الدراما حين تزعج السلطة ورجال الدين!

في متاهات الرأي السياسي والديني، يستمتع بعض صناع الدراما في السعي خلف الصدامي مع السلطة ورجال الدين ضمن ما يقدمونه من دراما، هي لعبة البارعين وفي موسم رمضان 2019 تأتي هذه الإشكالية ضمن ثلاثة أعمال سورية.

بعد صدامه مع المؤسسة العامة للسينما في دمشق عدة مرات، أدرك المخرج محمد عبدالعزيز تعثر عرض أفلامه داخل دمشق، فاتجه للدراما قبل عامين ليجد نفس النتيجة بعدما منعت مديرية الرقابة في التلفزيون السوري عرض مسلسله “ترجمان الأشواق” قبل عام، طالب حينها صناع العمل السلطات العليا بأحقية وصول المسلسل إلى الشاشة وعدم حجبه عن الجمهور، ليخرج المسلسل من موسم العرض السنة الماضية ويعاد تصوير بعض مشاهده المثيرة للجدل وخاصة المتعلقة بشخصية الفنان غسان مسعود، حيث يلعب دور رجل دين ذو فكر متشدد. وهو المسلسل الذي يعود بالزمن ليطرح كيف التقى الرفاق الثلاثة بعد غياب، وما آلت إليه تياراتهم الفكرية ووجهات نظرهم من تحولات في ظل التغيرات السياسية في المنطقة خلال العقدين الأخيرين.

وفي هذا العام، اتخذت الرقابة في سوريا قراراً بتشكيل لجنة لمشاهدة الاعمال الفنية قبل عرضها، ضمت للمرة الأولى في تاريخ الدراما السورية عضوان من الإدارة السياسية للنظام السوري.

بالمقابل، يعاود الكاتب سامر رضوان مقارعة السلطة عبر مسلسله الجديد “دقيقة صمت”، بعدما تعرض للاعتقال خلال عرض مسلسله “الولادة من الخاصرة” قبل خمسة أعوام. ويشكل المسلسل عودة للمخرج التونسي شوقي الماجري بعد غياب سبعة سنوات، في حين يعد التعاون الاول للمنتج صادق الصبّاح في إنتاج مسلسل سوري.

اقرأ أيضاً: أزمة النص الدرامي… بين العرض والطلب

المسلسل الجديد الذي صوّر بين دمشق واللاذقية يقترب من الخطوط الحمر للحظر، حيث يطرح للمرة الأولى تابوهات دينية حساسة علاوة على التطرق لموضوع السجناء السياسيين، الإعدامات، الخلايا النائمة والكثير من القصص المعريّة لذهنية النظام في تعاطيه مع الشعب، فالخط الديني فيظهر من خلال التطرق لمحاذير دينية حساسة لدى الطائفة العلوية التي تنتشر في الساحل السوري. فيناقش المسلسل قضية “الولي” المبروك لدى عدد كبير من أبناء الطائفة، وهو ما يمكن أن يشكل صدامية اخرى للمسلسل بين البنية الأمنية لنظام الأسد القائمة على تكريس تبعية أبناء الطائفة للنظام.

الدين لا يفارق مسلسل “الحلاج” بإشكالية كبيرة اضطرت الشركة المنتجة لمنع تسريب أي صورة أو فيديو عن المسلسل، بعدما تلقى الفنانون تهديدات على صفحاتهم في مشهد يشبه حالة التهديدات التي واجهها مسلسل “غرابيب سود” قبل عامين حين طرح فكر تنظيم الدولة. يطرح المسلسل فكر الحلاج المتصوف وتجري أحداثه داخل مدينة بغداد، إلا أن التكتم على تفاصيل العمل جاءت بعد تهديد شيخ سلفي للمسلسل وبلبلة داخل دول مجلس التعاون الخليجي حول صوابية طرح القصة وفي هذا التوقيت الحساس. ويلعب بطولة المسلسل كلّ من الفنانين غسان مسعود ومنذر رياحنة ورشا بلال وراكين سعد وأنس طيارة وعدد من الفنانين السوريين والعرب.

المختلف في مسلسل الحلاج لكاتبه أحمد المغربي، هو التطرق لفكر الحلاج الجدلي في ظل امتلاء الدراما التاريخية المنجزة في العامين الأخيرين بالرسائل السياسية ولا سيما بين دولة قطر التي أنجزت مسلسل “الإمام” عن سيرة الإمام أحمد بن حنبل، وإمارة أبوظبي التي أنتجت مسلسل “المهلب” عن سيرة حياة المهلب بن أبي صفرة. لذا قررت شركة المنتجة لمسلسل “الحلاج” تسمية المسلسل بـ”صراع الجواري” في محاولة لإبعاد الشبهات عن قصة المسلسل الرئيسية، واظهاره كمسلسل تاريخي غنائي يدور في فلك القصور والجواري داخل بغداد.

هذا ولا يستبعد أن يزخر مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” بكمية كبيرة من الرسائل السياسية والدينية الموجهة وإن جاءت في سياق درامي قد يحد من ثقلها.

المسلسل مأخوذ عن رواية “عندما تشيخ الذئاب” للكاتب الأردني الفلسطيني جمال ناجي تروي قصة صدام التيار الشيوعي مع الإسلامي في فترة التسعينات داخل قرية أردنية، وبذلك ارتأت مؤسسة أبوظبي للإعلام إنجاز هذه الرواية كمسلسل تلفزيوني تجري أحداثه داخل سوريا مع مجموعة من الفنانين مثل عابد فهد، سمر سامي، أيمن رضا، محمد حداقي، هيا مرعشلي وأنس طيارة، ليشكل دور الفنان سلوم حداد محور المسلسل، حيث يلعب للمرة الأولى دور رجل دين متشدد، ما يطرح مجموعة من التساؤلات حول صحة ما يناقَش من أفكار ومن الصورة الشيطانية لرجل الدين المتشدد التي يقدمها المسلسل.

 

السابق
«المردة» ممتعض من تكريم حزب الله لباسيل…«لا وعد بالرئاسة»
التالي
هل بات الإقتصاد اللبناني إقتصاد أزمات؟