حزب الله الجديد: التصاق بالدولة وخنق الحريري بسنّة 8 آذار

فيصل كرامي
لقمان سليم لـ"جنوبية" سعد الحريري اليوم لا ينطق عن نفسه، وأي تنازل يصدر عنه في هذه المرحلة، سوف يحسب على راعيه الإقليمي المتمثل بالمملكة العربية السعودية".

برزت العقدة السنّية أو ما يعرف بتمثيل “سنّة 8 آذار”، كقنبلة موقوتة فجرّها حزب الله في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري في الساعات الأخيرة بعد حل عقدة القوات، في المقابل أعلن الحريري في موقف صريح له أنه غير معني بتمثيل هؤلاء، ووصلت به الأمور إلى أن يقول “شوفوا غيري” وكأنه يلوّح باعتكافه أو ربما تصعيده فوق سقف المطالب المطروحة.

وتمسّك حزب الله بمن يعتبرهم حلفاءه من سنّة المعارضة عل تنوّع انتماءاتهم الحزبية، وعدم انسجامهم وفق خط موحد، وتصعيده المباغت، فسرّه مراقبون لمسار التأليف الحكومي بأنه نوع من خلق أزمة مفتعلة.

اقرأ أيضاً: بعد العقدة المسيحية…عقدة تمثيل سنة 8 آذار تفاجىء الحريري

وأشارت مصادر مواكبة لعملية تشكيل الحكومة، أن ثقل العقوبات الأميركية وتأثيرها على بنية حزب الله وتمويله، دفع بالأخير إلى تسليم كوادره ومسؤوليه وزارات سيادية، دون أخذه بعين الاعتبار احتمال حرمان لبنان من تمويل المجتمع الدولي وقطع الطريق على المساعدات التي تقدمها له الجهات والمنظمات الدولية المانحة.

من جهة اخرى، رأت المصادر عينها أن الثنائي الشيعي يتجه وفي اتفاق غير معلن تبلورخلال اجتماع جرى مؤخرا، إلى تقاسم الوظائف والادارات الرسمية، في حين أن حزب الله في عهد الوصاية السورية كان يعتمد سياسة إبعاد عناصره عن وظائف الدولة نهائيا لارتباطها بالأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية، وقد استمر هذا الترتيب لعدة سنوات لاحقة، ولكن المرحلة الحالية تشهد على حضور لافت لمناصري الحزب وعناصره في مؤسسات الدولة.

الباحث والمحلل السياسي ومدير جمعية “هيا بنا” الأستاذ لقمان سليم، اعتبر في حديث لـ”جنوبية” أن “الوضع القائم حاليا يستدعي العودة إلى الماضي ورصد تكرار أحداث متوالية تاريخية، وذلك من أجل فهم منطق حزب الله وسياسته، عبر مقارنتها بتجربة المارونية السياسية، (بالمعنى التقني للكلمة)، التي راحت تلتصق أكثر فأكثر بالدولة اللبنانية أواخر ستينيات القرن الماضي، بعد أن شعرت أن مواقعها تهتز”، مضيفا “حتى عندما دخلت المارونية السياسية الحرب، فشعارها كان الدفاع عن الدولة اللبنانية وحمايتها”.

لقمان سليم

وقال سليم “أظن أن حزب الله استوعب جيدا درس المارونية السياسية، وفهم أنه ليس بإمكانه أن يدافع عن نفسه بعناوين سياسية ومذهبية، وبالتالي هو يأخذ اليوم الدولة رهينة له، ويحتمي بها ليقول إن أي تعرض أو تهديد له يطال الدولة اللبنانية نفسها، وأي سقوط لمؤسساته هو سقوط لمؤسسات الدولة”.

وفي حين أكد سليم ان ” لا أحدا اليوم يريد سقوط الدولة اللبنانية ليس لأسباب خيرية أو من منطلق الحرص عليها فقط، ولكن لأن هذا السقوط اليوم يعني انفتاح علبة باندورا، وعلبة باندورا اللبنانية لا تعني فقط سلاح حزب الله والحدود اللبنانية-الإسرائيلية، وأزمة مليون ونصف لاجئ سوري، وعشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، بل تعني أيضا الحفاظ على استقرار لبنان”.

وحول مخاطر إمساك حزب الله بمرافق سياسية وحيوية في الدولة، اشار سليم الى ان ” تماثل الحزب مع مؤسسات الدولة وما يعنيه ذلك من دقة في تماهيه في الإدارات الرسمية والأجهزة الأمنية، يجعل من الدولة الملاذ الأخير لحزب الله، والمتراس وكيس الرمل ودرعه الواقي”، وتابع “كل ذلك يفسر سعي حزب الله إلى توسيع نطاق سيطرته، وتشديد قبضة هذه السيطرة”.

اقرأ أيضاً: «إنتاجية» الحكومة الجديدة على المحك

من جهة أخرى، لفت سليم الى انه” ليس صدفة سعي حزب الله الى استنخاب مجموعة من الشخصيات السّنية، فهو لم يستثمر انتخابيا في تلك الشخصيات السّنية لئلا يحصد نتيجة استثماره عند تشكيل الحكومة، كما أنه من الغباء اعتبار هذا الاستنخاب مجرد مزاجية لديه”.

وخلص سليم إلى القول “حزب الله يريد التأكيد أن إتمام تشكيل الحكومة لن يمر إلا بشروطه، وإن سعد الحريري هو أقل من واجهة، وإنه (حزب الله) يمسك اليوم مقاليد الحكومة في المنبع وليس عند المصب، أي منذ لحظة تكوينها، وحتى ببيانها الوزاري، كما أمسك برئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب”.

يضيف مؤكدأ أن “سعد الحريري اليوم لا ينطق عن نفسه، وأي تنازل يصدر عنه في هذه المرحلة، سوف يحسب على راعيه الاقليمي المتمثل بالمملكة العربية السعودية، لذلك هو لا يملك حتى إشعار آخر أن يقدّم هذا التنازل”.

السابق
قزي لجنوبية: حزب الله يريد حكومة متجانسة ومطواعة لخياراته
التالي
اعتكاف الحريري ليس خبرا سيئا بالنسبة لحزب الله