حزب الله يحضّر «طبخة البديل».. والحريري يطفئ النار تحتها!

نهاد المشنوق
مصادر مطلعة أكدت أن هناك شخصية بديلة للحريري وافقت على الحلول مكانه، دون تحديد الاسم، لكن التجارب السابقة في التعامل مع موقف كهذا، تعيد اسم الرئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي إلى الواجهة.

بعد تشبث الرئيس المكلف سعد الحريري بقرار عدم توزير أي شخصية من نواب سنة 8 آذار الستة، بقوله من القصر الجمهوري في ذكرى الاستقلال رداّ على سؤال عن إمكانية لقائه ب”السنة المستقلين”، “وين في نواب سنة مستقلين؟ المشكلة ليست عندي”. مُررت رسالة له اليوم من قبل قوى الثامن من آذار مفادها أن البديل جاهز، فمن هو هذا البديل؟

مصادر مطلعة أكدت أن هناك شخصية بديلة للحريري وافقت على الحلول مكانه، دون تحديد الاسم، لكن التجارب السابقة في التعامل مع موقف كهذا، تعيد اسم الرئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي إلى الواجهة. بعد إسقاط حكومة الحريري الأولى في 12-1-2011، وفي موقف أولي لميقاتي تعليقاً على الموضوع، قال إن المرحلة تحتاج عودة سعد الحريري على رأس الحكومة، إلا أن الأيام القليلة التي تلت هذا الموقف، وضعته مرشحاً مدعوماً من حزب الله بوجه الحريري، وتم تكليفه بتشكيل الحكومة، التي رفض المستقبل المشاركة فيها، وأدت إلى ابتعاد الحريري عن المشهد السياسي حينها، وتعتبر هذه الحكومة التي اتسمت باللون الواحد، من أفشل حكومات مرحلة ما بعد الطائف، حيث انخفض معدل النمو العام، و كان أن استقالت إثر اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن.

اقرأ أيضاً: سيناريو سحب التكليف من سعد الحريري بين الواقع والتهويل

وتعتقد أوساط سياسية أنه لا يمكن لميقاتي أن يعيد نفس المرحلة السابقة التي وضعته رئيساً للحكومة، وأن يقف مجدداً في مواجهة الحريري، لاسيما أن الحريري أعاد العلاقات الطبيعية معه، واحترم نتيجة الانتخابات التي أعطته وزناً سنيا،ً إضافة إلى كتلة من أربعة نواب، واتفق معه على وزير سني من حصته. وبالتالي سيصعب استيعاب الفكرة مجدداً وخصوصاً بعد تصريحاته المتتالية مؤخراً المؤكدة على دعم الحريري وصلاحياته كرئيس للحكومة، إضافة إلى اجتماعاته مع رؤساء الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة، وتناغمه مع موقفهما، على الرغم من تشابه مواقفه الحالية مع موقفه قبل تسميته بديلاً عام 2011.

هل حان وقت لعب “ورقة المشنوق”؟

كثر الكلام في مرحلة ما بعد الانتخابات، وصولاً إلى مرحلة هاشتاغ”#المشنوق_ضمير_السنة” عن تحضير وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق نفسه للحلول مكان الحريري في السراي الحكومي، وتقول المصادر إنه طالما عرض اسمه على الحريري لتسميته بديلاً عنه، إذا استدعى الظرف السياسي إبعاد الحريري عن المشهد مجدداّ. إلا أن المواقف المستجدة للمشنوق وخصوصاً تلك التي أتت من دار الفتوى، أكدت على تراجعه عن هذا الطرح، حيث قال إن الحريري سيشكل الحكومة و”على كفالتي”.

وعلى الرغم من تأخره لنحو 20 دقيقة عن مؤتمر الحريري الأخير، الا أنه عاد وظهر إلى جانبه في أكثر من مناسبة.

ما رأي الرئاستين الأولى والثانية بهذه الرسالة؟

اعتبرت المصادر التي أثارت فكرة “البديل الجاهز” للحريري، أن رئيس الجمهورية ميشال عون معني بشكل مباشر بحل الأزمة الحكومية، وأنه في اللحظة الحاسمة لن يمانع في تكليف بديل عن الحريري، لأن العهد لا يحتمل هذه المماطلة نظراً للضغوط الدولية والتحديات التي يجب مواجهتها لإنقاذ اقتصاد البلاد.

الا أن هذا الموقف مستبعد أن يصدر عن عون كي لا يظهر بموقع المتخلي عن التسوية مع الحريري، وخصوصاً أنه أكد في حوار الذكرى السنوية الثانية لولايته، على “طيبة الحريري” وعدم إمكانية الاختلاف معه، وأهمية أن يكون قوياً. فبالتالي، المنتظر من قصر بعبدا لم يأت كما تشتهي سفن البعض، أما عن موقف عين التينة، فيمكن اختصاره بما كان الرئيس نبيه بري قد أدلى به من مواقف تجاه الحريري أكد فيها أنه “مع الحريري ظالماً أو مظلوماً” وأن “لا مرشح عندي غير الحريري”.

ما مدى توافق هذا الطرح دولياً؟

غربياً، يبدو الدعم للحريري واضحاً، وخصوصاً من أميركا وفرنسا، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب دائماً ما يجدد ثقته بدور الحريري بقيادة لبنان، في حين أن موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الداعم للحريري يتخطى السياسة، ويصل إلى الشخصي، ودعوته لحضور الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية في باريس وصوره مع قادة العالم على هامشها، شكلت رداً دولياً بالشكل على مضمون الرسالة الأخيرة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله عالية اللهجة تجاه الحريري وحلفائه.

الأسماء التي قد تطرح، سواء ميقاتي أو المشنوق أو غيرهما، لن يشكلوا أي ضمانة للخارج، وبالتالي أي حكومة لا يرأسها الحريري ويسيطر عليها حزب الله ستعرض لبنان كله لعقوبات مشابهة للعقوبات الأميركية على إيران، إلاضافة إلى تراجع أوروبي عن أي تعامل ودعم للبنان قد يؤدي لسحب الدول المانحة في مؤتمر سيدر لالتزاماتها، ما يسهم بعدم العمل بأي من المشاريع المطروحة.

أما عربياً، فلا يختلف المشهد كثيراً، على الرغم من حياكة المشنوق وميقاتي لبعض العلاقات، الا أنها لا تصل لحدود تزكية أحدهما لمنصب رئيس الحكومة، وخصوصا من الناحية الخليجية بعدما ظهر الحريري بجانب ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في مؤتمر الاستثمار بدافوس كأحد القادة العرب للمرحلة المقبلة. من هنا ليس من المرجح أن يذهب العرب باتجاه يخدم مصالح إيران أكثر في لبنان ويخلي الساحة لحزب الله لتنفيذ مشروعه.

اقرأ أيضاً: حزب الله يضغط لإضعاف الحريري ونزع الثلث المعطّل من العونيين

هل يعتذر الحريري؟

دستورياً، فان ترجمة طرح البديل لا يمكن أن يتم دون أن يقدم الحريري على الاعتذار عن تشكيل الحكومة، وبالتالي فرض هذا السيناريو يرتبط بقرار الحريري أولاً،وقد أكدت مصادر بيت الوسط منذ أيام أنه أمامنا أشهر، وحتماً الحريري يملك القدرة على التحمل، إضافة إلى أنه كان قد سبق له أن أكّد أن الاعتذار غير وارد حالياً و “كل شي بوقته”.

تستمر الرسائل المتبادلة بين حزب الله الذي يُعرف بتمسكه بموقفه ونفسه الطويل، وبين “نيو سعد الحريري” الذي تخلى عن “الصبي” كما يردد مؤخراً، وبالتالي نحن أمام كباش داخلي مفتوح بقوة على حسابات خارجية، ومن الصعب توقع نتائجه ، ولكن الكفة ستميل في النهاية لصالح أحد الطرفين بالنهاية، فلمن تكون الغلبة هذه المرة؟

السابق
الفاتيكان يحذر لبنان.. الأسد سيبقى ولا عودة للنازحين
التالي
تجدد الاشتباكات في باريس بين الشرطة والمحتجين