«مدينة المليون نائم» قصص تسرد أحلام «عاطل عن الأمل»!

غلاف كتاب
تجمع المجموعة القصصية الجديدة الموسومة بـ"مدينة المليون نائم"، للكاتب السعودي والتربوي الدكتور خليل الشريف، سبع عشرة قصة متفاوتة الأحجام (ما بين قصيرة؛ ومتوسطة الطّول نسبياً).

وهذه المجموعة الصادرة حديثاً، (وفي طبعة اولى 2018 عن “دار الفارابي” في بيروت)، أبطالها يهيمون توقاً إلى امتلاك أحاسيس داخلية، تمكِّنهم من الشعور المطلق بِحُريّة التنعُّم بدفء إنسانيّتهم، وذلك عبر ارتحالهم الهروبي في آفاق خيالية، بسبب من اصطدامهم بقسوة واقع لا يرحم، من هنا نرى أن الأجواء الغرائبيّة تسيطر، لا بل تُهيْمن على معظم أبعاد السَّرد القصصي والحوارات الذاتية (الداخلية) والخارجية (الثنائية) وسوى ذلك من تقنيات القص في هذه المجموعة، التي مما تحمله نصوصها العناوين التالية: “عاطل عن الأمل”؛ “ألوجة”؛ “صوت من الداخل”؛ “هارب إلى القمر”؛ “روحي تطير”؛ “هاجس”؛ و”أرق”؛ و”مدينة المليون نائم”؛ التي وهبت إسمها لهذه المجموعة، والتي منها نقتطف:

مدينة المليون نائم

سعد الفاضل رجل أربعيني طويل القامة له بطن صغيرة بارزة إلى الأمام، وغير متناسقة مع بقية جسده، عيناه ذابلتان كعيني الكوالا. حالفه الحظ هذه المرة بعد مرات ومرات من محاولاته الفاشلة للخروج من مدينة المليون نائم! على الرغم أنه دخلها بمحض إرادته، وباختياره واقتناعه الذاتي. حيث أن هذه المدينة التي بلغ عدد سكانها حتى الآن زهاء المليون شخص، لا تجبر أحداً على دخولها أو الانضمام إلى سكانها، صحيح أنها مفتوحة للجميع على السواء وهي تقدم للناس الخيارات والعروض المغرية والجميلة للانضمام إليها؛ لكنها لا تفرض على أي أحد مبادئها وتتبنى حرية الدخول مع صعوبة بالغة عند الخروج منها.

اقرأ أيضاً: «الأربعون ظلاًّ»… فلسفة شِعر إيهاب حمادة

عاد سعد الفاضل إلى مدينته البسيطة وفضل العيش بالطريقة التي يطلقون عليها أهل مدينة المليون نائم “الطريقة التقليدية الواعية”.

عاد وهو مقتنع كل الاقتناع بأن الإنسان خلق ليحيا وليمارس حياته وهو بكامل وعيه، ويتخذ قراراته بناء على تصوره الشخصي دون إملاء، ودون توجيه، دودون ضغوط الإعلام أو المجتمع او التماهي مع سياسة القطيع.

وحين سأله أهل مدينته الحالية وهم يجلسون حول مائدة صغيرة في بيت أحدهم ويحتسون القهوة؛ عن أسباب هروبه من مدينة “المليون نائم” على الرغم أنه كان أحد المبشرين بقيامها، والمهتمين بالعيش في مجتمعها.

تنفس الصعداء وأجاب بعد أن رفع نظراته إلى الأعلى وأخذته لحظة شرود عابرة موجهاً كلامه إلى الرجال من حوله قائلاً: الحياة في مدينة المليون نائم! تعني أن تعيش ضمن قطيع والمدينة برمتها تتكون من مجموعات من القطعان تتقاطع أحياناً بعضها مع بعض وتتباعد في أحيان أخرى، وذلك بحسب ما تفرضه وتمليه كل مجموعة على أفرادها..

اقرأ أيضاً: «فنُّ القراءة»… ما يميّز نوعَنا الإنسانيّ

إن أناسها يتحركون كالمنومين مغناطيسياً أو كمن يمشي وهو نائم ويتصرف تصرفات اليقظان؟! البرنامج اليومي متنوع ولكنه أشبه بتنوع النشاطات المختلفة لمن يقبعون وراء قضبان السجون! فالخيارات قد تكون متعددة ومتنوعة لكنها في نهاية الأمر محددة وغير مقبول الحياد عنها، كما أن هناك تكرار للعمليات اليومية والمصيبة أنه تكرار غير محسوس لا يشعر به الناس هناك كما هو بالضبط حين لا يشعر من يمشي وهو نائم بالتصرفات والأعمال التي يقوم بها.

حد الاستهلاك اليومي فظيع جداً يتعدى حدود التهم والشراسة الشائعة بين حتى أشد الحيوانات وحشية وسبعية والتي لا تستهلك مقدار ما يستهلكه الفرد هناك في أسبوع! لأن أهل هذه المدينة كما ذكرت سابقاً غير واعين تماماً بتصرفاتهم وسلوكياتهم إنهم أشبه بالنيام المستيقظين!

السابق
بولا يعقوبيان تتقدم باقتراح قانون «آدم» لتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري
التالي
الجزائر: هذا هو الفارق بين ثورتها والثورة السورية