عون لحزب الله: الحريري خط أحمر.. والعرب أولاً!

ميشال عون
لا شك أن الرئيس ميشال عون فضَل الظهور في ذكرى انتخابه الثانية مبشراً بحكومة عهده الأولى كما يعتبر، لكن حليفه حزب الله أبى أن يحقق له ما تمناه. إطلالة الرئيس حملت رسائل في أكثر من اتجاه، أبرزها كان حرصه على الردّ على العرقلة المستجدة في ملف تأليف الحكومة، فهل سيتلقفها المعنيون؟

“نريد الحريري قوياً لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة”، هكذا علّق عون على موضوع توزير سنة 8 آذار، وشدّد على أنهم أفراد اجتمعوا مؤخراً لغاية التوزير. هذا الردّ كان مباشرا في الشكل ، وكان الحريري قد استبقه بتغريدة أراد من خلالها تحفيز عون على التناغم مع رأيه المتمثل بعدم أحقية النواب السنّة الستة بالمطالبة بالتمثيل، ورمي الكرة في ملعب حزب الله، لا ردّها الى بيت الوسط للتعامل معها على غرار التعامل مع لغم القوات الذي كان يصوَر بأنه العثرة الأساس.

الانسجام بين الرئاستين الأولى والثالثة واضح ولا يمكن تعكير صفوه، تغريدة، فردّ، فتحيّة على الردّ، والكلام المسؤول.

هذا الغزل المتبادل قد لا يستسيغه حزب الله لاسيما أن مصطلح “التكتيك السياسي” الذي وصف به عون مناورة حزب الله الأخيرة بعرقلة التأليف كان مباشرا وصريحا، ويؤدي الى إخراج الحزب من دور المسهل الأول وتحميله المسؤولية الأساسية عن عن فرملة عجلة التأليف.

اقرأ أيضاً: ثلاثية حزب الله الحكومية: إبعاد الحريري، أو إدخاله ضعيفاً، ومنع حيازة «الثلث المعطِّل»

في الاطار عينه ألمح الرئيس عون أن المناورة جاءت بأمر خارجي لغاية في نفس يعقوب قبل أيام على إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارات صارمة ستطال أولاً ايران وستنعكس حكما على الناطق بإسمها في لبنان.

كيف سيقرأ حزب الله كلام عون؟

قد يشفع لعون تشديده على أن حزب الله مقاومة وليست إرهابا، وأن وجودها مرتبط بعدم استعادة أراضي لبنان كافة، ولكن هناك ضبابية حول رد الحزب على تحميله المسؤولية عن تأجيل تأليف الحكومة، قد تعرقل الأمور أكثر خصوصاً بعد تناغم بعبدا-بيت الوسط، أو قد يكون “تكتيكا سياسيا مؤقتا” يريد الحزب من خلاله تجميد الأمور إلى حين جلاء معالم الصورة خارجية التي لا يكترث لها عون كثيراً أمام أولويته في تفعيل زخم عهده.

على مواقع التواصل الاجتماعي كانت الصورة أوضح، هجوم متبادل بين مؤيدي عون وأنصار الحزب، حيث أشاد الشارع العوني بكلام الرئيس ووفاقه مع الحريري، أما أنصار الحزب فقد أبدوا امتعاضهم من كلامه، ومنهم من ذكَر جمهور التيار الوطني الحر بأنهم أوقفوا البلد لسنتين لانتخاب رئيسهم، وللتراشق تتمة في هذه الأثناء.

لقاء عون – الأسد

خارجياً، تمسك عون بالجامعة العربية بوصفها المعنية الأولى عما ستؤول إليه الأمور في سوريا، وأعلن عن إصراره على التعامل مع سوريا تحت راية الأمم المتحدة كدولة لا تزال ممثلة في مجلس الأمن، وأنه لن يلتقي رئيس النظام السوري بشار الأسد بمعزل عن قرار عربي ودولي بتعويمه وعودة شرعيته، فهو لا يتحمل زيارة دمشق حالياً ولا حتى إيران. هذا المناخ الرئاسي يريح الحريري المنتشي بالحفاوة الملكية الأخيرة في المملكة العربية السعودية، وظهوره كأحد أبرز القادة العرب للمرحلة المقبلة، من هنا يمكن وضع دعم الحريري لعون في إطار تفعيل الدعم العربي والخليجي المتجدد للتسوية، ما من شأنه أن يضعه أمام مسؤوليته العربية أولاً.

أين نتجه اقتصادياً وقضائياً؟

“لسنا دولة مفلسة لكننا قد نصل للإفلاس إذا لم نتحرك”، هكذا دق عون ناقوس الخطر، مبديا في الآن نفسه حرصا على طمأنة الناس حول الوضع الاقتصادي متسلحاً بتقارير البنك المركزي عن استقرار الليرة، وأن لا خطر آني عليها، كما أعاد التأكيد على أن تراكم الدين موروث وهمس مجدداً في أذن من يعرقل ولادة الحكومة بأن العمل بسرعة على وقف النزيف أكثر من ضرورة، وتقرير البنك الدولي أكبر دليل.

اقرأ أيضاً: لماذا رفض حزب الله تغيير الوزير فنيانوس في «الأشغال»؟

أما قضائياً، فالوعود لا زالت متكررة في انتظار المؤتمر القضائي الذي يروج له عون مطلع العام القادم، والذي يهدف إلى إصلاح القوانين بناء على اقتراحات وتوصيات القضاة، لاسيما في ما يتعلق بكيفية التعامل مع قضايا الفساد.

ختاماً، الإطلالة التلفزيونية لعون أكدت على الأزمات التي عرضها المحاورون، وهو من جهته تبنى هذا التأكيد، وعرض ما أنجز بنظره، ووعد باستكمال ما لم يتم إنجازه بعد وأكد على عدة عناوين عريضة أبرزها أنه لن يدخل الحكومة في مواجهة مع القوات، وأنه لن يقبل بمحاولات إضعاف الحريري، وأن العرب أولاً!

فهل ستكون إطلالة العام المقبل مسرحاً لعرض ما أنجز من وعود أم أن كل ما قيل سيذهب أدراج الرياح بعد اتصال خارجي لجهة ما يطلق أمر عمليات في الأمن والسياسة؟

السابق
ثلاث ميداليات ذهبية في «العيد الماسي» لاستقلال لبنان
التالي
ممارسات نائب في إقليم الخروب تثير خلافات بين الأهالي