حزب الله واللعب على حافة الهاوية

في حين يخيّم الجمود على خط الاتصالات والمشاورات الحكومية بعد مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى فرنسا في زيارة خاصة، ترى أطراف مقربة من 8 آذار أن موجة من الغضب والعتب تسود أوساط حزب الله، بعد إطلالة الرئيس عون الأخيرة، وتحميله حليفه حزب الله المسؤولية عن عرقلة التأليف

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن خلال لقائه التلفزيوني أول أمس عدم ترحيبه، بتوزير سنّة 8 آذار مؤكدا على ضرورة أن يكون رئيس الحكومة سعد الحريري قويا.

تناقض مواقف الرئيس عون مع ما يعلنه حزب الله وما يسعى إليه، أدخل العلاقة بين التيار الحر والحزب في دائرة من التوتر الشديد، بدأت ملامحها تتضح من خلال تبادل الاتهامات بين مناصري الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي، ما عكس بوادر أزمة ثقة عميقة بين الحزب والتيار.

اقرأ أيضاً: عون لحزب الله: الحريري خط أحمر.. والعرب أولاً!

وأكد النائب عن تكتل لبنان القوي ماريو عون اليوم على شدة انزعاج التيار الحر من أداء حزب الله الحكومي الأخير، بسبب دعمه لكتلة سنّية معارضة “تفرمل مسيرة العهد” على حدّ قوله، واصفا إياها بالكتلة “المصطنعة”، وهذا الموقف زاد من منسوب التوتر، ونقل الاعتراض العوني من التلميح إلى التصريح.

مساندة عين التينة، ورفع صوت بري بضرورة تمثيل المعارضة السنيّة، يعكس تصاعد وتيرة التعقيدات التي تضعها الثنائية الشيعية في وجه رئيس الحكومة المكلف لعرقلة جهوده وتجميد ملف التشكيل.

عمليا وفي الأسابيع الأخيرة، تبين أنه لا يوجد جبهة سياسية واحدة تجمع سعد الحريري، سمير جعجع ووليد جنبلاط، وظهر ذلك جليا خلال مداولات تأليف الحكومة.

وكانت السعودية قبل الانتخابات النيابية قد حاولت من خلال موفدها إلى لبنان نزار العلولا أن توّحد بين الحلفاء التقليديين للمملكة في لبنان، وأن تقيم تنسيقا بينهم عشية الانتخابات النيابية، ولكن عملية التأليف كشفت عن انفراط عقد هذه الجبهة خلال الانتخابات النيابية، كما تبين أنه لا الحريري ولا جنبلاط يحملون همّ تمثيل القوات في الحكومة، وتالياً فإن هذه الأطراف الثلاثة دخلت منفردة في عملية تشكيل الحكومة دون أن تمثل جبهة سياسية موحدة.

من جهة أخرى، لم يُعطَ وليد جنبلاط الوزراء الدروز الثلاثة وبالتالي، فإنه فقد سلاح فرط الحكومة تحت عنوان الميثاق الحكومي وأصبح مجردا من القوة، كما أن تنامي القوة النيابية لحزب القوات لم يؤثر على تمثيله في الحكومة واستقرّ الأمر به على القبول بثلاث حقائب غير سيادية.

الدفع بورقة تمثيل المعارضة السنّية من حصة رئيس الجمهورية أو الرئيس المكلف هو الكباش الحالي بحيث يحاول حزب الله انتزاع هذا التمثيل من حصة الحريري، في المقابل فإن تنازل الحريري عن أي حصة له سيكون إضعافا له وللطائف معا. وتمسّك الأخير بعدم التنازل يستند إلى تأييد الخليجيين والصقور في تياره، غير أن ما طرأ منذ يومين من تباين في وجهات النظر بين حزب الله والرئيس عون حول تمثيل سنّة 8 آذار، ودعمه صراحة للرئيس الحريري في موقفه الرافض لهذا التمثيل، يمكن أن يساعد على إفشال جهود الحزب الرامية إلى إضعاف رئيس الحكومة وتهميشه في المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضاً: لماذا رفض حزب الله تغيير الوزير فنيانوس في «الأشغال»؟

من جهة أخرى، تؤكد المصادر أن النائب فيصل كرامي، المرشح لتمثيل سنّة المعارضة، هو شخصية مقبولة لدى السعودية و8 آذار معا، ولكن إذا تم ذلك يكون حزب الله قد حقّق كل أهدافه، أما النتائج فهي مفتوحة على مناورات الحزب ورهانه على كسب الوقت في انتظار دخول الدفعة الجديدة من العقوبات على إيران وحزب الله حيز التنفيذ، وما ستؤول إليه التطورات الإقليمية.

إزاء مشهد جر البلد إلى الهاوية مجددا، من يلجم جموح حزب الله؟

السابق
هل تعيش حرب اليمن أيامها الأخيرة؟
التالي
قضية تسرب اللاجئين من لبنان: إيران تضغط على أوروبا