أما آن لنهب الأموال أن ينتهي؟!

النهب

بين جائحة الكورونا واجتياح حقوق المواطن ومدخرات اللبنانيين الذين وهم يتحسبون لعملية “الاقتطاع”، تجري عملية منظمة لنهب ودائعهم بقيمة العملة الوطنية التي تهاوت امام سعر الدولار، الذي تجاوز سعره الثلاثة الاف ليرة فعليا فيما السعر الرسمي لايزال على ما يزيد عن الالف وخمسماية ليرة، خسرت نصف قيمتها فالليرة صارت نصف ليرة في اشهر قليلة، راتب الموظف خسر نصف قيمته. 

اقرأ أيضاً: هل إنتهى عصر «الحاكم» بأمر المال.. والسياسة؟!

استمرار النهب

عملية النهب جارية ومستمرة، وتجميد الودائع هو تمهيد لتحميل المودعين عبء الخسائر الاضافية، وكل ذلك يجري امام انظار اللبنانيين، فيما السلطة السياسية وحكومتها، يغريها زمن الكورونا لمزيد من تحميل المواطن اعباء السياسات المالية والمحاصصة الحزبية، من دون ان تكلف نفسها بتغطية عملية النهب، بأي اجراء كأن تحاسب مفسدا، او تستعيد ملكا عاما مصادرا، او مالا منهوبا من قبل مسؤول او موظف فاسد. علما ان المودعين الكبار من محظيي سلطة النهب، اخرجوا ودائعهم خلال العام الماضي من لبنان الى الخارج، واي اقتطاع من الودائع وهو مطلوب يجب ان يطال هؤلاء، وكل من استثمر في الهندسة المالية، اقتطاع لا يطال رأس المال بل الأرباح غير المشروعة التي وفرتها الهندسات المالية والفوائد الكارثية. باختصار السلطة يجب ان تطال هذه الفئة، اي ان الاقتطاع لا يمكن ان يطال رأس المال بل الفوائد التي جناها هؤلاء طيلة السنوات العشر الماضية، وعلى المصارف ان تدفع جانبا من كلفة الخسائر، لا ان تطال المواطن الموظف او المتقاعد او العامل الذي دفع كلفة انخفاض سعر العملة الوطنية.

الكارثة مستمرة، فالخسائر مفتوحة على المزيد، فالسلطة التي تقدم نفسها على انها ستخرج لبنان من الحفرة التي اوقعته بها، لا تزال متوهمة بأنها قادرة على أن تدير الدولة

“السلطة المقاومة”

جاء “حزب الله” وحلفاؤه بحكومة جديدة ترأسها حسان دياب، وجرى تنصيب الوزراء بالمحاصصة بين اقطاب السلطة “المقاومة” من “تيار المردة” الى طلال ارسلان، ومن تيار جبران باسيل الى مندوبي قائد المقاومة وسيدها، ومن وزراء حركة المحرومين و”نبيهها”، الى “زعيم مسيحيي الشرق” وجنرالهم ميشال عون. 

حكومة مقاومة من “أشرف الناس” لا عميل بينهم ولا من يشك بالتآمر على دماء الشهداء، حكومة حظيت بثقة الأمين على المقاومة، الذي تخلص ممن يشوشون على خط المقاومة أو مخلفات ١٤ اذار.

وماذا بعد؟ ليس امام الحكومة المرسومة بتفاصيلها والمحكومة للأداء الذي يرسمه حلف المقاومين لها، الا ان تندد بسياسات سابقة، وتتنصل من اي مسؤولية عن الكارثة التي وصل اليها لبنان، من فقر مدقع، ونهب مفجع، واستئثار جشع، واقتصاد متداع، وسلطة البِدَع، وكوارث اجتماعية من رأى ليس كمن سمع.

براعة انهيار السلطة

الودائع في البنوك اللبنانية نصفها اي ما يقدر بـ80 مليار دولار وهو الرقم الذي قيل انه حجم الخسائر المقدرة بحسب التقرير الذي سربته الحكومة عن خطتها الاقتصادية، هو الرقم الذي يتطلب شطبه من ديون الدولة، وهو رقم مجرد رقم، اي ان الودائع ليست موجودة، والمطلوب الغاؤها وشطبها.

المشكلة او الكارثة مستمرة، فالخسائر مفتوحة على المزيد، فالسلطة التي تقدم نفسها على انها ستخرج لبنان من الحفرة التي اوقعته بها، لاتزال متوهمة بانها قادرة على ان تدير الدولة، هي انجزت ادارة عملية الانهيار ببراعة، وهي بالضرورة عاجزة ولا تريد انقاذ لبنان من الأسوأ.

شروط الخروج من المأزق دونها الكثير من الاصلاحات والمحاسبة واعادة الاعتبار لسلطة القضاء، اي باختصار عقد اجتماعي جديد، يتيح توزيع الخسائر بشكل عادل وتوزيع المكاسب المستقبلية بعدل بين طبقات المجتمع وفئاته، لا بين طوائفه واحزابه.

هذا ما يحتاجه لبنان لتحقيق خطوة على طريق استعادة الثقة، داخليا وخارجيا، والثقة هنا شرط لا بد منه ومن دونه، فان الفوضى والتحلل هما النتيجة الحتمية والسريعة للدولة..

متى تقلع هذه السلطة البائدة وحكومتها “البتراء”، عن ممارسة ألاعيبها لشفط أموال فئة الكادحين وتنعم شلة المارقين بها؟

عامل الثقة يتطلب تغييرا لا مفر منه ليس في الاقتصاد او في بنية نظام المحاصصة الطائفي فحسب، بل في السلطة السياسية الحاكمة، وهو ليس شرط خارجي بقدر ما هو مطلب داخلي وضرورة لا بد منها للخروج من النفق الذي دخله لبنان.

اقرأ أيضاً: الحكومة اللبنانية ترتكب «مجزرة» مالية تحت جنح الجائحة

فداحة النهب والفساد

هذه الطبقة الحاكمة التي لا تريد محاسبة اي فاسد على رغم فداحة النهب والفساد، ولا تريد ان تخرج على نظام المحاصصة على رغم تلاشي مقدرات الدولة والمجتمع، ولا تريد الانتقال من ثنائية الدولة والدويلة، على رغم ما سببته هذه الثنائية من عزل وعزلة للبنان عربيا ودوليا، هذه السلطة باتت امام الحقيقة وبات اللبنانيين على اهبة الانفجار الى حدّ الانتحار للخلاص من العزلة والحجر الذي لم يعشه لبنان حتى في زمن الحرب، ويعاني منه قبل زمن الكورونا وتفاقم في ظلها.

متى تقلع هذه السلطة البائدة وحكومتها “البتراء”، عن ممارسة ألاعيبها لشفط أموال فئة الكادحين وتنعم شلة المارقين بها؟. الإنتفاضة متوقدة وان أخذت إستراحة المحارب!  

السابق
رغم تجاوز الاصابات بـ «كورونا» المليون في اوروبا.. الدنمارك تفتح مدارسها!
التالي
بعد هروبها من «أشباح أوروبا».. هيفا وهبي تغادر رمضان بلون أسود فاتح!!