ماذا يخشى «حزب الله» في لبنان بعد إغتيال سليماني؟

حزب الله

في الساعات الماضية ، إستعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد ، ما حدث في الثالث من كانون الثاني الماضي ، عندما قتلت الولايات المتحدة قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم  سليماني بطائرة دون طيار قرب مطار بغداد في العراق. وقد سبق لترامب ان جاهر بعملية الاغتيال.فهل في الامر ، دعاية إنتخابية أم أن هناك أيضا هدف آخر؟

في معلومات لـ”النهار” من اوساط شيعية على إطلاع على شؤون “حزب الله” أن في بيئة الاخير “إرتياب” من وجود تفاهم أميركي –روسي تصل مفاعيله الى لبنان . وهذا “الارتياب ” يتعمّق يوما بعد يوم  ، معززا  بشواهد من تطورات سوريا التي شهدت أخيرا مصرع القائد العسكري في الفيلق أصغر باشابور، الذي كان يوصف بأنه  أهم مساعد ومقرّب من سليماني في سوريا.

إقرأ أيضاً: نيويورك تايمز: تفكك الطبقة الداعمة لحزب الله يهدد مستقبله

يقول ترامب في خطابه الاخير ان إدارته تعمل على “إنهاء الحروب في الشرق الأوسط وإعادة جنودنا للوطن”.لكن ما لم يقله الرئيس الاميركي ، أن الفراغ الذي سيتركه الانسحاب العسكري الاميركي  من المنطقة ، سيتم تعبئته بقوى أخرى. وإذا كانت إيران ،هي المرشحة من بين قوى أخرى لملء هذا الفراغ،فإن الخسائر التي منيت بها طهران ولا تزال في نطاق نفوذها في المنطقة ، تعطي أهمية لحالة “الارتياب” لدى “حزب الله” المشار اليها آنفا.

ما صدر من مقالات في الصحافة الروسية في المرحلة التي تلت مقتل سليماني ، كشف عن توجهات روسية غير مسبوقة حيال الدور الروسي في المنطقة عموما وسوريا ولبنان عموما.فهل من معطيات محلية تلاقي ما ورد في هذه المقالات؟

مصادر مواكبة لهذه التطورات ، لفتت عبر “النهار” الى ما أدلى به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد لقائه الاخير قبل أسابيع  مع الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط عندما أشار الى ما يمكن تنفيذه من مشاريع في الشمال محددا مصفاة طرابلس التي صارت بعهدة شركة روسية .وتساءلت هذه المصادر عما إذا كان موقف الزعيم الاشتراكي مرتبطا بدور ما لموسكو بالحكومة الجديدة التي يترأسها حسان دياب؟

في سؤال لـ”النهار” الى اوساط قريبة من لقاء بيت الوسط، حول أبعاد ما أدلى به جنبلاط بشأن الدور الروسي الاقتصادي في لبنان فأجابت :”لا يمكن إغفال العلاقة الخاصة التي تربط الحريري بالقيادة الروسية  ولا سيما مع الرئيس فلاديمير بوتين. لكن ،هل  هذه العلاقة وراء ما ادلى به جنبلاط ، وكذلك وراء الموقف الذي صدر لاحقا عن الحريري الذي منح حكومة دياب فرصة قبل الحكم لها او عليها؟” لم تشأ هذه الاوساط الذهاب الى جواب جازم ، سلبا أم إيجابا على هذا السؤال.

غير انه في جعبة المصادر ، ما يؤكد على عمق العلاقة التي تربط بين زعيم تيار “المستقبل” والكرملين.فهي موروثة من زمن الرئيس الراحل رفيق الحريري الذي أقام رابطا وثيقا مع بوتين أبان أزمة الشيشان التي مثلت أكبر التحديات للرئيس الروسي في مستهل حكمه.في ذلك الزمن وخلال لقاء جمع الاخير في موسكو مع الحريري الاب، أبدى الحريري الاستعداد للتوسط لحل هذه الازمة من خلال دخول روسيا في عضوية منظمة المؤتمر الاسلامي ، ما يسمح عندئذ بتوظيف نفوذ المنظمة في تسوية النزاع مع ثوار الشيشان الذين يقاتلون تحت راية الاسلام.وعندما قال بوتين للحريري انه يرى صعوبة في إقناع المملكة العربية السعودية التي تترأس هذه المنظمة بقبول عضوية روسيا فيها، إجابه الحريري بأن يترك الموضوع على عاتقه.وبالفعل، أخذ هذه المهمة على عاتقه ونجح وذلك بفضل علاقته المميزة برئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد الذي تولى بنفسه إقناع الرياض والتي قبلت بإنتساب موسكو الى المنظمة، فكانت هذه الخطوة مفتاح إخماد نيران النزاع في الشيشان.

وتخلص هذه المصادر الى القول ان المساعدة التي قدمها رفيق الحريري لسيد الكرملين ما زالت حيّة عند بوتين الذي يردّ هذا الجميل لنجل الرئيس الراحل.

السؤال تكرارا:هل من صلة بين دور موسكو وبين إقلاع الحكومة الجديدة التي نالت فترة سماح من الحريري وجنبلاط ؟

في تقدير اوساط ديبلوماسية ان النفوذ الايراني في المنطقة عموما ، وفي لبنان خصوصا ، ما زال قويا على رغم الضربة الموجعة التي تلقتها الجمهورية الاسلامية  بسقوط سليماني.غير ان طهران صارت أكثر قابلية لتنسيق سياساتها الخارجية مع روسيا والتي صارت أكثر نشاطا في الشرق الاوسط أكثر من اي وقت مضى.ولهذا من غير المستبعد ان يكون الملف الحكومي اللبناني قد وجد طريقه الى الحل بفعل هذا التنسيق.فمن جهة، تولى الحزب فكفكة العقد في دائرة نفوذه وخصوصا عقدة “التيار الوطني الحر” الذي تخلى وللمرة الاولى منذ إتفاق الدوحة عام 2008 عن مطلب “الثلث المعطّل” .ومن جهة أخرى ، إنكفأ الطرف المعارض وفي مقدمهم سعد الحريري عن الوقوف في وجه التغيير الحكومي ، ب”تمني” روسي؟ ربما هناك الكثير من المعطيات التي لا تزال طيّ الكتمان ، والتي في حال الوقوف عليها ، ما يؤكد أو ينفي التكهنات الواردة آنفا.غير ان الثابت ، وفق مصادر ديبلوماسية ، هو ان قبضة “حزب الله” لم تعد بالقوة نفسها قبل رحيل سليماني الذي كان حاضرا بكل الامكانات ليمنح الحزب القوة المادية اللازمة عندما يتطلب الامر ذلك. وليس ما قاله جنبلاط في حديث صحفي في الساعات الماضية كلاما عابرا عندما قال انه على الروس “التقدم عمليا في لبنان”. لذلك ،عندما تتراجع وصاية إيران التي بدأت عام 2005 ، لا بد ل”حزب الله” ان تساوره الخشية مما ستؤول اليه الامور في هذا البلد الذي يصارع أزمات لا سابق لها.

السابق
القبعات الزرق يقتلون ويرتكبون الفظائع في النجف
التالي
مجدداً.. هزة أرضية تضرب بيروت!