ثلاث ضربات مُوجعة للأسد.. هل كانت عملية اغتيال سليماني «القاتلة»؟!

الاسد
ثلاث ضربات تلقاها نظام الأسد، أظهرته عاجزاً عن التعليق على ما يحدث على الأرض من الشمال حتى الجنوب

تتعقد الجغرافيا السياسية في سوريا، وكأن هذه البلاد التي اختار الأسد حرقها حتى النهاية لم تتحول فقط إلى ساحة دولية للصراع، بل لم يعد من السهولة التكهن في مستقبل التواجد الأجنبي فيها إثر تبدل مستمر بلغت ذروته في الخريف الفائت، وغير خرائط النفوذ وسط تجاذبات دولية من “أستانة” إلى “جنيف” وتهديد علني من الأمم المتحدة بإنهاء مشروع “اللجنة الدستورية”، حيث بدا النظام ومعارضته يتحركون في واد والدول الكبرى تصارع بعضها في وادٍ آخر، ويمكن تلخيص المشهد الأخير في ثلاث ضربات موجعة تلقاها نظام الأسد رغم اعتداده بدعم روسيا الذي وصل إلى زيارة بوتين دمشق بعد مقتل سليماني مباشرة.

تحكمت تركيا بالشمال من بوابة “معبر الهوى” الذي تسيطر عليه المعارضة

تركيا.. «السلخ» تاريخياً

بعد أن دخلت تركيا على الخط السوري كلاعب رئيسي، منذ بداية الثورة أطلقت في الأعوام السابقة عمليتين غرب نهر الفرات واستطاعت الحصول على مدينتي “منبج” و “جرابلس” إلا أنها في خريف 2019 تمددت للمرة الأولى إلى شرق نهر الفرات ونشرت قواتها على طول الحدود مقتطعةً “منطقة عازلة” خاصة بها لا تحقق المعايير الدولية وتخالف كل خطاب السياسة التركية في سنوات الصراع السوري.

فالسوريون على اختلاف انتماءاتهم يدركون الاقتطاع التركي التدريجي لأراضي سورية منذ قرنين من الزمن وعمل تركيا على تغيير هوية تلك المناطق لتحويلها إلى مدن تركية بشكل كامل نظراً للاختلاط العرقي والديني في الامتداد الجغرافي لسوريا الطبيعية، وإذ قدّم الأسد الأب “لواء اسكندرون” الاستراتيجي لتركيا على طبق من ذهب، لم يصنع الأسد الابن موقفاً أفضل ليتلقى ضربة موجعة بعد توغل القوات التركية 30 كم على طول الحدود الشمالية لسوريا بما فيهم من مدن ذات موقع استراتيجي فضلاً عن التغيير الديموغرافي الذي سيحدث كون الشمال السوري يحظى بخصوصية إثنية وقومية.

إقرأ أيضاً: وجوه التغيير الديموغرافي في سوريا…

وبهكذا تحولت تركيا من صديق الأمس إلى جار فاعل اليوم في السياسة السورية بعد أن دخلت كشريك ضامن في حلف “استانة” مع روسيا وإيران وضمنت مصالح الحليفين في سوريا وباتت تتحرك في سوريا دون أي اعتبار للأسد وقواته.

عاقبت إسرائيل الوجود الإيراني في سوريا عبر ضربات متتالية

اسرائيل.. تأتي متى تشاء

بعد أن تذرع النظام لعقود بأنه صخرة المقاومة في المنطقة وهدفه الأول الوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، كانت كذباته تتساقط واحدة تلو الأخرى. وحيث استقدم قوات حزب الله والميليشيات الشيعية لتقاتل في صفوفه بذرائع واهية كحماية المناطق المقدسة والقضاء على الإرهاب، كانت إسرائيل تراقب وتعاقب متى أرادت، ليتحول الربع الأخير من العام الفائت إلى مسرح عقاب فعلي لنظام الأسد بعد ضربات جوية متعددة نفذتها القوات الإسرائيلية وامتدت لتشمل الجنوب والعاصمة ووسط البلاد.

وبدا أن الأسد قد فقد أي قدرة على المجابهة إقليمياً، فهو مرتهن للقرار الروسي الذي تجلى واضحاً بطريقة تعامل الروس مع النظام ومدى هيمنة بوتين على الأسد، وكأن سوريا لا يعنيها بشكل مباشر مقتل “سليماني” الذي صال وجال فيها وحقق للأسد “انتصارات” على الأرض حسب زعمه، بل كانت دمشق منشغلة بزيارة القيصر الروسي رغم أن آخر رحلات سليماني كانت من مطار دمشق.

ومع الحديث عن مخطط روسي لضبط علاقة النظام السوري بإسرائيل مستقبلاً، لا يمتلك الأسد أي أوراق للمجابهة كون سماء العاصمة بعد أن غابت عنها صواريخ الأسد ضد الشعب، حضرت صواريخ إسرائيل ضد قوات الأسد نفسها.

شكلّ مقتل سليماني صدمة بكائية في العراق وإيران وصمت مريب في سوريا

مقتل «الجنرال»

وكأن بشار حين يجلس مع نفسه، يسأل هل كان التدخل الإقليمي أقل خطراً على نظامي من الدولي؟ فحيث لا مزاح مع الدب الروسي، فإن الأسد بدأ يستشعر بغياب القوة الإيرانية الداعمة له بثقلها الذي ظهر بارزاً خلال سنوات الصراع، فغابت رايات الميليشيات الشيعية أو غيّبت وتراجعت هيمنة “حزب الله” التي كانت بارزة من خلال الشعارات والسيارات التي ملأت شوارع العاصمة أو من تقدم فريق الإعلام الحربي في معارك النظام وتصويره بطولات المليشيات الإقليمية الموالية للأسد في الصفوف الأولى.

إقرأ أيضاً: إغتيال سليماني «يكسر ضلع» نصرالله!

لينتهي العام المنصرم ويحضر الجديد بمقتل الجنرال قاسم سليماني وغياب الرجل الإيراني الأبرز في معارك النظام ضد شعبه، واستبدال الواجهة العسكرية الموالية للنظام بحضور بوتين وزيارته المسجد الأموي والكنيسة المريمية، ما يعني غياب أي قرار للأسد بعد تشبث روسي بفرض سلطتها على السيادة السورية وبشكل شبه رسمي مع غياب الحضور الأميركي الفاعل في المنطقة وخلخلة النفوذ الإيراني وتحقيق المصالح التركية.. فهل كانت عملية مقتل سليماني الضربة الأكثر إيلاماً للأسد؟!

السابق
مضاربات وتلاعب بسعر الدولار.. هذا سعر الصرف اليوم!
التالي
المقترضون يقعون في «مصيدة» القرض الحسن التسديد بالدولار!