مرة أولى مليونية في 2005 ضد أشكال الوصاية وجرائم الاغتيال السياسي ومشوا وراء الشهيد رفيق الحريري ورفاقه مراراً وأنجزوا الربيع الأول وجهاً لوجه ضد الاغتيالات.
مرة ثانية مليونية مضاعفة 2019 ضد الطبقة السياسية الغاشمة في أوج زهوها وقوتها وغطرستها في إدارة أمور العامة.
ولو لم يصل المتظاهرون إلى شيء سياسي ملموس، لكنهم ربحوا:
أولاً: أثبتوا أنهم أوعى وأرقى من الطبقة السياسية.
ثانياً: أعادوا الثقة إلى الشارع الشعبي (ليس الشعبوي) في المنجز المديني الوحيد منذ سبعين عاماً وحطوا رحالهم في المساحات والفضاءات التي بناها الحريري نفسه وتوسعت في لبنان من الأقصى إلى الأقصى.
ثالثاً: كل هذا الشباب في بيروت استعاد ثقافة الحياة التي أنجزها بالدموع والحرائق والآلام، عاد وبناها بقوة أكبر في موجة ثانية من الثورات العربية الحديثة.
رابعاً: كل تلك العفوية والحيوية والحرية المدينية في منطقة عربية تتعسكّر أكثر وأكثر.
اقرأ أيضاً: إحتجاج «طليعي» لبناني بإمتياز
خامساً: ظهرت الإدارة السياسية متأخرة، كسور على غباوة غير عادية لا ترى إلى ما لا يرى، ولا تسمع إلى ما لا تسمعه، طبقة تقليدية وقحة وعلى رعونة (ما بعد الشبع) لا تستطيع أن تفعل غير الفساد، والتظاهرات المستمرة إستعادت كرامة اللبنانيين، مرة أخرى على صورة جمال الساحات وألوان الناس وأعلامهم الوطنية وجوههم، نبراتهم، أصواتهم، أحلامهم، وهواجسهم، وقلقهم من المجهول غداً.
اللبنانيون شعب شاعري جميل، يأتي مثل الشعر مثل المجهول، أجمل الشعر الذي لا يصل، الحرية ليست ملك أحد، ملك المستقبل. يا لسحر بيروت وجاذبيتها، تضرب مواعيد بإبداعية سياسية اجتماعية مفاجئة من أنقاض إنهيارات إجتماعية!
هي بيروت بدايات على نهايات ونهايات على بدايات. تبقى الأسئلة القلقة والمفتوحة. ربما على المجهول؟