حزب الله يفرج عن الحكومة.. فما هي الدوافع التي أجبرته على التراجع؟

حزب الله
سيتناغم حزب الله مع أي قرار إيراني حول كيفية التعامل مع روسيا، وسيكون ضمن دائرة الأذرع الإيرانية في المنطقة، التي تحاول طهران قدر الإمكان المحافظة عليها.

أطلق حزب الله أول تصريح يحدد مدة زمنية لتشكيل الحكومة، حيث قالت المصادر إن العقبات الكبرى ذُللت وأن الحكومة سترى النور في اليومين المقبلين، يأتي ذلك بعد أسابيع من كلام أمين عام الحزب حسن نصرالله الذي دعا فيه إلى عدم الحديث عن مدة معينة للتشكيل، فما هي المتغيرات التي ستؤدي قريباً إلى لإفراج عن الحكومة؟

إن عدم ربط التعطيل الذي حصل إثر رفض حزب الله تسليم أسماء وزرائه الثلاثة قبل أن تتم الموافقة على توزير أحد النواب السنة الستة من خارج تيار المستقبل، بالوضع الإقليمي لمحور الحزب وللبنان عموماً لا يبدو منطقياً.

يعلم الحزب وجميع الأطراف السياسية الأخرى أن لبنان يشكل ورقة ضغط في اللعبة الإقليمية الكبرى وصراع النفوذ، وعلى حزب الله اليوم أن يقرر اتجاه نفوذه الذي يسعى إلى فرضه على الساحة الداخلية، فهل يريد إعادة نفوذ سوريا في لبنان الذي خسرته إبان خروج قواتها من أراضيه عام 2005، والذي تلاشى أكثر مع الحرب السورية بداية عام 2011؟ أم أنه يسعى إلى دمج النفوذ السوري مع الإيراني داخلياً؟

اقرأ أيضاً: بين تفاؤل باسيل وتشاؤم برّي: تأليف الحكومة في موعد مع الأعياد

تعتبر ورقة الأمن داخلياً إحدى خيارات الحزب للضغط بهدف الحصول على ما يريد، وما يريده اليوم هو الولوج في السلطة والمشاركة فيها، من دون إعطاء رئيس الجمهورية ميشال عون الثلث المعطل، إضافة إلى تقليص حصة الرئيس المكلف سعد الحريري، من دون إخراجه من التسوية الرئاسية التي عقدها مع عون.

وكان تنفيذ هذه العملية قد بدأ بعد إقرار قانون الانتخابات النسبي، إلا أنه وقع في خطأ عدم جمع المكون السني غير التابع لتيار المستقبل مباشرة بعد الإنتخابات، وأخّر ظهور ما يسمى باللقاء التشاوري، ما جعل مسألة توزير أحدهم ضعيفة الحجة، كون النواب الستة يندرجون في عداد كتل نيابية شاركت في المشاورات النيابية مع الحريري.

وتعكس مسألة توزير أحد هؤلاء النواب، رغبة الحزب في وجود اسم مقرب من النظام السوري داخل الحكومة، وعدم اعتبار وزراء التيار العوني وحتى حركة أمل التي ترفض إضعاف الحريري، من المقربين من النظام، أو أقله ضمن اللعبة التي يريد الحزب تطبيقها بإعادة دمشق إلى لبنان، مع وجود النفوذ الإيراني الذي يمثله الحزب.

كيف سيتعامل الحزب مع المصالح الروسية في المنطقة؟

في عام 2015، دخلت روسيا في صراعات المنطقة لحجز مراكز نفوذ لها، يجعل منها قوة عالمية، مواجهة للقوة الأميركية، واستطاعت ترسيخ هذا النفوذ بعد مشاركتها في الحرب السورية لإنقاذ نظام بشار الأسد، الذي فشلت إيران بالمحافظة عليه، وكان قاب قوسين أو أدنى من السقوط لولا التدخل الروسي.

وتعتبر إيران أن روسيا حليف أساسي، خصوصاً في مواجهة العقوبات الأميركية عليها، إضافة إلى كونها متنفسا أساسيا لتصدير النفط والغاز. وتالياً فإن أي تقاطع في المصالح في المنطقة بين الروس والإيرانيين لن يفيد طهران. ويظهر التراخي الإيراني جلياً مع توسع السيطرة الروسية في سوريا، وخصوصاً بعد إبعاد روسيا للإيرانيين إلى مسافة تفوق الـ100 كيلومتر عن الحدود مع إسرائيل في الجولان.

وهذا ما يضع الأسد أيضاً، في عملية صراعه على البقاء، في مكان لا يمكنه فيه التخلي عن إيران، وذلك بعد رفضه عروضاً من دولٍ عربية للتخلي عن ارتباطه بطهران مقابل تسوية تسمح له بالاستمرار في السلطة لفترة معيّنة، وفي الوقت عينه يعلم أن روسيا هي الأساس في بقائه حتى الآن.

أمام هذا الواقع، سيتناغم حزب الله مع أي قرار إيراني حول كيفية التعامل مع روسيا، وسيكون ضمن دائرة الأذرع الإيرانية في المنطقة، التي تحاول طهران قدر الإمكان المحافظة عليها.

وكذلك تجدر الإشارة الى أن الانكفاء الأميركي عن سوريا ولبنان يريح الحزب، حيث لم يعد لبنان أولوية على جدول أعمال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على الرغم من استمرار دعمه للجيش اللبناني. ولكن ما يقلق حزب الله في الوقت عينه، الثقة الأميركية بالدولة اللبنانية، إضافة إلى العلاقات الجيدة التي تنسجها روسيا مع أطراف السلطة في لبنان وخصوصاً مع الرئيس الحريري.

اقرأ أيضاً: الحكومة بين التفاؤل والحذر.. فهل تولد بين العيدين؟

ودائماً ما يكرر الحريري أنه في ما يخص العلاقة مع سوريا، سنتكلم مع روسيا مباشرة كونها هي الدولة التي تسيطر على القرار السوري، وليس نظام الأسد أو حتى طهران.

أنفاق “حزب الله” وموقف روسيا

“من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”، هذا ما قاله المندوب الروسي من على منبر مجلس الأمن، ما يشكل تناغما روسيا أميركيا في عملية دعم مصالح إسرائيل لمواجهة “أنفاق حزب الله“.

وفي العودة إلى الموضوع الحكومي، واستكمالاً لتنفيذ أهدافه، يسعى الحزب من خلال الإفراج عن الحكومة، مع التراجع عن فرض توزير اسم من النواب الستة، إلى التقرب أكثر من روسيا عبر المدخل الحكومي، عبر اسم مضاف إلى “الكتلة الوزارية الممانعة”، يطلق العجلة الحكومية، ويبعد عن كاهله إحدى الأزمات التي يصارع على الخروج منها بأقل الأضرار.

يشكل حزب الله أحد أضلع القوة الإيرانية في المنطقة إضافة إلى”فيلق القدس” و”الحرس الثوري”، ودعم الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، وتالياً ستواجه إيران تحدياً كبيراً للحفاظ على ما بنته على مدار أعوام، بعد الضغوط الدولية الكبيرة التي جعلت من حلفائها أيضاً مصدر قلق عليها.

وفي انتظار أن تتبلور الصورة في سوريا، تبقى العين على لبنان، الذي لن يكون بمنأى عن أي مخاطر مرتقبة، خصوصاً بعد تقرير هام من الإدارة الأميركية يفيد بأنه على اللبنانيين أن يقلقوا متى بدأت فصول الحرب في سوريا تنحسر تدريجيًا، فهل ستكون الحكومة مصدراً للانفراج، أم للانفجار؟

السابق
كتاب «مخيم عين الحلوة».. لـ محمد دهشة
التالي
تمثيل اللقاء التشاوري… إعلان عودة سوريا