لو بُعث الرسول حيّاً..ما حكمه بحق متهكميه؟!

تظاهرات رفضا للاساءة للنبي محمد
ما زالت عمليات الطعن وقطع الرؤوس ومحاولات القتل جارية في فرنسا ردا على رسومات كاريكاتورية ساخرة طالت النبي محمد (ص)، ولكن ماذا لو عاد رسول الرحمة الى الحياة، هل كان فعلا امر بقتل المحررين في صحيفة شارلي ايبدو، او بقطع رأس استاذ التاريخ الذي عرض رسوما مسيئة له؟

مجرد أن بدأ النبيُّ محمداً صلى الله عليه وسلم دعوته إلى الإسلام علناً عقب هبوط الوحي سنة 610 ميلادي، وجد أتباعه الذين كانوا يعدوا بالعشرات في مواجهة مختلف ألوان العذاب الوحشيِّ، حتى الإعدام. فالصحابيان بلال بن رباح وصهيب بن سِنَان فقد صُفِّدا بالأغلال وتُركا لتنسلخ جلودهما فى ظهيرة شمس الصحراء. وأول من استشهد كانت سُمية بنت الخياط والتي قُتلت بطعنة رُمحٍ في حوضها..

تجرع الرسول في مكة صنوفا من الإذلال الذي تجرعه من وثنيِّي قريشٍ كان غاشماً فلم تتوان لهم فرصة لتشويه سمعته أمام الناس إلا واستغلوها

وتجرع الرسول في مكة صنوفا من الإذلال الذي تجرعه من وثنيِّي قريشٍ كان غاشماً.. فلم تتوان لهم فرصة لتشويه سمعته أمام الناس إلا واستغلوها، أما بناته فطلقوهنّ، وأما عشيرته جمعاء فلثلاث سنواتٍ تم تشريدها وتجويعها.

وأما عن الانتهاك البدني، فقد حاول عُقْبة بن أبي معيط خنقه من وراء ظهره بينما كان يصلي بين الناس.. أما أبو جهلٍ فقد أمر أن يُلقي على بدنه الشريف سلا الجذور بينما هو ساجد.. بَصَق عليه عُتَيْبَة بن أبي لهب.. وضربه آخرون حتى أن فقد وعيه..

قصة عمار بن ياسر

ولما أمر الله نبيه محمدًا بالجهر بالدعوة إلى الإسلام بعد أن مكث ثلاث سنوات يدعو سرًا، وبدأت أعداد المؤمنين تزداد يومًا بعد يوم، فازداد غيظ كفار قريش، حتى قرروا أن يعذبوا مَن دخلوا في الإسلام؛ ليكونوا عِبرة لغيرهم من الناس، حتى لا يتجرأ أحد بعد ذلك على الدخول في دعوة محمد،فصبَّت قريش العذاب على المؤمنين صبًّا، وكان مِن بين المعذبين أسرة عمار بن ياسر، عذبوه مع أبيه ياسر، وأمه سمية؛ لأنهم آمنوا بدين محمد.

عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه حتى سبَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه. فلما أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له عليه الصلاة والسلام: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول اللّه، ما تُرِكت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير.

إقرأ أيضاً: التجاوزات لا تنتهي في المجلس الشيعي ..سعي لتعيين قضاة شرع رغم تعليق المهل!

قال: فكيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان، قال: فإن عادوا فعد. وقد ذكر غير واحد من أهل التفسير أن عمار هو الذي أنزل الله تعالى في شأنه هذه الآية، وهي قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ[النحل:106].

اذن، وبناء على الرواية المشهورة عن عمار بن ياسر، التي اضطر فيها الى شتم الرسول تحت التعذيب في مكة، وسامحه بعد ان اطمأن الى نقاء ايمانه، فاننا على يقين ان نبينا الكريم لو عاد في عصرنا الحالي ليحكم على من شتمه او اساء اليه في رسوم، لنظر الى عموم المسلمين وسألهم عن قلبهم كما سأل عمار بن ياسر، حتى اذا اطمأن الى ايمانهم قال لو عاد اليها من اساء فسامحوه كما سامحت عمارا، لأن ما يعتمر في القلب من ايمان وتقوى ومحبة هو أسمى من اي لفظ شائن او رسوم سخيفة لا تسيء إلا لمن نشرها.

السابق
التجاوزات لا تنتهي في المجلس الشيعي ..سعي لتعيين قضاة شرع رغم تعليق المهل!
التالي
فرحان صالح لـ«جنوبية»: حراك 17 تشرين حقق حلماً راودنا نصف قرن!