إلى تجار الدين: إرحمونا في زمن الكورونا!

كورونا

سألت الأقلام في شكر كورونا لأنه أيقظ البشرية، وإني لأُحسن الظنّ في كثيرين ممن كتبوا أو وعظوا، لكن كرهي للسكوت عن لصوصيّة كهنة معابد العصر المتلبسين بالإيمان من سياسيّن ورجال دين مسيّسين، جعلني أنحو الى الجانب الذي تهيّبه الآخرون. الإمام علي بن أبي طالب (ع) قال في الحكمة: _إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً (أي طمعا بجنّته الحسية) فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ.

اقرأ أيضاً: «كورونا التعبئة» مزايدات حزبية وسياسية.. و«عزل نسبي» من البقاع الى الجنوب!

الترهيب في زمن الكورونا

وبناءً على هذا التقسيم فإن الدعاة الى الله هم ثلاثة: 

  1. دعاة يدعون الى طاعة الله عبر الترهيب، وما أكثرهم في زمن الكورونا، ولا أتكلم عن أصحاب النوايا السليمة منهم، لكنني لاحظت أن بعضهم يخلطون على مستمعيهم فيرهبونهم -وهم مرعوبون أصلا- وهم يدعونهم في الحقيقة الى آلهة من دون الله تحقيقا لمآربهم الدنيوية، فبئس هولاء الدعاة لا يتركون فرصة مؤاتية الا ويلقون شباكهم لاستعباد الناس وهدفهم الدنيا لا الدين، وقد قال فيهم تعالى: إنمَا ذلكمُ الشيطانُ يُخَوِّفُ أولياءَهُ فلا تَخافُوهُمْ وخافُونِ إِن كنتُم مؤمِنينَ.
  2. دعاة عبر الترغيب بالجنة، ولا أقصد أصحاب النوايا السليمة منهم أيضا، انما أولئك الذين يرغّبون الناس لطاعة آلهة على الأرض من دون الله ويدلسون عليهم أنَّ هذه الطاعة في الدنيا هي الطاعة الموصلة الى الجنة في الآخرة. 
  3. (قصدت بأصحاب النوايا السليمة أولئك الذين قال لهم تعالى: ولَا تفسِدُوا فِي الْأَرْضِ بعدَ إصلاحِهَا وَادعوهُ خوفًا وطمعًا إنَّ رحمَة الله قريبٌ منَ الْمُحْسِنِينَ).
  4. دعاة الى المعرفة الحقيقية اليقينية لا طمعا ولا خوفا، فأولئك لا يتغيروا لا في زمن الكورونا ولا غيره، أولئك الذين يعرفون الحقيقة في كل أوجهها، ولا يرون البلاء والوباء الا وجها من أوجه نظام الكون المتوازن الذي يدل بخيره وشره وازدواجيته على الحقيقة المطلقة التي هي معنى المعاني. 

حمانا من هؤلاء اللصوص الذين يسرقوننا في زمن النعمة ولا يتورّعون عن سرقتنا في زمن المحنة

اقرأ أيضاً: الحكومة بين «التعبئة» و«الطوارئ».. إبحثوا عن «حزب الله»؟!

جعلني الله وإياكم ممن يعبدون الله عن معرفة، وممن يعبدونه شكراً لا خوفا ولا رغبة، وهو تعالى طمأننا بقوله: قدْ يَعْلمُ الله المعَوِّقِينَ مِنكُمْ والقائِلينَ لإِخوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلينَا وَلَا يأتونَ البأسَ إِلَّا قَلِيلًا  أَشِحَّةً عليكمْ فإِذا جاءَ الخَوفُ رأَيتَهمْ ينظُرونَ إِليكَ تدورُ أعينهُمْ كالذي يُغشَى عليهِ منَ المَوتِ فإِذا ذهبَ الخوفُ سَلَقُوكُم بألسنَةٍ حدادٍ أَشِحَّةً علَى الخَيرِ أولَئِكَ لمْ يؤمِنُوا فأحبَطَ الله أعمالَهُمْ وكانَ ذلكَ على الله يسِيرًا.. وحمانا من هؤلاء اللصوص الذين يسرقوننا في زمن النعمة ولا يتورّعون عن سرقتنا في زمن المحنة. انهم شرّ اللصوص، يسرقون وهم يذكرون الله..  يسرقون وهم يلبسون لباس أهل الخير.

السابق
خمسة أسابيع على الموسم.. كورونا يهدد دراما رمضان!!
التالي
إمام مسجد الخندق يرفع الصوت ضد أحزاب الممانعة: عداؤنا لبعضنا يفوق عداءنا للعدو!