بين «الحاكم» والحكم من بيروت الى لاهاي!

اغتيال رفيق الحريري

في الرابع عشر من شباط عام 2005  هز بيروت انفجار ضخم أودى بحياة 22 شخصاً، بمن فيهم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والى إصابة اشخاص كثيرين آخرين، ومع هذا الانفجار، انفجر غضب الشعب اللبناني في وجه الوصاية السورية والسلطة اللبنانية الموالية لها آنذاك.ومع سلطة جديدة منبثقة من ارادة الشعب، طالبت الحكومة اللبنانية بانشاء محكمة دولية خاصة بلبنان، وقد عملت الأمم المتحدة على جعل أحكامها نافذة في 30 أيارمن عام 2007 من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1757.

بدء العمل بالمحكمة الدولية في الاول من اذار عام 2009 في لاهاي في هولندا، وهي هيئة قضائية مستقلة، وليست من محاكم الأمم المتحدة، وقد نُقل اختصاص لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة إلى المحكمة الخاصة بلبنان مع تسليم المعلومات التي جمعتها اللّجنة خلال تحقيقها إلى مكتب المدعي العام.في الخامس والعشرين من كانون الثاني عام 2008، اغتيل الرائد في قوى الأمن الداخلي وسام عيد، الذي اقترب من كشف حقيقة الجهة المنفذة لعملية الاغتيال التي سقط ضحيتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك من خلال تمكنه من تحليل “داتا” الإتصالات والعمل على تفكيك شيفراتها بعيداً عن أجهزة المراقبة وعمليات التجسس التي كانت تخضع لها “شعبة المعلومات” التابعة لقوى الأمن الداخلي، هذه “الداتا” التي اعتمدت عليها المحكمة في إصدار قرارها الاتهامي في آب 2011.

اقرأ أيضاً: محكمة قالت كلمتها.. عياش «يفتدي» حزب الله!

في جلسة النطق بالحكم في الثامن عشر من آب عام 2020 وأثناء جلسة النطق بالحكم، قالت القاضية ميشلين بريدي، وهي تقرأ ملخصا للحكم الصادر في 2600 صفحة، إن المحكمة الخاصة بلبنان مطمئنة بدرجة لا تدع مجالا لشك منطقي إلى أن الأدلة تظهر أن سليم عياش متورط في عملية اغتيال الحريري عمدا وعن سابق إصرار، في حين لم تثبت لدى المحكمة أي أدلة على ضلوع أسد صبرا وحسين عنيسي، مشيرة إلى أن الأدلة تأكد أن عياش كان ينتسب لـ “حزب الله”.     

 المحكمة أنشأت على مبدأ عدم توجيه الاتهام لدول أو منظمات بالاتفاق مع روسيا بعد أن هددت باستخدام حق النقض “الفيتو”  ضد قرار مجلس الأمن القاضي بانشاء المحكمة الخاصة بلبنان، أي تحدد اطار المحكمة الاتهامي بتوجيه التهم للافراد.

 المحكمة أصدرت الحكم بناء على الأدلة والاثباتات التي وضعها في حوزتها المدعي العام نورمن فاريل الذي لم يتوسع باكثر مما وصل اليه وسام عيد ببضعة أشهر، فلماذا كل هذه السنوات من التحقيقات العبثية التي بددت الكثير من الوقت والمال؟ هل كان ينتظر الوقت المناسب الذي يناسب جهات معينة؟ ولماذا لم يتوسع بالتحقيقات ليستحصل على المعلومات الكافية لادانة كل المتورطين، وهل هناك معلومات اضافية لم يقدمها لابقاء الباب مفتوح للتسويات والمساومة على مكاسب سياسية؟ فالكثير من الأسئلة أجوبتها مخفية عند المدعي العام.

المحكمة واضحة وشفافة وحكمها لا مجال للشك فيه ، ولكنها لم تصل الى الحقيقة الكاملة، وتركت المجال مفتوحا للنقاش وللكثير من الأسئلة والأقاويل، فهذه محكمة ناقصة قطعت الطريق على كل من يفكر بالمطالبة بمحكمة دولية مجددا، فلا عدالة كاملة في الأرض وخاصة الشعوب العربية.

السابق
«فيتش» تؤكد تصنيف لبنان «المتعثر».. اليكم التفاصيل!
التالي
في باب التبانة.. سقوط قتيلين باشكال واطلاق نار عشوائي!