القاضية عون ماضية في تمردها..درباس لـ«جنوبية»: التصدي للفساد دسم مليء بالسم!

رشيد درباس
سلوك النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، يشير بوضوح إلى أن الطبقة السياسية تصر على أن يكون "الامر لها"، وأنه يمكن وضع القضاء في جيوب الزعامات والمرجعيات الطائفية والسياسية، طالما أن هناك قضاة على استعداد للإملاء والتوقيع وهناك "جماهير لبنانية" مستعدة للتماهي مع حُماتها السياسيين.

لا يمكن التوقف عند خبر تقديم القاضية عون شكوى ضد رئيسها المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات و قاضيين آخرين مرور الكرام، قبيل مثولها اليوم أمام مجلس القضاء الاعلى، بل أن التمعن في معانيه السياسية يظهر أن “التمرد” الذي قادته منذ نهاية الاسبوع الماضي، ولا يزال متواصلا إلى الآن، أطلق رصاصة الرحمة على هيكل الدولة في لبنان الذي من المفروض أن يشكل القضاء عاموده الفقري، لجهة قيادة عمليات الاصلاح والإنقاذ وحماية الدستور.

إقرأ أيضاً: «المواجهة الشعبوية» أمام العدلية تسقط هيبة القضاء.. لبنان ليس بخير!

سلوك القاضية عون ليس وليد لحظة سياسية فريدة، أمنّت لها الغطاء لكي تفعل ما تشاء وتضرب بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد التي تنظم عمل القضاء، بل هو حلقة من سلسلة قيّدت القضاء منذ إستقلال دولة لبنان الكبير وإشتد ضغطها خلال الجمهورية الثانية، إلى أن جعلت بعض القضاء أداة مطيعة بيد الطبقة السياسية .

وبالرغم من محاولات القيمين على الجسم القضائي، التفلت من هذا القيد أكثر من مرة إما عبر محاولات فردية أو جماعية (تجربة نادي القضاة الجريئة)، فإن ما حصل في الايام الماضية يشير بوضوح إلى أن القضاء معتقل من قبل الطبقة السياسية، وبالتالي السؤال الذي يدور في الاذهان، هو هل سيتمكن مجلس القضاء الاعلى وهيئة التفتيش المركزي من إطلاق سراحه، و أن يحولوا المخاض القضائي الحاصل اليوم إلى فرصة، يمكن الرهان عليه مستقبلا لتكون الرافعة لخروج لبنان نفق الفساد والزبائنية؟

ما يحصل في القضاء جزء من تداعي الدولة

يوافق الوزير السابق رشيد درباس على أن “التدخل السياسي في الشؤون القضائية ليس وليد اليوم بل عمره سنوات”، ويشرح لـ”جنوبية” أنه “منذ أن كانت هناك سلطة قضائية في لبنان كان هناك نزوع دائم لدى السلطة السياسية للتدخل والتأثير على المسار القضائي، ولكنها كانت في كثير من الاحيان تُجبه بالتقاليد القضائية، وبقُضاة كانوا على المستوى المطلوب لجهة الفصل بين الناس وقول كلمة الحق”، لافتا إلى أنه “عندما تكون الدولة متداعية او متصدعة فهذا سيصيب أعضاءها كلها، وكنّا نأمل أن يكون الجسم القضائي هو آخر من يتأثر بهذا التهتك، و لكن ما نراه اليوم ليس كما يظهر بأنه بحث عن الحقيقة أو الاموال المهدورة ومكافحة الفساد، بل ما يجري ما هو إلا مظاهر لذلك التداعي الذي نتحدث عنه”.

آمل أن يستعيد القضاء توازنه في المرحلة المقبلة ولكن ذلك يتوقف على الارادة القوية لمجلس القضاء 

يضيف:”الدولة التي تذوب أمام أعيننا بفعل الممسكين بها، ويجدون الآن في القضاء وسيلة من الوسائل التي يستخدمونها لخوض غمار معاركهم الدنكيشوتية الفاشلة، هم الآن يخوضون في رمال متحركة وكلما أبدوا نشاطا معينا كلما إزدادوا غرقا وهذا ما يحصل الآن”، مشددا على أنه “يريدون أن يغرقوا القضاء وأعتقد أن مجلس القضاء الاعلى يحاول صد هذه الهجمة، خاصة أن الحركة التي حدثت أخيرا أخذت طابعا شعبويا، يهدف أصحابه إلى تحويله إلى نزاع وإنقسام طائفي بين المسيحين والمسلمين لأنهم لم يجدوا سوى إنتاج ذلك الانقسام لكي يظللهم بعدما تعروا من كل شيء”.

عندما تكون الدولة متداعية او متصدعة فهذا سيصيب أعضاءها كلها

يأسف درباس لأن “هناك من إستجاب لهذا الكمين السفيه وإنطلقت تظاهرة تؤيد المدعي العام التمييزي، علما انه ليس بحاجة إلى مؤيدين وهو ليس في مكان المنافسة أو التنازع مع القاضية عون، بل هو يتخذ تدابير بحق عون لأنها مرؤوسته، والتي عليها ان تتقيد بالتعليمات الخطية والشفهية منه بحسب المادة 13 من قانون أصول المحاكمات الجنائية”.

لا إنقسام في الجسم القضائي

في المقابل لا يرى درباس أن “هناك إنقساما في الجسم القضائي، ومجلس القضاء الاعلى على موقف واحد، ربما كانت هناك آراء ولكن لا يغتر أحد بالشعارات البراقة بأن هناك قاضيا شجاعا يحاول أن يتصدى للفساد هذا دسم مليء بالسم فحذار من ذلك “.
والسؤال الذي يطرح هنا ما هي الضمانات لكي لا يتكرر ما قامت به القاضية عون من قبل قاض آخر يجد من يسانده من الطبقة السياسية؟

الدولة تذوب أمام أعيننا بفعل الممسكين بها ويجدون في القضاء وسيلة لخوض غمار معاركم الدنكيشوتية الفاشلة

يجيب درباس:”الاجراءات الرادعة التي يجب أن يتخذها مجلس القضاء الاعلى، وأعتقد انه بمجرد ان تقف هذه المهزلة فهذا بحد ذاته يعتبر درسا للمواطنين، آملا “أن يستعيد القضاء توازنه في المرحلة المقبلة، ولكن ذلك يتوقف على الارادة القوية لمجلس القضاء الاعلى، برئيسه وهيئة التفتيش القضائي التي يجب أن تتحرك ولمدعي العام التمييزي” .

السابق
بصيغة مبتكرة وغير تقليدية.. مفاجآت حفل أوسكار 2021
التالي
صحافي الأخبار يُهلل بتناقض لقرار دهم منزل شربل خليل.. ويستحضر حدث تطويقه في مبنى الجديد!