المحاكم الشرعية الجعفرية وإطلاق دفتر شروط الزواج: خطوة إيجابية لكنها غير كافية

المحكمة الشرعية
في اعلان مفاجئ، شكل صدمة ايجابية لكثيرات، اعلن الشيخ القاضي في المحكمة الجعفرية محمد كنعان عن خبر مفرح يهم المرأة الشيعية في لبنان بشكل خاص، وكيف يُحلل الشيخ محمد علي الحاج العاملي الخبر وأبعاده؟

لن تتزوج أية إمرأة مسلمة شيعية بعد أسبوعين في أية محكمة شرعية إلا بعد أن توقّع هي وزوجها على دفتر شروط يحفظ لها حقوقها ويكون في الدفتر شروط تحفظ لها حقوقها كاملة هذا ما أعلنه رئيس المحاكم الجعفرية في لبنان الشيخ محمد كنعان خلال لقاء مع مجموعة (#تع_نحكي) في صور يوم السبت الواقع في27 تموز.

وفي التفاصيل، فقد أعلن الشيخ محمد كنعان، رئيس المحاكم الجعفرية في لبنان خلال ندوة لـ(تع نحكي) في مدينة صور حول رفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعيه أنه “خلال اسبوعين سيصار الى دفتر شروط متكامل في المحاكم الجعفرية، ولن يقبل أي زواج في المحاكم الشرعية إلا بعد اطلاع الزوجين على الحقوق والتوقيع عليه من قبل الزوجين. 

اقرأ أيضاً: القرارات «الاصلاحية» الاخيرة للمحاكم الشرعية الجعفرية: ما لها وما عليها!

ومن هذه الشروط للمرأة على زوجها ان تكون وكيلة نفسها طلاقها في حال سُجن لأكثر من سنة لو غاب غيبة أكثر من سنتين ولها ان تشترط الحضانة بعد الطلاق لأولادها حتى بلوغهم السن الشرعي لو اساء معاملتها. 

وسيُطلق في المناطق خلال 6 أشهر لجنة في المناطق تتضمن اخصائية نفسية واجتماعية، وخبيرة شؤون حميمية.

 وسيكون هناك أيضا في اللجنة خبراء اقتصاديون وخبراء في معالجة الاطفال وسيكون عملهم مجاناً لأنه لا يريد أن يُقيّد المواطنين بمزاجية معينة.

 ومع الوقت سيصبح رأي هذا الخبيرالاستشاري شبه إلزامي للمحكمة على طريقة عمل الحكمين. وسنفّعل قريبا نظام المأذونين، فلا يجوز لأحد أن يعقد زواجا أو طلاقا إلا أن يكون مأذونا. والمأذون هو من تأذن له المحكمة اجراء عقد زواج وايقاع الطلاق، اننا نحتاج في هذا إلى التنسيق مع المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى. هو بمثابة “الكولوكيوم” المفروضة لجميع المهن.

وفي لقاء مع الشيخ محمد علي الحاج العاملي (رئيس الحركة الإصلاحية الشيعية) أكد لـ”جنوبية” ردا على سؤال حول امكانية اعتبار قرار المحاكم الجعفرية جاء نتيجة ضغط الجمعيات النسوية أم صحوة متأخرة بعد حادثة غديرالموسوي؟

يرى سماحته أن “المشكلة الأساس تكمن في أن المحكمة الشرعية الجعفرية أُسست وتشكلت على ضفاف المحكمة الشرعية السنيّة، ولم يقتصرالأمر على التأثيرات السنيّة فيها فحسب، بل لتاريخ اليوم لم يعمل الشيعة على إضفاء الطابع الفقهي الجعفري على هذه المحاكم”.

ويضيف بالقول “طبعاً أنا مع إلغاء هذه المحاكم الدينية من أساسها، ومع انتاج قانون عصري مدني ينظّم الأحوال الشخصية للبنانيين جميعاً. هذا من ناحية مبدئية؛ ولكن لما كانت الأحوال الشخصية دينية في لبنان، فلا مناص من تعديلها بما يتلاءم مع واقعنا المعاصر”.

إلا أن الحاج يعود ويؤكد ردا على سؤال يتعلق بالجمعيات النسوية، فيقول “لا أتصور أن جهود هذه الجمعيات حصرا هي التي أدت لتحريك هذا الجو، فمن الواضح أن مجتمعنا بات يضيق ذرعا بالمحاكم وطريقة أدائها وأحكامها؛ ولا شك أننا قادمون على مرحلة جديدة نتيجة الوعي المتزايد الذي سيشكّل ضغطا حقيقيا على المؤسسات الدينية الرسمية كافة في لبنان”.

ويتابع سماحته، قائلا “هناك تحفّظ على اعتبار ما طرح يشكّل إصلاحات! فكنا نتوقع خطوات جوهرية بالصميم، وليس مجرد بعض الشروط التي نمارسها اليوم، ونسجلها لأية زوجة تود ذلك، حيث الأمر متاح اليوم لأية فتاة تود الزواج أن تشترط ما تشاء في متن عقدها، وكذا الأمر بالنسبة للزوج”.

وحول امكانية الوثوق بقرارات المحاكم؟ يرى الشيخ الحاج “ليست مسألة ثقة، بل جدوى وصلاحية، أما فيما يخصّ الجدوى فليست هذه الخطوة ذات فائدة معتّد بها، بل إنها محدودة جداً – كما أسلفنا-، وأما بالنسبة للصلاحيّة فبنظرنا ينبغي أن يُعكف على تطويرهذه القوانين نخبة من قضاة الشرع، الذين اكتسبوا خبرات واسعة، لاجتراح قوانين وأنظمة تتماشى مع الذهنية الفقهية الجعفرية، على أن يكون ذلك ضمن الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى”.

وتعليقا على كيفية تفسيراشكالية مصطلح السنّ الشرعي للولدين؟ هل هو سن التكليف أم سن البلوغ أم سن الرشد؟ يرى الشيخ محمد علي الحاج العاملي أنه “لعله يقصد بذلك سن البلوغ الشرعي، الذي هو 15 سنة للذكر، و9 سنوات للأنثى”.

اقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (36): واقع المحاكم الجعفرية

وعن  سبب رفض علماء الدين لطريقة المأذون لدى الشيعة، هل لكونه يصبح أشبه ما يكون كاتب بالعدل؟ يلفت الشيخ الحاج إلى أنه “يتوّقع أن الحساسية ناتجة من عدة أمور منها: كون إعطاء صلاحيّة حصريّة لجهة مخوّلة منح الإذن يشكّل حساسية لأطراف في الجسم الديني الذين يختلفون سياسيّا وفكريا مع الجهة الرسمية”.

إضافة إلى “أمر آخر هو طريقة المأذون التي تحط من قدر العلماء، الذين يتحولون بموجب هذه الآلية لموظفين ومعقبيّ معاملات. إضافة إلى شعور بعض العلماء أن الموضوع يندرج ضمن الصراع على رئاسة المحكمة الشرعية الجعفرية العليا”.

لم يأخذ أي موضوع شرعي هذا الجدل في لبنان بقدر ما جرى حول قانون الحضانة والأمومة والطلاق. فمتى تنظّم هذه الملفات تسهيلا لحياة الناس وصونّا للمجتمع الشيعي، ومتى ندخل عصر الزمن المعاصر في تعاملات المحاكم الجعفرية؟

السابق
إلى الإعلامية مي شدياق…
التالي
هل سيعود آل الأسعد لرئاسة مجلس النواب في لبنان؟