الخبير النفطي فؤاد الانسي لـ”جنوبية” تداعيات إستيراد النفط من إيران من الناحية الاقتصادية واللوجستية بالقول: “من الناحية القانونية إستيراد النفط من دولة تطالها العقوبات الدولية يعني تعريض لبنان لنفس هذه العقوبات، أما من الناحية اللوجستية  فممكن الاستيراد إما عن طريق البواخر والناقلات التي يجب أن تمر في أكثر من معبر دولي  لأنه ليس هناك أنابيب لنقل النفط من إيران عبر العراق وسوريا وصولا إلى لبنان، مما  يطرح السؤال هل سيسمح لها أن تمر في قناة السويس مثلا “.

 الانسي لـ”جنوبية”: الدفع لإيران بالليرة اللبنانية يعني طبع كميات ضخمة منها

يضيف :”يمكن أن تنقل الصهاريج برا عبر العراق فسوريا ثم لبنان، لكن هل يمكن ضمان أن تكون  المسافة الجغرافية التي تفصل بين لبنان آمنة، خصوصا أن هذه الصهاريج يمكن أن تمر في مناطق نفوذ لمسلحين يعادون إيران في سوريا ومناطق أخرى تحت سيطرة الروس  فهل سيسمح لهذه الصهاريج بالمرور؟ وهذا يعني أن هناك صعوبات لوجستية قد تواجه إستيراد النفط برا”.

يلفت الانسي أن “الدفع لإيران بالليرة اللبنانية يعني طبع كميات ضخمة من العملة الوطنية لتسديد ثمن هذه الشحنات، فهل سيتمكن المصرف المركزي من القيام بهذه الخطوة؟ والاهم  من هذا كله أن هذا الاستيراد هو تكريس الدور السياسي لإيران في لبنان وإعطائها كمية كبيرة من عملتنا الوطنية  لتكون سلاح في يدها في المرحلة المقبلة”، لافتا إلى أن “أي باخرة نفط يساوي ثمنها 30 مليون دولار ولبنان يحتاج شهريا إلى 4 بواخر نفط بنزين وباخرتان من المازوت أي مئتي مليون دولار في الشهر ما يعني أن مليارات من العملة اللبنانية يجب طباعتها لتسلم إلى إيران”.  

الخبير النفطي فؤاد الانسي
السابق
لبنان يشتعل على وقع اشتعال الدولار.. طرقات مقطوعة من بيروت الى الجبل والشمال!
التالي
الرئاسة «تقضم» الحكومة.. العزي لـ«جنوبية»: عون يخرق الدستور من الكهرباء الى الترقيات!