الحكومة «تستنهض» نفسها.. واستنفار أمني مرتقب لضبط الحدود

بعد زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، التي عكست جواً إيجابياً حيال استئناف المفاوضات لترسيم الحدود بين لبنان و الإحتلال الإسرائيلي، والتي أتت بعد زيارة الموفد الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مؤتمر «سيدر» بيار دوكان الذي "رفع الصوت" من بيروت، بوجه المسؤولين، يبدو أن العمل الفعلي للحكومة بطريقه للترجمة على الأرض، خصوصاً بعد مروحة المصالحات التي نظمت العلاقة بين الحزب الإشتراكي من جهة، وحزب الله والوطني الحر من جهة أخرى، وبعد الهدوء الذي يسود على الجبهة الجنوبية، والإكتفاء بالسقف العالي بالخطاب بين حزب الله والكيان الإسرائيلي.

ومن الملفات الشائكة و”المزمنة” أيضاً، يشهد ملف الكهرباء تطورا جديدا اليوم، بعد اعلان وزيرة الطاقة ندى البستاني خوري عن انتهاء اعداد دفاتر الشروط مناقصة معامل انتاج الكهرباء، استكمالاً للخطة المقررة سابقاً في مجلس الوزراء. وتعتبر الفترة الزمنية التي أنجزت فيها دفاتر الشروط هي الفترة المتوقعة منذ اقرار الخطة، ومن المنتظر اقرارها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.

وتزامناً مع اعلان بستاني، يترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عصر اليوم، اجتماعا للجنة الوزارية لموضوع الكهرباء، حيث من المتوقع أن يطلع فيه على دفاتر الشروط التي  أعدّها الاستشاريون Fichtner, Bredin Prat, Uria Menendez بالتعاون مع البنك الدولي والـ IFC، بالإضافة لمسألة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الزهراني وسلعاتا. ويتوقع خبراء انجاز المعامل خلال فترة سنة الى سنة ونصف، في حال أقرت المناقصات سريعاً لبدء العمل ميدانياً.

اقرأ أيضاً: هذا ما تحمله جعبة شنكر إلى بيروت.. بـ«مباركة» بري

والى جانب بدء تفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ينشط الحديث عن توجه الحكومة لخصخصة بعض المرافق العامة، وهو ما كان الحريري قد أثاره من مرفأ بيروت رابطاً الموضوع بخفض الدين العام المرتقب نتيجة ذلك، إلا أن النقاش سيدور عندما يفتح ملف الخصخصة، حول الإختيار بين التوجه لخصخصة الأصول، أي بيع ممتلكات الدولة، وهو ما لا يؤيده خبراء اقتصاديون، أو خصخصة الإدارة، أي تسليم إدارة المرافق إلى القطاع الخاص.

ويبحث الحريري بعد ظهر اليوم، موضوع التهريب على الحدود، بحيث يترأس اجتماعا بالسراي الحكومي يضم الوزراء ريا الحسن والياس بوصعب وعلي حسن خليل وقادة الأجهزة الأمنية، وكان قد أعلن الحريري عقب الإجتماع الإقتصادي في بعبدا عن تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع خلال شهر.

ويعتبر هذا الملف محط “ردود” وردود على الردود، منذ أسابيع، بين الوزير بو صعب والقوات من جهة، وبو صعب والحريري من جهة أخرى، وذلك بعد “حرب الأرقام” في ما يخص عدد المعابر غير الشرعية، إلا أن أن الحريري لن يدخل بلعبة الأرقام اليوم، بقدر ما سيسعى لقطع الطريق على من يحاول زج “النظام السوري” بعملية ضبط الحدود، بحيث سيستبق “اقتراحات” البعض، للوصول الى خطة أمنية لبنانية لضبط الحدود، وهو ما يفسر حضور قادة الأجهزة الأمنية اجتماع اليوم.

وتعتبر مصادر متابعة للملف أنّ التهرّب من الرسوم الجمركية وليس التهريب هو المشكلة الأكبر وهذا يحصل على المنافذ الشرعية الأربعة مع سوريا وفي المرفأ، ويتوقع أن يكون اجتماع الحريري بحسن خليل مؤخراً قد بحث هذا الملف خصوصاً بعد “كبسات” حسن خليل للجمارك مؤخراً واطلاعه على خباياها.

وتظهر قيمة التهرب الضريبي أرقاماً ضخمة، على هذه المنافذ الأربعة، فـ80% من حجم الإستيراد يتم عبر مرفأ بيروت و16% عبر مطار رفيق الحريري الدولي، و4% عبر المعابر الأخرى، وتم جباية رسوم جمركية بقيمة 500 مليون دولار عام 2018، إلا أن الرسوم كان يجب أن تصل الى 1.65 مليار دولار، استناداً لقيمة الإستيراد البالغة 20 مليار دولار. وبالتالي فقيمة التهرب الضريبي فاقت الـ1.15 مليار دولار العام الماضي.

أما التهريب على المعابر غير الشرعية فسجل قيمة 400 مليون دولار، برسم عليها بقيمة 25 مليون دولار، بحيث أن قيمة السلع المهربة عليها منخفضة نسبياً، وصغيرة الحجم.

ومن المتوقع أن يتم البحث بمعالجة الأمر، في الإجتماع المرتقب، عبر طرح كيفية مراقبة البضائع بشكل عام، حتى لا يتم ادخال بضائع غير المصرح عنها سابقاً، وكيفية ضبط المستوعبات التي تخرج دون دفع رسومها، كونها من الطرق التي يتم التهرب عبرها، اضافة الى كيفية تحصيل الرسوم اللازمة، المتوقع زيادتها بنحو 300 مليون دولار بعد زيادة الضريبة على الإستيراد 3%.

اقرأ أيضاً: شينكر «يصول و يجول».. هل تنجح «المهمة المستحيلة»؟

ومن اجتماعات الحريري اليوم، سيعقد لقاء مع الهيئات الاقتصادية مساء، وسيطلع الحريري الوفد المشارك على آخر المستجدات الإقتصادية وخريطة الطريق للمرحلة المقبلة على كافة الصعد، اضافة الى كونه سيستمع منهم على مقترحات من الممكن اعتمادها للخروج من الوضع الحالي، خصوصاً بعد اعلان حالة “الطوارئ الإقتصادية”.

لم يشهد لبنان على جو من “الإتفاق السياسي” مؤخراً كما يشهده اليوم، مما يعني أن الوضع الإقتصادي يشكل خطراً هذه المرة على المسؤولين أنفسهم، وبانتظار نتائج جولة شينكر وتقرير دوكان الذي سيقدمه للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قريباً، يبدو العمل المرتقب موضع ترقب محلي ودولي، فهل يؤسس التوافق الحالي الى استقرار يترجم اقتصادياً وسياسياً، أم أن التصعيد الخارجي من قبل حزب الله قد يبدد كل “الركض” نحو الإنقاذ من قبل “باقي الحكومة”؟

السابق
تعميم صورة الفتاة القاصر المفقودة «ملك طالب سنو»
التالي
إطلاق مهرجان أيام فلسطين الثقافية في المسرح الوطني اللبناني