الطاهر بن جلون يكتب لابنته عن «العنصرية».. و«سروري» يروي عن الوحي في اليمن

غلاف كتاب
للكاتب والرّوائي المغربي الطاهر بن جلّون كتاب جديد يحمل عنوان: "العنصرية كما أشرحها لابنتي" (ترجمه إلى العربية جان هاشم، وأصدره "دار الساقي" في بيروت في طبعة أولى 2018). وحمل الغلاف الأخير، التّعريف التالي بالكتاب: "الأولاد فضوليون، يطرحون الكثير من الأسئلة متوقّعين إجابات دقيقة ومقنعة. ولا يمكن التعاطي بمواربة مع أسئلتهم.

وُلد هذا الكتاب عندما سألَتْ مريام، بنت السنوات العشر، والدها الطاهر بن جلّون عن العنصرية يومَ رافقته للمشاركة في تظاهرة ضد مشروع قانون متعلّق بالهجرة.

يحاول بن جلّون أن يجيب عن تساؤلات ابنته مُوجهاً كتابه إلى الأولاد الذين لم يُكوِّنوا بعد أحكاماً مسبقة ويسعون إلى الفهم. أما بالنسبة إلى البالغين الذين سيقرؤونه، فيأمل أن يساعدهم على الإجابة عن الأسئلة التي يوجهها إليهم أولادهم، والتي قد تكون حاجة محرجة أكثر مما تظن.

اقرأ أيضاً: «مدينة المليون نائم» قصص تسرد أحلام «عاطل عن الأمل»!

ومما جاء في مقدمة الطبعة الفرنسية لكتاب: “العنصرية كما أشرحها لابنتي”: “هل تظنّ أن العنصرية ستزول يوماً ما”؟، إنه السؤال الذي يطرحه عليّ الأولاد كلما ذهبت ألتقيهم في المدرسة لأتداول معهم موضوع العنصرية، إنْ في فرنسا أم في سائر البلدان. ويسألني آخرون هل ساعد هذا الكتاب، الموضوع عام 1997، في تراجع العنصرية؟ عن السؤال الأول لا أجيب “كلا” قطعاً، لسبب بسيط هو أن العنصرية ليست موضة أو تقلّباً مناخياً أو حمّى عابرة، بل هي جزء من كيان الإنسان، ولذلك يجب أن نعرف كيف تتولَّد وكيف تتمظهر وكيف نكافح أضرارها. فحيثما يوجد البشر، نجد الآن ودوماً بعض مظاهر العنصرية. فالعنصرية كما الضحك خاصيّة إنسانية، بمعنى أنّ الحيوانات لا تمتلك هذه الصفة. فالإنسان وحده يمتلك القدرة على الإذلال والكره والإقصاء واستعباد أخيه الإنسان.

إن البشر هم الذين صنوعوا الحروب على مدى التاريخ الذي لم يشهد قطّ حيوانات تنظّم صفوفها لتخوض حروباً ضد أبناء جنسها. قد تتصارع على فريسة حتى الموت، لكنها لا تنظم صفوفها بغية القضاء على جنس آخر من الحيوانات. أما الإنسان، فهي تهاجمه عندما يهاجمها (تحدّث عالم الأحياء إيف كريستن في كتابه هل الحيوان شخص؟ (منشورات فلاماريون، 2009) عن “حرب السنوات الأربع” التي اندلعت عام 1974 بين قرود الشامبانزيه في ولاية غومبي (جمهورية الكونغو الديموقراطية)، وفيها اجتاح الذكور من المجموعة الشمالية أراضي المجموعة الجنوبية، فدافع الجنوبيون عن أنفسهم. لكن لم يكن في ذلك شيء من الاستراتيجيات الحربية التي يضعها البشر).

نحن الذين يتوجب علينا أن ندرك أن العنصرية هي خاصيّة إنسانية وأن نتفاداها عبر تطبيق القوانين. وفي ذلك، يكمن التطور الوحيد الملموس في مكافحة العنصرية.

رواية “وحي” لحبيب عبد الرب سروري

للبروفسور الجامعي والكاتب والروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري رواية جديدة موسومة بـ”وحي”، وهي (من منشورات “دار الساقي” في طبعة أولى – بيروت 2018).

ومناخ هذه الرواية، كما يصوّره غلافها الأخير، ملخصاً بالآتي: رسالة غامضة بإسم مستعار تصل إلى غسان العثماني، وهو في طريقه إلى سورينتو لقضاء إجازته مع زوجته شهد، تثير لديه الكثير من المخاوف والتساؤلات.

تتوالى الرسائل بينهما ويغدو العثماني أسير شخص غامض ينبش ذاكرته القديمة، منذ حادثة “جامع العيدروس” في قريته في اليمن، وخروجه من القرية إلى عدن وسنوات الدراسة والعمل الحزبي، وتاريخ علاقته بالإيمان والوحي، وسقوط المسلمات الدينية لديه.

اقرأ أيضاً: «لِوَجْهِ ما لا يلزم» كتاب يكشف عن معارف لا لزوم لها!

عبر علاقة شائكة، يسرد الراوي لمخاطبه المجهول الأوضاع التي آلت إليها اليمن ومدنها الجريحة، باحثاً عن أسباب هذا الخراب وجذوره في الفلسفة والتاريخ، ويبوح له بأهم مغامرات وأسرار حياته.

يقود الشغف غسان العثماني إلى موعد مع مراسله المجهول منساقاً خلف سحره الغامض، دون أن يدرك حجم المفاجأة التي تنتظره.

ومن رواية “وحي” هذا المقطع: أي نعم، أضحى كل شيء في حياتنا اليوم رقميّاً، ينسابُ في الألياف الضوئية للإنترنت: الغزل والعشق، الثورات والحروب، الاكتئاب والانتحار، ألفِيّة ابن مالك والفتاوى “أون لاين”، أوجه القتلى والموتى الذين نضعهم على الشبكات الاجتماعية دون استئذان، وأيامنا التي تسيل بين أصابعنا ونحن نراكم صورَها، ننشرها، نبعثها للأصدقاء، نمسحها، نؤرشفها، نُضِيعها، ننساها… دون أن نحياها بحقِّ فعلاً.

كل شيء، بما في ذلك الوحي (أقول هذا وقد رمقتُ على شاشة هاتفي الجوّال رسالة الكترونية طازجة، عنوانها كلمة مغرية غاوية، تجعلني أفزّ فزّاً: “وحي”)!

ألهاني عن الرسالة الإلكترونية وأوقف تدافع خواطري حول مفهوم هذه الكلمة الكثيفة المبهمة الداكنة الفاتنة الكأداء (وحي!) نورسٌ يطير على بعد أمتار فوقي، بجناحٍ ونصف، يجاهد كي يرتفع، فيما يهبط باضطراد… أحد جناحيه مشروخٌ يوشك نصفه على الانخلاع لسبب أجهلُه: صدمة في الجو؟ بماذا؟

عراكٌ هوائيٌّ مع طائر آخر حول أنثى؟

سهمٌ ذهبيٌّ مُجنّحٌ ضاع من جعبة الإله أبولو، وأطلقه صياد مخالف غير ماهر؟

أم هو نورسٌ من قصيلة يمنيّةٍ عُمانية، عريض الجناحين قصير الريش، ضل طريقه ووجد نفسه في ديار أوروبية شمالية، لم يتكيف مع رياحها الباردة العاتية؟

يجاهد ويجاهد، ثم يسقط باتجاه منتصف طريق السيارات الذي يبعد عن مقعدي في المقهى بضعة أمتار.

السابق
‎المصممة السعودية إلهام اليوسف تحصد جائزة عالمية
التالي
أين هو بيت القصيد في «مشروع ليلى»؟