ما بعد بعد سليماني.. أميركا تُعبد طريق التفاوض أمام إيران

حسن روحاني وترامب
من المؤكد ان قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي اغتالته اميركا في مطار بغداد قبل اسبوع لم يكن بالشخص العادي، هو الرجل الثاني في النظام الإيراني بعد المرشد علي خامنئي، وقائد مليشياتها الشيعية العقائدية المتشددة التي تعد أبرز أدوات تمدد نفوذ طهران في المنطقة، فهل قتل ترامب قائد فيلق القدس المتشدد لافساح المجال امام التيار الايراني المعتدل كي يظهر ويستجيب للتفاوض مع اميركا؟

ينظر كثيرون إلى قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني بأنه كان الأقوى في إيران، فهو المخطط الاستراتيجي والآمر والناهي في كثير من الأمور السياسية والعسكرية والأمنية داخل بلاد فارس وخارجها. وبوصفه زعيم الحرس الثوري دون أن يكون منصبه هو الأعلى رسميا، وكونه مدعوم شخصياً من ولي الفقيه، فان قراراته كانت تأخذ طريقها الى التنفيذ بسرعة، في حين ان قرارات الحكومة نفسها يمكن أن يعترض عليها سليماني ويوقفها اذا وجدها تتعارض مع سياسته القومية العامة.

إزالة العوائق

هذا يفسر بنظر مراقبين تصريح وزير الدفاع الاميركي غداة الاغتيال عندما قال: “لقد قتلنا سليماني في الوقت المناسب”، أي في الوقت الذي يريد فيه الاميركيون ازالة العوائق التي زرعتها أذرع مليشيات ايران التي تعرقل الحلول السلمية في المنطقة، ولمعرفتهم ان الجنرال سليماني حصر بشخصه التخطيط والتنفيذ وأنشأ “دويلة” ذات نفوذ داخل الدولة في ايران، عبر فيلق القدس الذي يمثل رأس حربة المشروع الممانع في المنطقة.

اقرأ أيضاً: هل يؤسس إغتيال سليماني لـ«حرب باردة» بين أميركا وإيران؟

برأي المحلل السياسي الدكتور خالد العزي فان ” سليماني كان عصب النظام الإيراني، ونتيجة لعلاقة المهادنة بين إيران وأميركا، قدّر لهذا العصب أن ينتصر ويتوسع. وقد اصبحوا يعتبرون أن الصراع سيبقى يطال الأذرعة فقط، وأن إيران حاجة أميركية، والمطلوب فقط هو تغيير السلوك. وبالتالي أصبحت إيران في حالة توسع، وكان سليماني مطمئناً، لهذا التحالف الموضوعي مع الاميركيين”.

الدور اللوجستي

ويشرح الدكتور العزي لموقع جنوبية “أن الدور اللوجستي الذي كان يلعبه سليماني كان عظيماً فهو حصر بنفسه ملفات عديدة.لذلك فقدت إيران عامودها الفقري بعد الاغتيال، لأنه جمع بنفسه الملفات الخارجية والأمنية والعسكرية لبلاده، وعرفت أميركا جيداً بذلك قيمة الضربة التي وجهتها”.

سليماني كان عصب النظام الإيراني، ونتيجة لعلاقة المهادنة بين إيران وأميركا، قدّر لهذا العصب أن ينتصر ويتوسع.

ويلفت العزي الى ان “أوباما سمح لإيران بالتحرك بسهولة في المرحلة السابقة، لذلك فقد انكشفت خلايا إيران وأصبحت علنية في العراق ولبنان وسوريا، فخرج من القمقم الإيراني من تحت الأرض ولاحقاً استطاعت أميركا بعد كشف تلك الخلايا ضربها.”

وعن انفجار الخلاف بين الطرفين فانه اندلع برأي العزي “بسبب المواجهة المباشرة التي حدثت منذ إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية فوق مياه الخليج بدأت بوادر المواجهة، وأعتقد الإيرانيون أن ترامب لا يجرؤ على الردّ، وان الحرب سوف تظل بالوكالة، ولكنها تصاعدت في العراق مع قصف المواقع الاميركية ومواقع الحشد لتنتهي باغتيال سليماني وضرب القواعد الأميركية في العراق، والخطأ الإيراني تمثل بالاعتداء على السفارة الأميركية في بغداد قبل الانتخابات الأميركية، وهي كانت رسالة قاسية لترامب تكفل بالردّ عليها بشكل أقسى”.

مستقبل إيران

وعن مستقبل ايران بعد اغتيال سليماني يؤكد العزي في النهاية ان خلافا حقيقيا كان بين الدولة في إيران وبين دويلة سليماني، والغلبة كانت لصالح الدويلة، خصوصاً مع دعم المرشد والحوزات والعصب الطائفي لها، فالجنرال منع سابقاً اللقاء بين روحاني وترامب وكان يعيق أي شكل من أشكال لتفاوض.ولكن الإيرانيين تحاصروا في لبنان وسوريا والعراق مع التظاهرات والثورات، وأصبحت غير قادرة على المواجهة الدولية وحتى في الداخل أصبحت ايران في خطر، مع الاحتجاجات التي اندلعت فيها قبل شهرين، واعلان الرئيس روحاني ان العقوبات الاميركية جعلت ايران تخسر 200 مليار دولار حتى الآن، وبرأيي أن ما حصل أصبح أفضل لإيران، والردّ العسكري الباهت أظهر بدء تفعيل التيار المعتدل فيها”.

اقرأ أيضاً: الرد الإيراني يستعيد «الخط الأحمر» الأميركي!

وبالنهاية ينقل مراقبون عن خبراء مهتمين بالوضع في ايران والمنطقة أن دولا كبرى وكذلك قطر وعمان وغيرهما، بدأوا بالاعداد لتسوية أميركية – ايرانية، وان كان ذلك لا يتلاءم  مع الشعارغير الواقعي بإخراج أميركا من العراق وسوريا، في حين أن الشروط الأميركية الـ12 المعلنة لتلك التسوية سوف يبدأ تطبيقها بواقعية في السنوات القادمة.

السابق
أول تمثال لعرفات في العالم … يحمل غصن الزيتون في البرازيل
التالي
ضجيج على أبواب السفارة.. هل يسرق النظام السوري مُجنديه «مجدداً»؟!