تشتري الوقت بوهم المساعدات.. الجسر وغبريل لـ«جنوبية»: الحكومة لا تملك القرار ومنفصلة عن الإقتصاد!

الحكومة اللبنانية برئاسة دياب
يبدو ان الوقت هو السلعة الاساسية في سوق حكومة حسان دياب، تلهث باحثة منذ تأليفها عن شرائه قبل حصول الإنهيار الكبير، الناتج عن التلكؤ في تطبيق الاصلاحات المطلوبة لمدّ لبنان بشرايين الدعم من صندوق النقد والمجتمع الدولي .

لذلك تتلهى هذه الحكومة خلال هذا الوقت الضائع عن لبنان واللبنانيين، بإقتراح الإتجاه نحو الشرق تارة (الانفتاح على الصين وإغراق الأسواق بضاعة إيرانية) بعد أن أوصدت في وجهها أبواب الغرب، وتارة أخرى اللجوء إلى الدول العربية للحصول على حفنة من المساعدات لإبقاء الاوكسجين ساريا في عروق الكيان اللبناني، وما إنفتاح لبنان على تبادل النفط مقابل المنتوجات اللبنانية مع العراق وجولات المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم إلى كل من الكويت ولاحقا قطر، والتهليل من مناصري “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بأن إبراهيم سيجلب معه “المن والسلوى”، سوى دليل على محاولات الحكومة العقيمة لكسب الوقت، فيما يناشد صندوق النقد الدولي “سلطات لبنان التوافق حول خطة الانقاذ المالي الحكومية ويقول أنه جاهز للعمل على تحسينها إذا قضت الحاجة”.

تتلهى هذه الحكومة خلال هذا الوقت الضائع عن لبنان واللبنانيين، بإقتراح الإتجاه نحو الشرق تارة، وتارة أخرى اللجوء إلى الدول العربية

لا مفر من الاصلاحاتكل ما سبق يعني أن الحكومة ليس لديها النية ولا تملك القرار للقيام بالاصلاحات المطلوبة، وكل ما تحاول فعله هو إعطاء الانطباع بأنها حكومة منتجة بشتى الطرق، آخرها طلب المساعدة من الاشقاء العرب، فهل تمنع هذه المحاولة تدهور الموقف السياسي والاقتصادي في لبنان، أم ستؤدي الى إرتفاع كلفة القيام بإصلاحات بسبب إضاعة الوقت؟الاجابة على هذا السؤال تحمل شقين سياسي وإقتصادي ولكنه تلتقي على مدماك أساسي وهو “لا مفر من القيام بإصلاحات وكفى إضاعةً للوقت”.

وهذا ما يوافق عليه عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر الذي يلفت لـ”جنوبية”إلى أن “مبدأ اللجوء إلى الدول العربية طلبا للمساعدة ليس خطأً، ولكن المهم أن من يطلب المساعدة عليه أن يظهر للطرف الاخر أنه  جدي وأنه يحاول مساعدة نفسه عبر وقف الهدر في خزينة الدولة، كي يقنعه بإقتطاع جزء من أمواله التي يجمعها من المكلفين في بلاده لكي يعطيه إياها وهذا ينطبق على الدول العربية والغربية وإلا سيشعر الطرف الاخر بأنه يضيع أمواله هباءا”، مذكرا بأن”حكومة الرئيس سعد الحريري حاولت القيام بهذا الامر في مؤتمر سيدر، بعدما إستشرفت بأن البلد قادم على واقع صعب  ولا بد من مشاريع تصلح الوضع الاقتصادي والمالي للبنان”.

الحكومة الحالية لم تستطع أن تنجز أيا من الملفات الثلاثة لإعطاء المجتمع الدولي إنطباعا بأننا جديين

يشير الجسر إلى أن “شرط المساعدة كان وقف الهدر في الخزينة وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يستنزف أموال الخزينة، وأيضا ضبط الهدر في الجمارك والذي يؤدي الى خسارة لبنان أموال طائلة بالاضافة الى منع التهريب في المعابر غير الشرعية، والشق الثالث يتعلق بإصلاح القضاء”، مبديا أسفه أن “الحكومة الحالية لم تستطع أن تنجز أيا من الملفات الثلاثة   لإعطاء المجتمع الدولي إنطباعا بأننا جديين، فالتشكيلات القضائية متوقفة وملف الكهرباء لا يزال عالقا و الجمارك لم يتخذ فيها أي إجراء”. 

ويختم:”طلب المساعدة ليس خطأً ولكن إضاعة الوقت هو الخطيئة، والاسوأ أن لا نقوم بأي شيء يقنع المجتمع الدولي بمساعدتنا فإذا لم نتحرك للقيم بالخطوات اللازمة لوقف النزف، فإننا كمن يتدحرج في الوادي ولا يجد جذعا يتمسك فيه لكي يمنع نفسه من الوصول إلى القعر”.

لا بديل عن إرادة سياسية بالنهوض إذا كانت الاجراءات التقنية لإعادة النهوض بالاقتصاد اللبناني معروفة، فما ينقص إذا هو القرار السياسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وهذا يبدو غائبا إلى الآن، وهذا ما يوافق عليه الخبير الاقتصادي نسيب غبريل الذي يشرح ل”جنوبية” أن “إعادة العجلة الاقتصادية إلى طبيعتها هي مسؤولية البنانيين وليس المجتمع الدولي، من خلال تطبيق الاصلاحات التي تفتح الباب أمام إستعادة الثقة وحركة النمو”، مرحبا “بكل المساعدات الدولية والعربية ويتمنى أن تترجم عمليا، لكن هذا كله ليس بديلا عن أن يكون هناك إرادة سياسية في لبنان للنهوض بالاقتصاد اللبناني”.

لا يمكن الإعتماد على المساعدات الخارجية من دون القيام بالاصلاحات الجذرية

ويشدد على أنه”لا يمكن الإعتماد على المساعدات الخارجية من دون القيام بالاصلاحات الجذرية، وفي حال وصول كل المساعدات الموعودة فهي مساعدات موضعية ومؤقتة، والمجتمع الدولي يعرف تماما أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة تتعهد له و للشعب اللبناني بالقيام بوعودها ولا تفي إلا ببند زيادة الضرائب على المواطنين والقطاع الخاص”، مذكرا أن “المجتمع الدولي أعطى آخر فرصة للبنان في مؤتمر “سيدر” عبر تخصيص 11 مليار دولار لمشاريع البنى التحتية مقابل القيام بإصلاحات بديهية ومتواضعة مثل تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء وتعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان، وتخفيض العجز في الموازنة العامة بنسبة 1 بالمئة سنويا  على مدى 5 سنوات لكن المسؤولين اللبنانيين لم يقوموا بشيء”.

ويلفت إلى أن “المجتمع الدولي يقول للبنان اليوم أن إعادة دعمه وإسترجاع الثقة فيه يكون من خلال إتفاق تمويلي مع صندوق النقد الدولي ولا مساعدات مستدامة إلى لبنان، إلا بالاتفاق مع الصندوق على برنامج إصلاحي متكامل بأولويات واضحة وبمهل زمنية محددة وأهداف معروفة ومتفق عليها من الجانبين”، موضحا أن “طريقة صندوق النقد في العمل مع الدول الطالبة للمساعدة تبدأ بتنفيذ إصلاحات قبل توقيع الاتفاق لمعرفة جدية الحكومة في تنفيذها، وضخ الأموال يتم وفقا لجدول زمني يتماشى مع تطبيق الاصلاحات، وهذا ما يعطي مصداقية لبرنامج الحكومة الاصلاحي ويشجع مصادر أخرى للإستثمار في لبنان و ضخ السيولة”. 

المساعدات التي قد تأتي من بعض الدول العربية هي لكسب بعض الوقت

ويرى أن “المساعدات التي قد تأتي من بعض الدول العربية هي لكسب بعض الوقت، لكي يشعر المواطن اللبناني أنه لا يقف على رمال متحركة وأن كلفة معيشته لا تزداد بشكل جنوني كل يوم، وبالتالي هذه المساعدات إذا ترجمت توقف النزيف الحالي وتؤدي إلى تراجع سعر صرف الليرة لغاية( هذا ما يجب أن تكون عليه خطط المسؤولين) توقيع إتفاق مع صندوق النقد”.

ويختم:”في حال لم يوقع المسؤولون في لبنان إتفاقية للإصلاحات مقابل الدعم، فإنهم  سيتحملون مسؤولية تاريخية خصوصا أنهم إرتكبوا أخطاءاً تاريخية تمثلت بتعثر لبنان عن تسديد سندات اليوروبوند، من دون محادثات مع حاملي السندات وبدون تنسيق مع صندوق النقد وهذا ما أوصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه، والعجيب أن هؤلاء المسؤولين  يستغربون كيفية عمل الصندوق (بأنه لا يقدم مساعدات من دون القيام بإصلاحات) وهذا دليل على أن أنهم منفصلين عن الواقع”.

السابق
التدقيق الجنائي المالي يدفع ببري وفرنجية للتهديد بالاستقالة.. والحجّة التعامل مع العدو!
التالي
عباس إبراهيم لـ«الراي»: مطالب لبنان بين يدي سمو الأمير