الثنائي الشيعي يحتكر الوظائف الرسمية ولا يحترم الكفاءات

الثنائية الشيعية
كانت الحصة الشيعية من وظائف الدولة اللبنانية قبل الحرب الاهلية تتجاذبها التيارات السياسية الموالية للقوى الحاكمة، فكان التيار الشمعوني المتمثل بحزب الوطنيين الأحرار والتيار الكتائبي هما أكثر من تمكن من وضع اليد على الحصة الشيعية في وظائف الدولة، وكان الحاكمون يومها يقولون للشيعة في تلك المرحلة : " ما لنا لنا وما لكم لكم ولنا ".

لذلك لم تكن الحصة الشيعية يومها تتناسب مع حجم الطائفة الشيعية في لبنان التي تعود جذور وجودها في لبنان إلى قرابة أربعة عشر قرناً من الزمن، بل يذهب المحققون في التاريخ للقول إن كثير من المسيحيين والدروز والسنة والأقليات في لبنان يعودون إلى أصول شيعية، وقد تركوا التشيع في الحقبة العثمانية نتيجة للحروب الصليبية ولأسباب الجهل الديني زمن خلاء بلاد الشيعة في لبنان من وجود علماء الدين بسبب الهجرة والاضطهاد وقلة أسباب المعاش في لبنان في العصور الغابرة.

اقرأ أيضاً: في لبنان: ثنائية شيعية موحّدة مقابل ثنائية مارونية متخاصمة

هذه الجدلية متروكة للمتخصصين في التاريخ الديني اللبناني، وهي قد تثير الكثير من الشحن الطائفي، وإن كان البعض يرى فيها العكس تماماً كونها تكشف عن نقطة لقاء بين جميع الطوائف اللبنانية فتساعد بذلك على الحد من النَّفَس الطائفي في العمل الاجتماعي والسياسي.

 وعلى أي حال، عانى شيعة لبنان الحرمان قبل قيام الكيان اللبناني على الخارطة خصوصاً في عهد الحكم العثماني، وتوالت عليهم الويلات منذ قيام الدولة اللبنانية عبر ظلم الانتداب الفرنسي، ومن بعده عبر الاعتداءات الصهيونية المتكررة، وكل ذلك بالرغم من عدم وجود تناسب بين حجم الطائفة الشيعية وحجم الوظائف التي اختُصَّ بها ابناؤها في عهود الحكم اللبنانية المتتالية، فكان المسيحيون والسنة يتوافقون على ما يمكن أن يمنحوه للشيعة من حصص داخل دوائر الدولة ومن وظائفها، والتي استأثر بأكثرها – على قلتها وضعفها – الموالون للتيارات السياسية والأحزاب غير الشيعية في تلك العهود، بالرغم من انخراط عدد كبير من الشيعة في الأحزاب غير الشيعية في تلك الحقبة من تاريخ لبنان، ويوم كانت المقاومة الفلسطينية صاحبة القرار السياسي في لبنان استمر تجاهل الشيعة في الوظائف العليا وغير العليا بسبب بوادر انهيار سلطة الدولة اللبنانية يومها أمام المد الفلسطيني العسكري.

 واستمر هذا الحال إلى حين تمكن القائد المغيب السيد موسى الصدر من انتزاع بعض الحقوق للشيعة ، ومن بعد تغييبه استأثر الثنائي الشيعة (حركة أمل وحزب الله) بحصة الشيعة في وظائف الدولة الرسمية يوم كان باب التوظيف مفتوحاً على مصرعيه وكانت الغنائم كثيرة ووازنة، فإذا لم يكن طالب الوظيفة منظماً في الثنائي لم يكن له حظٌ من تلك الوظائف ، بالرغم من كون أكثر من نصف الشيعة في لبنان لا ينتمون لتنظيمي الثنائي الشيعي!

وعلى مقلب آخر، تجد الثنائي يحظِّرُ  على القوى السياسية غير الشيعية الأخرى التدخل في تحديد مستحقي الوظائف من الشيعة، فأدى ذلك – ويؤدِّي – إلى تجاهل الكفاءات العالية الموجودة خارج إطار تنظيمي الثنائي الشيعي!

اقرأ أيضاً: لأننا شيعة خارج «الثنائية»…

وتجاهل الثنائي الشيعي للكفاءات العالية الشيعية المستقلة – وما أكثرها بحسب الإحصاءات الميدانية – لمصلحة المحازبين ساهم في تأخر الدولة، وغاية الثنائي من هذا التجاهل هي تحقيق مصالحه الحزبية وكسب مغانمه السلطوية، فهل ستعود الكفاءة هي ميزان التوظيف ضمن حصة الشيعة من الوظائف الرسمية في بلدنا العزيز فيما لو عاد باب التوظيف ليفتح على مصرعيه من جديد؟

وهل سيتمكن الثنائي بسياسة التوظيف الرعناء الحالية من زيادة حصة الشيعة من تلك الوظائف – التي قد تستجد لو فتح باب التوظيف بعد ثلاث سنين – مع تجاهله للكفاءات العالية الشيعية المستقلة؟ وهل يخدم قطع الثنائي الشيعي الطريق على الكفاءات الشيعية المستقلة لبلوغ الوظائف العليا وغير العليا في الدولة اللبنانية، هل يخدم ذلك بقاء تلك الكفاءات في لبنان، أو يخدم مستقبل أبناء الطائفة الشيعية على صعيد الدوائر الرسمية أم يفسح المجال للمزيد من عزلة الشيعة عن تلك الدوائر؟

السابق
اللهجة البعلبكية في الدراما: ترند الموسم!
التالي
لماذا ثارت غُبرة الشبهات حول الأوقاف الشيعية في لبنان؟