«تركة ثقيلة» تُرحّل الى 2020 .. ثورة وازمات بـ«الجملة»!

حزب الله الحكومة
لن يكون العام 2020 افضل حالاً من سلفه 2019 بل يورثه تركة ثقيلة في الامن والسياسة والاقتصاد والمال.

 لعل من ابرز المشاهد التي سترسم بداية العام الجديد، هي الحكومة التي ستتشكل برئاسة حسان دياب، وهي ستكون مثابة رصاصة الرحمة على الاكثرية الحالية، في ظل العديد من المؤشرات، التي تؤكد انها تحمل في طياتها بذور التفجير الذاتية، ولن تصمد اكثر من شهر آذار. قبل ان تعيد البلد الى مربع الازمات المتناسلة والمفتوحة: سياسياً ومالياً واقتصادياً وامنياً!

إستقالة الحكومة

العام 2019 في الاشهر العشرة الاولى، باستثناء تشكيل الحكومة المستقيلة والتي تُصرّف الاعمال حالياً وبعض الازمات الاقتصادية والحرائق وشح البنزين والدولار والمواد الغذائية وتفلت الاسعار، لم يحمل جديداً اذ بقيت حكومة الرئيس سعد الحريري من دون اية انجازات واوصلت البلد الى الهاوية بفعل التجاذبات داخل اطرافها.

اذ بقي فريق التسوية الرئاسية الاكثرية، اي الثلاثي رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره الوزير جبران باسيل ومعهم “حزب الله” ممسكين بالقرار السياسي والاقتصادي للبلد.

خروج الحريري من التسوية الرئاسية لانهاء عهد سيطرة باسيل- حزب الله وخلط كل الاوراق السياسية والتحالفات

وساهم غطاء “حزب الله” لباسيل في “منحه لبنان” بكل مقدراته على طبق من ذهب فكانت المعادلة “خذ ما شئت من السلطة والتعيينات والمعابر والمرافىء والمطار واعطني حصتي”.

وابقي “الستار” المسيحي المطلوب لتغطية السلاح وللتخفيف من وهج العقوبات الاميركية على “حزب الله” ومؤسساته بعد إحكام الخناق ايضاً على إيران.

حيث شحت معظم التحويلات المالية الهائلة بالعملات الصعبة من طهران الى دمشق فحارة حريك.

فكانت الحكومة ومقدرات البلد وكل القوى السياسية  “حائط السد” الاول عن “حزب الله” وخصوصاً بعد إحكامه السيطرة النيابية في العام  2018  وقبلها قبض على كرسي بعبدا بالاتيان بميشال عون رئيساً.

إنتفاضة 17 تشرين الاول

كل الامور كانت تسير كما تشتهي الاكثرية الى ان دقت ساعة الحقيقة وانتفض الشعب اللبناني في 17 تشرين الاول، فكسر كل الخطوط الحمر وحواجز الخوف النفسية والامنية والطائفية والجغرافية والمناطقية.

 وخرج مطالباً بالاصلاح الحقيقي واستقالة كل الطبقة السياسية، من رأسها في بعبدا الى الحكومة، الى محاسبة الفاسدين، واسترجاع الاموال المنهوبة، الى تشكيل حكومة انقاذ حيادية واقرار قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات نبيابية مبكرة.

ما تحقق في شهرين ونصف الشهر، كان كافياً لإبقاء شعلة الثورة مشتعلة، فأستقال الرئيس سعد الحريري ودخل البلد في دوامة إختيار اسم الرئيس العتيد للحكومة وشكلها ومواصفاتها.

ولعل ابرز ما تحقق من استقالة الرئيس الحريري انه حرر البلد من عبء التسوية الرئاسية التي وضعت لبنان كله في يد تحالف حزب الله- باسيل. فلم يستطع الحريري الاكمال بهذه التسوية وخرج منها ليخلط كل الاوراق السياسية والتحالفات.

عام 2020 سيكون عام التحولات السياسية، فمع خروج الرئيس الحريري من الساحة الحكومية وحلول شخصية على وزن الرئيس المكلف حسان دياب، بلا غطاء من الحريري او دار الفتوى او الطائفة السنية،  وفي ظل خروج كل من القوات والاشتراكي، اقله علناً من “ربط النزاع” الحكومي مع عون- باسيل- “حزب الله” وعدم المشاركة فيها، لا يتوقع ان تقلع الحكومة الجديدة ان تشكلت وستكون مجرد ولاّدة ازمات جديدة، سياسية بخلق تحالفات واصطفافات واضحة مذهبية وسياسية وطائفية.

حكومة “عداء”

 فهي حكومة “تعادي” كل السنة ونصف المسيحيين وغالبية الدروز، ان لم يشارك كل من “القوات” جنبلاط “مواربة” في الحكومة، كما انها حكومة تعادي المحيط الخليجي والعربي واوربا واميركا على إعتبار ان “الوصي الاعلى” عليها هو “حزب الله” وامينه العام السيد حسن نصرالله.

وفي ظل هذه التحولات السياسية والأرث الثقيل الاقتصادي والمالي وعدم القدرة على محاكاة الشارع  والاستجابة لمتطلبات الحراك ومطالبه المتطورة والنابعة من جاحات الناس ومطالبهم، سيكون لبنان امام تحد كبير امني وسياسي واقتصادي وخوف من نقل “حزب الله” مأزقه الاقليمي والدولي، الى صراع داخلي طويل الامد، في ظل التحولات الاقليمية والدولية والتناغم الواضح بين روسيا واميركا لادارة المنطقة في سوريا والعراق واليمن واخراج ايران ومعها “حزب الله” خاليا الوفاض من اي مكسب وخارج اي معادلة.

إقرأ أيضاً: حكومة الثلاثة أشهر تُعيّد اللبنانيين «من كيسهم»!

 وبالتالي سيتحول السؤال عن مصير سلاح “حزب الله” ووظيفته ودوره الى سؤال كبير يتم الاجابة عنه: إما بتسوية سياسية لبنان على اسس جديدة، وإما في ظل فوضى امنية و”شارعية” لوح فيها “حزب الله” منذ ايام على لسان الشيخ نعيم قاسم والنائب محمد رعد، فإما القبول بحكومة دياب بكل علاتها وإما الفوضى!

لبنان امام تحد كبير امني وسياسي واقتصادي وخوف من نقل “حزب الله” مأزقه الاقليمي والدولي، الى صراع داخلي طويل الامد،

عام 2020 سيكون ايضاً عام الثورة المتجددة، وهي التي اجبرت هذه الطبقة السياسية على القلق والتخوف على الثروات المنهوبة وتحسس الكراسي التي تدر الاموال والتنعم بالسلطة ومنافعها واستغلالها لتكديس الاموال والتابعين والمحازبين.

انجاز متراكم

ولن تهدأ الثورة او تستكين، وهي رفضت دياب وحكومته وستكمل المشوار، ولو بخطى بطيئة وحثيثة في ظل استشراس السلطة بكل الوسائل للدفاع عن مكتسباتها، لكنها ستحقق المطلوب منها في نهاية المطاف. فالتغيير تجربة تراكمية لن تكون طريقها  معبدة بالورود.

السابق
بعد توصية إسترداد شركتي الخلوي.. الحراك يطالب بالمحاسبة
التالي
كيف سيكون طقس ليلة العيد؟