قراءة في دنيا محمد شامل… هيك عالماشي!

محمد شامل
يُعتبر محمد شامل من أهم كتّاب المسرح والإذاعة والتلفزيون في أوائل القرن العشرين في لبنان ، ويُنظر إليه كشاهد عيان على الحياة الإجتماعية والسياسية والثقافية، وناقد موضوعي، عاش مع الناس وخَبر معاناتهم وآلامهم ونقلها في أعماله الفنية، كان صاحب كلمة بسيطة راقية ناقدة وهادفة حتى لقّب برائد الأدب الشعبي المسرحي والإذاعي والتلفزيوني في لبنان...

لقد كان يرصد ملامح النالس وهمومهم، وكانت فلسفته: “نحن لا نزرع الشوك، بل التسامح والمحبة والخير للجميع”.
ولد محمد شامل في بيروت عام 1909، توفيت والدته عندما كان بالشهر السادس، فحُرم عطف وحنان الأم، حتى أصبح يتيمًا مقهورًا لقسوة والده وخالته التي تزوجها والده فيما بعد، رغم القسوة والمرارة التي ذاقهما من خالته ووالده إلا أنه أصرّ على أن يتعلّم، فقد كان شغوفًا بالعلم والمعرفة، كان يعمل ويتعلّم في الوقت ذاته، إلى درجة أنّه إذا رأى ورقة على الأرض في الشارع كان يلتقطها ويحاول قراءتها، تفوّق في العلم والثقافة حتى أصبح فيما بعد أستاذًا للّغة العربية والدين والقرآن، ومديرًا لمدرسة المقاصد في عين المريسة، وكانوا يستعينون به في اللغة العربية في البرامج الإذاعية والتلفزيونية ومدققًا لغويًا لها. تابع تحصيله العلمي بمجهوده الشخصي إلى أن حصل على إجازة في الأدب العربي من المعهد الشرقي بإشراف فؤاد افرام البستاني مع رسالة بعنوان «أدب الخوارج في الإسلام» ولعلها الأولى في نوعها آنذاك. صادق الشعراء عبد الرحمن سلام والأخطل الصغير وسعيد عقل وغيرهم. أسّس جمعية «ترقية التمثيل الأدبي» وبدأ مع صديقه عبد الرحمن مرعي في ثنائي «شامل ومرعي» وقدّم العديد من المسرحيات في بيروت وحصد نجاحًاً باهرًاً.

اقرأ أيضاً: مسارح لبنانية صمدت على الرغم من الحروب وتراجع صناعة المسرح!

كما في المسرح كذلك في الإذاعة لقد كتب وقدّم هذا الثنائي «شامل ومرعي» اسكتشات ضاحكة وفكاهية تحمل رسائل عديدة منها إجتماعي ومنها سياسي دون وعظ أو أرشاد بروح فكاهية عالية، كان شامل يبدأ بصوته البيروتي العميق ويتبعه مرعي بلهجة شعبية محببة…
كان له في السياسة أيضًا صولات وجولات أيام الإنتداب الفرنسي، لقد رافق الواقع اللبناني والبيروتي، مما انعكس ذلك في كتاباته، كان حافظًا بيروت في كل شيء من مظاهر وواقع وناس وأحياء وتقاليد…
كما ساهم في أواخر الخمسينات مع الأخوين رحباني وزكي ناصيف وتوفيق الباشا وغيرهم في تأسيس مهرجانات بعلبك الدولية الغنائية، وأصبح مديرًا للمسرح في المهرجانات وبقي حتى العام 1963.

كان لمحمد شامل دورٌ بارزٌ في بيروت الزمن الجميل في تلك الفترة حتى أنه اعتقد أنّ هذا الزمن لا يموت وسيستمر، إلا أن الحضارة والتطور والرفاهية الكذّابة حطّمت تلك الزمن، وحوّلته إلى ذكرى.
لقد كان رائدًا في التجريب والمغامرة، حتى أنه أفنى حاله في الكتابة المسرحية والإذاعية والتلفزيونية والسينمائية، وأسّس لجيل موهوب بالفطرة والحدس الجميل، من أمثال حسن علاء الدين (شوشو) وعبد الرحمن مرعي، ابراهيم مرعشلي، أحمد الزين، أمال عفيش، شفيق حسن، أماليا أبي صالح، فريال كريم… وغيرهم الكثير.

اقرأ أيضاً: المسرح التفاعلي.. كوسيلة لكشف احتياجات المجتمع

أبرز برامجه الإذاعية هي: «عالماشي، كلمة ونص، اسمعوا يا ناس»، وكل حلقة مدتها خمس أوعشر دقائق، وكان محور أحد الحلقات عن لبنان الذي كان يعشقه، كما وقدّم حلقات عديدة وطنية، وأخرى إقتصادية وتربوية وإجتماعية، بطريقة مهذّبة وبأسلوب سجعي، وكان يأسف على الوضع الحاصل والمعقد لأنه ضد الطائفية ولا يؤمن إلا بالإنتماء للبنان العربي. واستمر في مسيرته الفنية حتى كلّلها في (الدنيا هيك)، وحمل لقب المختار.
أغمض محمد شامل عينيه وتركنا في 4 أيار 1999 تاركًا وراءه إرثًا فنيًا كبيرًا، وكان يقول عن نفسه: “أنا واحد من أبناء بيروت الخيّرين البسطاء الذين تركوا بصماتهم في تفكير من عداهم. أنا ابن البيئة البيروتية. غرسة الفن زرعها في نفسي حكواتي الحي والفرق المصرية التي كانت تزور بيروت”.
زمرد: ليش هيك تغيّرت الدنيي وتغيّرت العالم وتغيّر الفن يا مختار…
المختار: لأنو زاد الطمع وكتر الجشع وانعدم السمع ولأنّو الدنيي هيك…

السابق
5 أطعمة ينصح عدم تناولها على معدة خاوية!
التالي
جيشنا واحد في طرابلس وبعلبك.. فلماذا التمييز؟!