إشكال المطار واستفزاز الجيش للأمن الداخلي: ماذا يريد محور حزب الله -عون!!

ماذا يحدث في مطار رفيق الحريري الدولي؟

مطار رفيق الحريري الدولي، من عقدة حزب الله إلى عقدة العونيين. هذا المطار الذي بات مسرحاً للانقسام السياسي والمحاصصة، تحوّل وتبعاً للمصالح الشخصية – الطيوسياسية، إلى ساحة تتصاعد فيها بورصة الفساد والفوضى والاتهامات.
وفيما لا يعد هذا التظهير لمشاكل المطار بريئاً، لاسيما وأنّه يأتي في سياق مرحلة يبحث فيها كل فريق عن قطعته من الجبنة الممثلة بالدولة اللبنانية، ولاسيما فريق “العهد” الممثل بالتيار القوي الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل. فالتيار الوطني الحر حشد جهوده مؤخراً نحو المطار متحصناً بورقة تفاهم مار مخايل، وبطموحات حزب الله الساعي لإسقاط اسم رفيق الحريري عن المطار معنوياً قبل الفعل، وذلك ببسط السلطة الكاملة عليه، إذ كما يبدو أنّ الاستباحة الجزئية لهذا المرفق لم تعد ترضي فائض القوة لدى حزب يتنفس الانتصارت بحسب مزاعمه!

وبعيداً عن كل هذا السجال، يبقى السؤال المطروح هو عن أبعاد تصويب الاتهامات بالفساد إلى طرف سياسي واحد دون الأخر، فكل أصحاب المناصب الذي يتقاطعون وتيار المستقبل أو الحريرية السياسية بشكل عام، سياسياً ومذهبياً، هم عرضة اليوم للاستهداف، وهنا لسنا بصدد الدفاع عن بعض الأسماء، بقدر ما نحاول التوقف عند مسألة التوقيت المشبوه، واستنسابية تأطير المسؤوليات وكأن المطار ليس خاضعاً لسلطة الدويلة! وكأنّ العهد الجديد لا مسؤولية له في كل هذا الترّدي الذي نشهده!

مصادر متابعة للمستجدات التي تطرأ على ساحة مطار الدولي، تساءلت في حديث لـ”جنوبية” عن تصويب الهجوم في لبنان على ما سمته بـ”الرموز السنية”، ولفتت المصادر إلى أنّ قائد سرية مطار رفيق الحريري الدولي العقيد الإداري بلال الحجار ورئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت هما من الشخصيات الأساسية في المطار والتي تدور في فلك تيار المستقبل. مشيرة في السياق نفسه إلى أنّ استهداف هذه الشخصيات أبعد من مرفق واحد، وذلك ربطاً بما يتعرض له القطاع المصرفي والشائعات العديدة التي تستهدف حاكمه رياض سلامة!

وفيما لا تفصل المصادر بين المهزلة التي حدثت اليوم بين الأجهزة الأمنية والتي كادت أن تؤدي إلى تضارب بالأيدي بين عناصر الجيش وقوى الأمن، وبين ما حدث في اليومين الماضيين فيما يتعلق بالطائرة الرئاسية وإنزال ركاب الطائرة المصرية وما تبع ذلك من تنصل للرئاسة اللبنانية من مسؤوليتها وتحميل شركة الميدل ايست ممثلة بالحوت مسوؤلية كل التقصير. تستذكر المصادر كذلك الهجوم السابق على المطار من قبل التيار الوطني الحر ووصف باسيل للوزير يوسف فنيانيوس بالـ”طشين”، وذلك في سياق معركة الحقائب والاستحواذ على حقيبة وزارة النقل والأشغال العامة!

هذا وترى المصادر أنّ ما حدث اليوم في المطار يأتي في إطار الضغوطات التي تمارس تباعاً على العقيد الحجار لدفعه إلى الاستقالة أو بأحسن الأحوال إلى طلب النقل. مؤكدة أنّ الصراع بين السرية التي يرأسها الحجار والتابعة لتيار المستقبل، وبين جهاز أمن المطار الذي يرأسه العميد في الجيش جورج ضومط المقرب من الرئيس ميشال عون، هو صراع سياسي – محاصصاتي بامتياز!

وفي التفاصيل فإنّ الخلاف الذي حدث والذي كاد أن يتطور إلى اشتباك بين قوى الأمن وعناصر الجيش، قد بدأ على خلفية انتشار عناصر تابعة للجيش اللبناني في نقاط التفتيش “السكانر” التي هي تحت نطاق مسؤولية قوى الأمن، وعلى تصوير الجيش لبعض هذه النقاط مما استفز أحد ضباط قوى الأمن وأدّى إلى حصول تلاسن بينه وبين الدورية.
هذا السجال تطورّ وصولاً إلى قيام عناصر الجيش بإبعاد قوى الامن والحلول مكانهم وتوقف التفتيش بسبب عدم إلمام الجيش بتشغيل الألات، مما دفع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى التوّجه على الفور إلى المطار والاعتذار من المواطنين، ليجتمع بعد ذلك بكلّ من رئيس جهاز أمن المطار وقائد سرية أمن المطار ورئيس دائرة  أمن عام المطار.
المشنوق الذي أعلن بعد الاجتماع أنّ الإشكال قد انتهى، وأنّ الجميع سيلتزم بأوامر وزير الداخلية. أشار كذلك إلى أنّ المدّعي العام العسكري القاضي بيتر جرمانوس قد أبلغه عن تشكيل لجنة تحقيق عسكرية لإجراء المقتضى، بالتنسيق معه.

بيان المشنوق الذي أشار بشكل ضمني إلى التداخل في الصلاحيات، تقاطع وما قاله الوزير في ردّ على سؤال صحافي، إذ أكّد المشنوق أنّ لا أحد يترأس أحداً في المطار، وذلك بعدما قالت له الإعلامية ندى أندراوس أنّ ضومط هو رئيس الحجار، لافتاً إلى أنّ كليهما يتبعان لوزير الداخلية.

إقرأ أيضاً: الحقد الإيراني على رفيق الحريري

في السياق نفسه أصدر الحجار كتاباً وجهه إلى قائد جهاز أمن المطار وكالةً وقائد فوج الإدارات العامّة، وجاء فيه:

“كثرت في الآونة الأخيرة ملاحظة عناصر سريّتنا قيام عناصر من جهاز أمن المطار بتصويرها أثناء قيامها بخدمتها سواء عند نقاط التفتيش والحراسات وأيضاً لعناصر مفرزة سير المطار.

وبعد شيوع تسريب فيديوهات لوسائل الإعلام مؤخرًا لعناصرنا أثناء قيامها بواجباتها وأحياناً تكون هذه الفيديوهات مجتزأة ولا يعرف مصدرها.
وبناءً عليه:
أوّلاً: يرجى التعميم على عناصر جهاز أمن المطار عدم القيام بهذا الأمر المخالف للقانون وللمهمّة المولجين فيها حيث أنّ هناك عددًا كبيرًا من العناصر في القاعات يمكنها القيام بمهام أمنيّة ذات فائدة أكبر من تصوير زملائهم أثناء قيامهم بمهامهم سيّما أنّ هناك كاميرات مراقبة على جميع نقاطنا في حال الاشتباه بأي مخالفة من عناصرنا، وبالتالي لا داعي لتصويرها.
ثانيًا: في حال ضبط أي عنصر يقوم بتصوير عناصرنا سنقوم بتوقيفه ومخابرة النيابة العامة العسكرية لمعرفة سبب قيامه بالتصوير وإجراء المقتضى القانوني بحقّه.
ووقع إشكال صباح اليوم بين جهاز أمن المطار التابع للجيش اللبناني وسريّة التفتيشات التابعة لقوى الأمن الداخلي، على خلفية ما اعتبره الضابط المسؤول عن سرية التفتيشات انه اشرافاً من جهاز أمن المطار على عمله بعد وضع عناصر تابعة للاخير قرب نقاط التفتيش”.

في سياق آخر، تؤكد معلومات لـ”جنوبية” أنّ الضغوطات التي تمارس على العقيد الحجار ليست وليدة اللحظة بل تعود إلى العام 2015 وتحديداً بعد توقيف أحمد ابراهيم المغسل المتهم بقيادة الجناح العسكري لما كان يعرف “حزب الله الحجاز” وبأنه مهندس تفجير الخبر في المملكة العربية السعودية، وتسليمه إلى السلطات السعودية.
هذه المعلومات تستند في ذلك إلى التقرير الصادر في تلك المرحلة عن مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجية، والذي تضمن  معلومات تشير إلى أنّ الأمن اللبناني هو من قام بإلقاء القبض على المغسل في مطار بيروت وسلمه الى السعوديين الذين ارسلوه في طائرة خاصة كانت في انتظاره على أرض المطار. فيما بيان “حزب الله الحجاز” كان قد اتهم حينها علنا تيار المستقبل والأجهزة التابعة له بهذه العملية.

إقرأ أيضاً: توسعة مطار «رفيق الحريري» وإهمال مطار القليعات: فتشوا عن «حزب الله» وعن «وزارة الأشغال»!

يبقى أنّ ما يحدث في المطار لا يمكن فصله عن الصفقات المشبوهة التي أشارت إليها أطراف سياسية مؤخراً، والتي وجه وزير العدل سليم جريصاتي كتاباً إلى  النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود طلب بموجب تحريك الدعوى العامة في هذه الصفقات عملاً بالمواد 350 وما يليها من قانون العقوبات (الرشوة واختلاس الأموال العامة والغش في أموال الدولة). مع العلم أنّ الصفقة الأولى التي أشار إليها جريصاتي تتعلق بالآلات الكاشفة على البضائع في المطار.

المستغرب هنا أنّ هذا الكتاب قد وجه في تاريخ 27 آب 2018، فيما اليوم نحن عشية الـ27 من أيلول 2018، بما معناه أنّ شهراً قد مضى ولم نسمع بأي إجراء في هذا الملف!

السابق
بعد نفي سيزار أبي خليل..رئيس شركة سيمنز الألمانية يؤكد تقديم عرضاً للبنان لتحسين الكهرباء
التالي
انحرافات الموجة الجديدة من الثورة النسوية